الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبراء الشؤون الأفريقية: انحياز حكومة فرماجو لقطر سيُبقي الصومال «بلداً هشاً»

3 مايو 2018 23:48
دينا محمود (لندن) حذر خبراء بارزون في الشؤون الأفريقية من مغبة الانحياز السافر الذي تبديه حكومة الرئيس الصومالي محمد عبد الله «فرماجو» محمد للنظام القطري في أزمته الراهنة مع جيرانه، مؤكدين أن هذا الموقف سيربك الجهود الرامية إلى إعادة إرساء السلام والاستقرار في الصومال، كما سيعرقل تطبيق خطط سحب قوة بعثة الاتحاد الأفريقي «أميسوم» - المدعومة من الأمم المتحدة - من أراضيه خلال عامين أو ثلاثة أعوام. وفي مقالٍ تحليليٍ مطول نشرته صحيفة «سونا تايمز» الصومالية المستقلة، اتهم «ميريسا كيه. ديسو» الباحث البارز في معهد الدراسات الأمنية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فرماجو بمحاولة إخفاء موقفه المتحيز بشدة لـ«نظام الحمدين»، والادعاء بأنه يتبنى سياساتٍ مستقلة من الأزمة، التي تعصف بمنطقة الخليج منذ منتصف العام الماضي. وأشار في هذا الصدد إلى أنه على الرغم من أن «الحياد» هو الموقف الرسمي المزعوم لحكومة الرئيس الصومالي حيال الأزمة الناجمة عن تشبث الدوحة بسياساتها الداعمة للإرهاب والموالية بشدة لإيران، فإن «محللين أشاروا إلى أن هذا الموقف، هو مؤيدٌ لقطر في ضوء وقوف تركيا - الحليفة للصومال وصاحبة أكبر استثمارات أجنبية فيه - وراء الدوحة» في مواجهة الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين). كما اتهم الخبير المخضرم في الشؤون الأفريقية فرماجو بالتسبب في حدوث «انقساماتٍ» بين كبار مسؤولي الحكومة الصومالية بسبب انحيازه المشبوه للدويلة المعزولة، قائلاً إنه بينما «ينحاز فرماجو ومؤيدوه إلى قطر وتركيا»، يدعم مسؤولون حكوميون آخرون - خاصةً في الولايات الفيدرالية - «الرباعي العربي»، الذي يفرض تدابير حازمةً على النظام القطري منذ الخامس من يونيو 2017، بما يشمل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية. وأبرز «ديسو» في مقاله المحاولات القطرية المستمرة للصيد في الماء العكر والاستفادة من المواقف المشبوهة التي يتخذها فرماجو وأنصاره، إذ أشار إلى إرسال «نظام الحمدين» 30 حافلةً ورافعتين إلى السلطات المحلية في العاصمة الصومالية مقديشو، بمجرد اتخاذ دولة الإمارات قرارها قبل أسابيع بإنهاء مهمة قواتها التدريبية في هذا البلد المنكوب بالإرهاب والحروب. وجاء هذا القرار رداً على التصرفات الاستفزازية المتكررة للحكومة الصومالية، والتي بلغت ذروتها في الثامن من الشهر الماضي، مع إقدامها على إيقافٍ طائرةٍ إماراتيةٍ في مطار مقديشو، رغم أنه كان على متنها مدربون إماراتيون مُكلفين بمهمة مساعدة قوات الأمن الصومالية على محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى استيلاء الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة فرماجو على نحو عشرة ملايين دولار، كانت مُرسلة على متن الطائرة نفسها لدعم الجيش الصومالي ودفع رواتب متدربين صوماليين. وقال الباحث البارز في معهد الدراسات الأمنية في العاصمة الإثيوبية إن الخطوة القطرية الخاصة بمنح هذه الحافلات والرافعتين إلى مقديشو «جعل موقف فرماجو المنحاز لقطر أكثر وضوحاً»، رابطاً بين سياسات الحكومة الصومالية الحالية - بكل ما تنطوي عليه من تبعية لـ«نظام الحمدين» - وبين التردي الحالي في العلاقات مع دولة الإمارات، التي يسهب في الإشادة بما لها من أيادٍ بيضاء على الصومال ومواطنيه بهدف انتشالهم من هوة الفقر والتخلف. وفي تأكيدٍ واضح على مسؤولية فرماجو وأتباعه عن إثارة الأزمة مع دولة الإمارات عبر انتهاج سياسات لا مسؤولة، استعرض المحلل السياسي المرموق المديح الذي كان يكيله مسؤولو حكومة الرئيس الصومالي السابق «حسن شيخ محمود»، للدعم الإماراتي لمقديشو. وأشار كاتب المقال إلى أن «شيخ محمود» شخصياً سبق أن أبدى امتنانه الشديد لرد الفعل الإماراتي السريع، على نداءٍ أطلقته حكومته لدعم عملية إعادة بناء مؤسساتها في القطاعات التعليمية والصحية والأمنية. كما أبرز المقال تصريحاتٍ أدلى بها قبل أيام «عبد الولي محمد علي» رئيس إقليم «بونتلاند»، الذي يحظى بوضعٍ شبه مستقل في الصومال، وأشاد فيها بالجهود الإماراتية التي بُذِلتْ للمساعدة على بناء قدرات الجيش الوطني للبلاد، وذلك في إشارةٍ واضحة إلى الدور البناء الذي اضطلعت به الدولة في هذا