الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روايات.. بلا قضايا كبرى

روايات.. بلا قضايا كبرى
9 يونيو 2010 20:31
يلاحظ المتابع لما يجري عربياً على مستوى الرواية الزخم الذي تصدره المطابع وارتفاع وتيرة الكتابة الروائية في العالم العربي. ولهذا من المهم أن نتوقف عند محطات ثقافية بارزة نسأل من خلالها عن المنجز الروائي العربي الذي يزيد يوما بعد يوم، حتى أن دور النشر باتت مثقلة من هذا الكم الروائي! وتساعد هذه الوقفة “الناقدة” على تحليل تلك النصوص الروائية، ونقد متونها وأفكارها وقوالبها وربما الهدف من كتابتها. من هنا كان ضروريا عقد مؤتمر حول الرواية العربية والنشر في العالم العربي الذي افتتحت أعماله في العاصمة اللبنانية بيروت. وألقى نظرة نقدية على المنجز الروائي الأدبي والمناهج المستعملة فيها على قاعدة الاجتهاد الإبداعي، الشيء الذي أفسح في المجال أيضا لإلقاء نظرة على الطابع الروائي السائد في الدول العربية. المغربية.. الجنس بعيداً وفي هذا السياق يرى الناقد المغربي د. عبد اللطيف محفوظ أن الرواية المغربية على سبيل المثال في تطور مستمر، رغم تأخر ظهورها قياسا إلى بلدان عربية كثيرة مثل مصر وسوريا ولبنان. وأرجع د. محفوظ البداية الحقيقية للرواية المغربية إلى سبعينات القرن العشرين، “لتصبح لاحقا العنصر الأدبي الأكثر إثارة للمبدعين في المغرب العربي”. ويتابع: “إلاّ أن الرواية المغربية حاولت في بدايتها تشخيص الحياة المغربية، وتقديم قصص من الواقع المغربي ولكن في قالب روائي غربي. ولكن في الألفية الثالثة بتنا نشهد قوالب فنية روائية جديدة تمزج المحلية المغربية بالعولمة السائدة. كما أن الرواية المغربية لم تهتم بقضايا الجسد والجنس التي ركزت عليها الكثير من الروايات العربية، لأن جل تركيزها كان منصبا على القضايا السياسية والحياتية المغربية بأسلوب بعيد عن التقليدية”. التونسية.. ماضوية في المقابل بدأت الرواية التونسية مشوارها في نهاية القرن التاسع، حيث كان هناك تداخل في مستوى الكتابة السردية بين الرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية والاقتباس والترجمة. ولكن مع تقدم التجربة الروائية التونسية في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين بدأ يظهر تمايز بين تلك الفنون الأدبية. وأصبح القالب الروائي أكثر وضوحا في أعمال مثل “حدث أبو هريرة” و”السد” للروائي التونسي محمود المسعدي. ويرى الناقد والروائي التونسي د. مصطفى الكيلاني “أن كل الأعمال الروائية التونسية في الأربعينات وما قبلها انطلقت من التراث والإحالة على التاريخ والنضال الوطني التونسي. وفي الخمسينات والستينات شهدت الرواية التونسية نقلة نوعية بسبب اعتماد التجريب، والابتعاد عن التأثر بالتراث التونسي. ولكن للأسف كانت هناك مبالغة في بعض الأعمال الروائية على صعيد تجريب الأساليب والنيل من عمق الحكاية وتجاوز الشخصيات من أجل كتابة نص مختلف متعدد المزايا. وفي ثمانينات القرن العشرين عادت الرواية التونسية إلى الحكاية التقليدية بعد أن أدرك بعض الروائيين مثل حبيب السالمي أن كتابة الحكاية الكاملة ضرب من الوهم، وبالتالي أصبحت الرواية أقرب ما تكون إلى السيرة الذاتية. وعدنا إلى الماضي ولكن ليس بمعناه الجمعي الواسع بل هو ماضي الذات الذي يركز على الكتابة الفردية”. إلاّ أن المشكلة الأساسية التي تواجهها الرواية التونسية حسب د. الكيلاني تتعلق بقراءة الرواية التونسية. “فللأسف لم تقرأ هذه الرواية كفاية خارج حدودها الوطنية!”. المصرية.. الهم الخاص ولعل من أهم الإشكاليات التي تواجه الكتابة الروائية اليوم ابتعادها – حسب بعض النقاد- عن القضايا الكبرى، واهتمامها بالهم الفردي. وهذا ما أكد عليه الناقد الأدبي المصري د. حسين حمودة، والذي أرجعه إلى الإحباطات العربية السياسية الكبرى التي تعرض لها المثقفون عموما والروائيون خصوصا مما انعكس على منجزهم الروائي. ويضيف “كما أن الأفكار القديمة حول القومية والعدالة الاجتماعية لم تعد موجودة، وبالتالي يحاول كل كاتب التعبير عن تجربته الخاصة في نصه الروائي”. بالإضافة إلى هذا هناك من يتحدث عن تراجع ظاهرة “الكاتب النجم” وتحديدا في مصر بسبب تقوقعه على تجربته المحدودة فلم نعد نرى أسماء كبيرة مثل نجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس أو يوسف السباعي أو يوسف إدريس وغيرهم، الشيء الذي أرجعه حمودة إلى أن الفترة التي وجدت فيها تلك الأسماء كانت تسمح بذلك. ويتابع: “وربما لعدم وجود فنون كثيرة في ذلك الوقت تنافس الفن الروائي. في حين أننا نعيش اليوم في عصر تتجاور فيه أنواع أدبية وإبداعية متعددة ساهمت في تقليص المساحة المعطاة لما يعرف بالكاتب (النجم)!”. أما عن خصوصية الكتابة الروائية المصرية فيرى د. حمودة أنها تعتمد على تراث كبير من الحكي والتعبيرات الحية المستوحاة من الحياة اليومية المصرية. حتى أن تجارب الكتاب الجدد تهتم بالحياة اليومية البسيطة. كما أن بعض الأسماء الروائية البارزة اليوم قدمت من عالم المدونات والإنترنت، وحولوا مدوناتهم إلى أعمال سردية روائية. لذلك لم يكن غريبا أن نقرأ روايات كتبت بلغة بسيطة للغاية، وروايات أخرى استعملت من بدايتها إلى نهايتها اللغة العامية، والتي تلقى رواجا كبيرا لدى القراء”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©