الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مد وجزر عمره خمسة قرون

مد وجزر عمره خمسة قرون
21 أكتوبر 2009 21:18
العلاقة بين مصر وإيران الآن ومنذ سنوات ليست في أفضل أحوالها، وهذا كان سببا مباشرا لصدور كتاب “العلاقات المصرية الإيرانية في التاريخ الحديث والمعاصر” الذي أصدره المجلس الأعلى المصري للثقافة ويضم مجموعة من الدراسات لعدد من المتخصصين، وهم جميعا من أعضاء لجنة التاريخ بالمجلس ومن المتخصصين في الشؤون الإيرانية. مصاهرة سياسية ويستعرض د. عبدالوهاب بكر العلاقة بين مصر وإيران حتى عام 1952، ويلاحظ انه طوال حكم أسرة محمد علي كانت العلاقة بين البلدين تشهد حميمية ثم فتورا، وبلغت الحميمية أوجها حين وقعت المصاهرة بين مصر وإيران بزواج ولي عهد إيران محمد رضا بهلوي من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، ولما وقع الانفصال بينهما فترت العلاقات فترة، لكن هناك أوجه شبه بين البلدين دفعت الى التقارب من جديد، كانت إيران تكافح الاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت مصر تحاول الاستقلال كذلك عن الاستعمار البريطاني وكانت الولايات المتحدة تسعى إلى التدخل في المنطقة، ووراثة الاستعمار البريطاني، وكانت عينها على مصر وإيران، مصر بموقعها المتميز وقناة السويس وإيران بثروتها النفطية ولاقترابها الشديد من الاتحاد السوفياتي، وادي وجود الزعيم الإيراني محمد مصدق والمصري مصطفى النحاس الى حدوث تقارب بين البلدين، مصدق أمم البترول من الشركة البريطانية والنحاس ألغى معاهدة 1936. ولذا دعا النحاس في العام نفسه مصدق لزيارة مصر وتم الاحتفاء به كزعيم وطني. د. أحمد الخولي يدرس العلاقة من عام 1952 إلى عام 1970، ويلاحظ ان قيام مصدق بتأميم البترول ألهب حماس كثير من المصريين فأخذوا يطالبون بتأميم قناة السويس، ولما جاءت ثورة يوليو حدث تقارب كبير بين البلدين، فقد كان مصدق ضد الأهداف الغربية وهكذا كان محمد نجيب وجمال عبدالناصر، وسارعت حكومة مصدق إلى الاعتراف بحكومة الثورة في مصر، كما جمدت العلاقة مع اسرائيل وسحبت الاعتراف بها، لكن تلك الفترة لم تدم فقد أحدث سقوط مصدق عام 1953 صدمة لدى حكام مصر، وهاجم عبدالناصر الشاه محمد رضا بهلوي كما هاجمه الاعلام المصري بسبب انقلابه على مصدق، ثم جاء تورط الشاه في حلف بغداد دافعا إلى ان يهاجمه عبدالناصر وساءت العلاقة بين البلدين حتى وفاة عبدالناصر عام 1970. وتحسنت العلاقة بين مصر وإيران بعد عام 1970 فقد نشأت صداقة بين الرئيس السادات وشاه ايران محمد رضا بهلوي وظلت العلاقات قوية حتى قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وقد نظر السادات الى هذه الثورة بتوجس، واعتبر انها محرك لتيار الاسلام السياسي وأنها تعمل على تصدير الثورة في المنطقة، وكل هذا كان يمكن تفهمه، لكن الطين زاد بلة حين استقبل السادات في مصر الشاه ومنحه إقامة بها، مستفزا بذلك الشعب الايراني وقادة الثورة، فساءت العلاقة بين البلدين، وفي عهد الرئيس مبارك لم تتحرك العلاقات كثيرا إلى الامام فكانت بين خصام حاد او فتور. منطقة مضيئة د. بديع جمعة، استاذ الادب الفارسي بجامعة عين شمس، يتوقف عند المنطقة المضيئة في العلاقة بين مصر وايران، وهي العلاقات الثقافية وهذه العلاقات لم تحدها حدود جغرافية ولم تعرقلها خلافات سياسية او مذهبية، وكانت المكتبات المصرية العامة والخاصة تعج بأمهات الكتب الفارسية ودواوين الشعراء الكبار، وفي دار الكتب المصرية ذخيرة مهمة من الكتب الفارسية مهداة، وكذلك كانت مكتبات إيران تزخر بالكتب المصرية، بل ان هناك بعض المكتبات في طهران تخصصت في بيع الكتب العربية وبخاصة المصرية منها. وبسبب عمق هذه العلاقة الثقافية كانت مصر تستقبل وفودا من الباحثين والسائحين، طلاب العلم والمعرفة وخلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان عليه القوم في إيران يمرون بمصر في طريق الحج، اذ كانوا يخرجون من إيران حتى استانبول ومن هناك يركبون الباخرة الى الاسكندرية ومنها الى القاهرة ثم السويس فالأراضي المقدسة. ويستعرض د. جمعة كتب الرحلات التي صدرت في إيران، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل العشرين، ويجد انها اهتمت بوصف مصر عموما والأماكن التي مروا بها وأشادوا بجمال الاسكندرية وتميزها وعمرانها، وأشادوا بالقاهرة وبحدائقها خاصة حديقة شبرا وحديقة الأزبكية وما تقدمه من حفلات موسيقية، كما وصفوا ميناء السويس وبواخر الحجاج ومشهد الحج في مصر. وإلى جوار هؤلاء استقبلت مصر المفكرين والثائرين الإيرانيين وغيرهم من البلاد المجاورة لفارس، مثل جمال الدين الافغاني، ويعرف في ايران باسم الأسد أبادي، الذي لجأ الى مصر بعد خلافه مع ناصر الدين شاه القاجاري، ورحب به علماء مصر ورجال الازهر وساندوه في دعوته للخلاص من النفوذ الاجنبي ومن الاستبداد السياسي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©