السياق، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين عام 2014، والتي تولت بمقتضاها الإمارات تمويل وإدارة برنامجٍ تدريبيٍ لقوات الأمن، تكفلت في إطاره برواتب 2407 جنود صوماليين، وأدارت كذلك ثلاثة مراكز تدريب لقوات مكافحة الإرهاب. ولم يرتبط الدعم الإماراتي المكثف بحكومة صومالية بعينها، فقد بدأ - بحسب المقال - منذ عام 2011، وشمل جوانب متنوعة ومختلفة من بينها، كما يقول الكاتب «تشكيل قوة شرطة بحرية في /بونتلاند/ والإشراف عليها، وتأسيس مركز تدريب عسكري في مقديشو وإدارته، بجانب تدريب مئاتٍ من عناصر قوات الأمن». أما على الجانب الإنساني، فقد أشار «ديسو» إلى تشييد الإمارات مستشفى الشيخ زايد في مقديشو، وتقديم الخدمات الطبية المجانية إلى ما يقرب من 300 مريض يومياً في العاصمة الصومالية، التي تعمها الفوضى وعدم الاستقرار الأمني. واتسعت رقعة الجهود الإماراتية الرامية لمواجهة الإرهاب والتطرف في الصومال، إلى العمل على تجفيف منابع تأييد الجماعات المتشددة والإرهابية هناك، عبر ما قامت به الدولة من تشييد مدارس ودور إيتام في هذا البلد، بجانب ضخها مساعدات إنمائية فاقت قيمتها 277 مليون دولار في الفترة ما بين عاميْ 1993 و2016، عبر جمعية الهلال الأحمر الإماراتي في الأساس. وكان لهذه الجهود جانبها الشعبي أيضاً، عبر حملة «من أجلك يا صومال»، التي شهدتها الإمارات العام الماضي، وجُمِعت خلالها تبرعاتٌ تُقدر بـ 165 مليون دولار أميركي، وهو ما يعني أن التبرعات والهبات التي قُدِمت من الدولة إلى الصومال شارفت نصف المليار دولار. ورغم هذه الجهود المتفانية والمساعدات السخية، استعرض كاتب المقال نماذج تثبت نكران حكومة «فرماجو» للصنيع الإماراتي، مُشيراً في هذا الصدد إلى الموقف السلبي الذي اتخذته هذه الحكومة من المشروعات التنموية التي تنفذها الدولة، في إقليم «أرض الصومال» الذي يحظى بدوره بوضعٍ شبه مستقل منذ عام 1991. ولفت «ديسو» الانتباه في هذا الصدد إلى عرقلة حكومة مقديشو في شهر مارس الماضي، لأنشطة شركة «دبي وورلد» في الصومال، ورفضها اتفاقيةً تم التوصل إليها بين الشركة والحكومة الإثيوبية وحكومة «أرض الصومال» بشأن تشغيل ميناء بربرة. ويعتبر مراقبون أن تشغيل هذا الميناء كان سيشكل مشروعاً تنموياً من الطراز الأول، إذ كان يستهدف إقامة مركزٍ إقليميٍ يتم عبره نقل المواد الخام من المناطق البعيدة عن السواحل في أفريقيا إلى العالم الخارجي بتكاليف منخفضة، وكذلك تقليص تكاليف استيراد أجهزة الكمبيوتر وتجهيزات المزارع، وغير ذلك من الآلات اللازمة لتحديث وتطوير اقتصاديات الدول الواقعة في شرق أفريقيا. كما أشار الخبير المتخصص في الشأن الأفريقي إلى ما كانت تعتزمه «دبي وورلد» من إدارة ميناء «بوصاصو» في «بونتلاند» وتطويره، وذلك في إطار اتفاقية كان من المفترض أن تستمر 30 عاماً بقيمة تناهز 336 مليار دولار، وهو ما أثار غضب حكومة فرماجو الموالية لقطر بدورها. وشدد «ديسو» على أن تلك المواقف من جانب حكومة فرماجو التابعة للدوحة، والتي أدت إلى حرمان الصومال من الكرم الإماراتي والدعم السخي الذي كانت تقدمه له الدولة، سيكون لها «تأثيرٌ متعددة الأوجه» على مهمة القوة الأفريقية لإحلال السلام في الصومال، وقدرتها على مغادرة هذا البلد بحسب خطة موضوعةٍ لها في هذا الشأن. وقال كاتب المقال إن من شأن هذه التَبِعات السلبية «إبقاء الصومال (بلداً) هشاً»، مُشدداً على أن التنظيمات المتطرفة المسلحة مثل حركة «الشباب» التابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي ستستغل ذلك الموقف «لمواصلة تهديد استقرار الصومال». وخلص «ديسو» للقول إن «استعادة العلاقات الإماراتية الصومالية» أمرٌ شديد الأهمية من أجل استئناف الدعم الذي كانت تقدمه الدولة لقوات الأمن في هذا البلد الذي تمزقه الصراعات المسلحة، وتعزيز ذلك الدعم أيضاً. واعتبر المحلل السياسي المخضرم تهيئة الظروف الملائمة لمعاودة الإمارات تقديم دعمها للصومال أمراً ضرورياً، لكي يتسنى لقوة «أميسوم» المرابطة هناك منذ عام 2007 إنهاء عملها بنجاح بحلول عامي 2020 و2021، كما يسعى لذلك المسؤولون عنها. ونقل «ميريسا كيه. ديسو» عن محللين إقليميين قولهم إن الأزمة الراهنة الناجمة عن استفزازات حكومة فرماجو للإمارات «قد تُعقّد خطة /أميسوم/ للخروج، بالنظر إلى أن الخطة تعتمد على تطوير قطاع الأمن في الصومال على نحوٍ متماسك».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©