الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهقتان، والثالثة على أهبة الصهيل..!!

شهقتان، والثالثة على أهبة الصهيل..!!
9 يونيو 2010 20:41
مساء الصمت والاحتراق إلى قلمي، في “اليوبيل الفضي” لمسيرته: (1984م ـ 2009م) (1) مثل طفل مشاكس، ومثل (مجنون يمارس سقوطه البطيء إلى ذاته).. نتوجه إليك أيها الكاتب، ببعض الجنون الذي تئده قوانين الطبع والمنشورات: هل يمكنك التخفي بين سطور النهار؟ هل يمكنك السباحة، على ظهرك، في محيطات الوجع؟ هل يمكنك العزف على أوتار القلق؟ هل يمكنك الاغتراف من الصمت، والتعامل، بكل ما أوتيت من صبر ورجاحة عقل، مع أبجدية الجنون والهذيان؟ هل يمكنك كل ذلك سيدي، حتى يمكننا القول: مساء الوجع أيها الكاتب. مساء الزئبق المطارد من أنياب الأفكار المتلبدة واللاهثة وراء السراب؟! فدائما وأبدا تصهل أفكارك بسؤال يمزقك حتى النخاع. سؤال تمزقك مرارته، وإجابة تطاردك ملوحتها: هل يحتمل أن يحيا الكاتب بلا قلم؟ وهل يحتمل أن يحيا القلم بلا إبداع؟! حتى أنك بت ليلتك تلك، تنتف شعر رأسك الكث.. شعرة إثر شعرة، وفي كل مرة تقوم بمط شفتيك، ثم تغمغم بصوت خافت: أأستسلم لهاجس الكتابة أم أتمرد عليه؟ حتى تشعر بشيء ما يمسك بك من تلابيبك، مما يثير شهية المغامرة لديك.. الأمر الذي يمكّنك من (الولوج إلى لغة البراكين النائمة)، ويمكّنك من الدخول إلى العرين (لاصطياد الكلمة) من تحت سطور الفراغ. وهكذا، هكذا أنت: تستسلم لهاجس الكتابة.. فتتحدى التحدي، وتحرق الاحتراق. (2) إذن.. أيها الكاتب: لحظة انغماس واحدة في محيط الإبداع.. تكفيك شرف إحاطة الوجع بك من كل حدب وصوب، وشرف جنون يسكنك من أعلى قمة في رأسك حتى أخمص قدميك. شرف سراب تصلب على سطوره، وشرف صمت.. يعجنوك فيه، وتزعجهم به. شرف نار، تلعب بجمراتها أناملك المرصعة بالصمود والتمرد. فمساء الإبداع أيها الكاتب.. مساء الصبر العنكبوتي والإفرازات الأخطبوطية.. مساء صهيل الأفكار في رحاب الكون.. مساء سؤال تمزقك مرارته، وإجابة تطاردك ملوحتها: هل يحتمل أن يحيا الكاتب بلا قلم ؟ وهل يحتمل أن يحيا القلم بلا إبداع ؟! حتى أنك بت ليلتك تلك محاطا بالكهرباء: هل يمكنني.. إنطاق النطق، سماع السمع، رؤية النظر، استنشاق الشم، لمس اللمس والإحساس بالشعور ؟! قراءة القراءة، كتابة الكتابة، مسابقة السباق ومنافسة المنافسة ؟! هل... ؟ وهل... ؟ وهل لنا أن نهتف معا: المجد، المجد، المجد لك.. أيتها الكتابة؟؟!! *** قوافل الصمت والهذيان إلى السينمائي الشاعر مسعود أمر الله عبد الحميد في الذكرى العشرين لهجرته (1) تأتي.. وعلى ظهرك جبال من الغم، وفي جوفك محيطات من القلق.. فأنت، كالمجنونة “هيلغا” ابنة “الجرانج”.. جائع للعودة إلى “الكل الواحد” الإغريقي. وإذن.. أنت محكوم عليك بالجنون المؤبد، مع الشغل والنفاذ! (2) تأكد.. أنا أنت، وأنت أنا !! وتذكر.. أنا لست أنت، وأنت لست أنا !! فأنت هو أنت، وأنا هو أنا !! لكن الحكم قد صدر.. أنت لست أنت، وأنا لست أنا !! فهل تتخيل كل ذلك أنت ؟! *** عيناي وعيناك، مغرورقتان بالدمع. دموعي ودموعك، تذرف من عينين يموج بهما الدمع.. في جثة ما، في ليلة ما، في زمن ما وفي مكان ما !! فهل تتخيل كل ذلك أنت ؟! *** تخيل أو لا تتخيل، ثم صدق أو لا تصدق.. فأنت تقف أمام المرآة، والناس من حولك، ترى فيها ملامحهم.. فيما أنت وحدك، تبحر في ابتساماتهم المشمعة، والمختومة على صفيحة وجه المرآة. لكن، في مركزها ثقب.. به ترى طريقهم، تسمع همسهم، تشم صمتهم، تتذوق عرقهم، تتلمس خطوهم، تستشعر نبضهم، و... انتظر: فبه أيضا.. طريقك، همسك، صمتك، عرقك، خطوك ونبضك أنت !! لكن.. تأكد : الطريق رمادي، الهمس رمادي، الصمت رمادي، العرق رمادي، الخطو رمادي والنبض رمادي !! وتذكر : الصمت حامض، العرق حامض، الجمر حامض، الجنون حامض والحموضة لذيذة !! فهل تتخيل كل ذلك أنت ؟! *** أأخبرك بشيء ما ؟ جثة تأكل جثة، جثة تطعم نبضة، نبضة تطعم جثة ونبضة تأكل نبضة !! تخيل كل ذلك أنت !! تخيل ذلك !! تخيل !! أنت.. أنا..!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©