السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرقص الجامايكي والعزف الغجري مسك المشهد الختامي لـ«ووماد»

الرقص الجامايكي والعزف الغجري مسك المشهد الختامي لـ«ووماد»
10 ابريل 2011 17:52
في الليلة الثالثة والختامية من مهرجان “ووماد” أنشطة شتى، من بينها ورشة رقص أطلقت الأجساد من قيودها، فحلقت بأثيرية مذهلة في رحاب التوق الدفين، تمردت الأقدام على جاذبية معيقة وإن تكن مألوفة، وأسندت حراكها إلى أمنيات عنيدة مزمنة، رغبات دفينة عتيقة وجدت نفسها فجأة أمام إمكانية التحقق فاستغلتها حتى الرق الأخير، الأجساد صاغت لغتها مجدداً، تحدثت في المسكوت عنه، وباحت بمكنونات غابت طويلاً تحت ركام العادي واليومي، بدا للحظة انسجام أن الرقص هو في أصل الجسد أما الحركة المتزنة فهي مجرد إضافات عابرة إلى سلوكه. فضاء الحلم أشخاص متنوعو الألوان والأعمار والأجناس تجمعوا في مكان الورشة توحد بينهم، وهم المختلفون في كل شيء، رغبة تائقة في الانعتاق من أسر العادي والتحليق عالياً في أجواء الحلم، لمرة نادرة سارت رياح الواقع بما تشتهي سفن المخيلة فأبحر الناس جذلين صوب حالة متميزة من النشوة، لحظات كانت من الرخاء النفسي بحيث لم يرد لها أحد من المشاركين أن تنتهي، بمن فيهم المدرب ربيتون ليندسي الذي كان ربما أكثر الموجودين في الورشة احتفاء بها، لم يبد على الرجل أنه يقوم بعمله بقدر ما كان واضحا أنه يمارس شغفاً لا يشبع منه، ليندسي، مدرب الرقص من جامايكا، كان معنيا بجعل القاعة تضج بمن فيها، وبدفع الأصوات نحو حدها الأقصى، لذلك سارت الأجساد مندمجة مع الموسيقى كما في عناق محبين بعد فراق طويل، الأرجح أن الجسد الذي أرهقه الانضواء تحت سقف القواعد كان يحتاج ذريعة للخروج عليها، وهو فعل ذلك بمهارة مشهودة. مسك الختام وتجريبية لندسي كانت راسخة الحضور، فهو لا يأنس للتقليدي من الحركة، يبحث دوماً عن المختلف ويجده دوماً، هذه المقدرة الخلاقة بسطت نفوذها على المشاركين في الورشة فارتضوا العودة تلاميذ في مدرسة تخرجوا منها منذ زمن، التزموا الحركات بدقة ملفتة، بدوا كما لو أنهم شركاء في ابتكار لغة جسدية غير مكتشفة، وكانوا فرحين وهم يصوغون مفرداتها حركة تلو أخرى، ليستقيم خطاب جسدي بالغ التعبير والإقناع أن “للجسد لغته عندما تعجز الكلمات”. ختام ووماد أبوظبي كان جوران بريجوفيك، هذا النسيج الموسيقي المتعدد الهوية، بدا لائقا بمهمة إقفال الستارة على كم هائل من الإبداعات شهدها المهرجان طيلة أيام ثلاثة، حمل الرجل الغجري جيتاره الكهربائي وجاء لينفذ مهمته المعتادة في إدهاش الحضور، كان متاحاً لمن لا يعرف غوران سابقاً أن يكوِّن فكرة مبدئية عنه بمجرد أن أزف موعد حفلته، ورؤية الحشود الهائلة من المتابعين تهرع راقصة إلى مكان الحفل، بدا جليا أن متابعي الغجري يضنون بأي لحظة متاحة للتواصل معه، كما يحرصون على أن يكون تفاعلهم مع عالمه الصاخب ذا سمة احتفالية تشبه أداءه المميز. ولا يحتاج المتابع إلى جهد كي يستنتج أن جمهور بريجوفيك يشبهه، إذ يتقاطع المتلقي مع الفنان عند الرغبة الكامنة في تفعيل لحظات المتعة المتناسلة إلى آخر الممكن، كما يتوافق الطرفان عند كون الموسيقى وسيلة انطلاق نحو عوالم متجددة، متمايزة في إيحاءاتها المبهرة، مجدداً كان الجنون الإبداعي سيد اللحظة، ومجدداً أيضاً كان للتنويع الذي تمثله الفرقة بين صربيا ومقدونيا وبلغاريا إضافة للنزوع الغجري نحو الارتحال الدائم أن منح موسيقاها نكهة متفردة، نكهة يندر أن تحظى بمثلها منصة موسيقية موحدة الهوية. التمازج مصدر ثراء للعبة الإبداعية، لكنه يحتاج إلى مراس خبير كي يكون لعناصره المكونة قدرة التكامل والإندماج. هذا بعض ما فعله الغجري في الأمسية الختامية للمهرجان الرائع.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©