الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران والغرب... أهداف التفاوض

إيران والغرب... أهداف التفاوض
6 ابريل 2013 12:10
علي فائز محلل الشؤون الإيرانية في مجموعة «الأزمات الدولية» شيء ما تغير في المباحثات النووية التي دارت بين إيران والقوى الدولية خلال الشهر الماضي بكازاخستان، فلأول مرة تفاوض الطرفان بحماس واضح، واختفت الشروط المسبقة والمحاضرات الطويلة التي طغت على جلسات الحوار الفائتة. وبدلا من المطالب المسبقة وعالية السقف مقابل وعود مستقبلية غير واضحة ناقش مبعوثو الطرفين الإيراني والدولي خيارات واضحة ومتبادلة، كما أن الطرفين وصفا اللقاءات بأوصاف إيجابية تراوحت بين “المفيدة” و”المحورية”، لكن لقاء المتابعة الذي تلا المباحثات واستضافته إسطنبول ودار بين مسؤولي مراقبة التسلح لدى الجانبين كشف استمرار الهوة بينهما في حجم الانتظارات المرتقبة، وهو تذكير مهم بمدى هشاشة عملية التفاوض وعدم اكتمالها في ظل صعوبة التوصل إلى اتفاق. كما أن التصورات الخاطئة لكل طرف عن الآخر وسياسة حافة الهاوية قد تحول مناسبة التفاوض الحالية إلى إحدى الفرص المهدرة؛ لذا وفيما يستعد الطرفان للالتقاء خلال الأسبوع الجاري في جولة أخرى من المفاوضات بكازاخستان فإنه يتعين عليهما التركيز على ما يمكن تحقيقه سياسياً ولوجستياً في هذه المرحلة وعدم رفع سقف التواقعات بما يتجاوز الواقع والمتاح، ولعله من التحديات التي تواجه الإيرانيين كما الغربيين هي الشكوك التي تنتاب كل طرف إزاء التزام الآخر بالدبلوماسية. واشنطن والأوروبيون لا يعتقدون أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات قبل الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو المقبل، فيما تخشى طهران من جانبها دخول عملية تفاوضية ستبادل فيها تنازلاتها بتخفيف جزئي للعقوبات الاقتصادية يمكن النكوص عنه، لكن شكوك الطرفين معاً غير مبنية على أساس صحيح. فالقرارات المهمة في إيران ما زالت بحوزة المرشد الأعلى، وهي ليست في يد أحد آخر ينتظر أن يخلف نجاد، ورغم أن طهران تفضل عدم التوصل إلى الاتفاق على التوصل إلى اتفاق سيئ يبقى في النهاية الاتفاق الجيد أحسن من عدم التوصل إليه، فأي اتفاق يطمئن الأسواق الإيرانية كما فعل ذلك لقاء “ألمآتا” الأخير ، سيساعد في عملية الانتقال لما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية. كما أن موافقة إيران على عقد تلك المباحثات قبل موعد الانتخابات، ورغم تزامنها مع عطلة السنة الجديدة (بالتوقيت الفارسي)، يدل على انفتاح إيران على التوصل إلى حل، ناهيك عن التقدم الذي أحرز في المفاوضات الأخيرة بكازاخستان رغم تواضعه. فالمقترح الجديد الذي أتت به دول «5 +1 » أعاد صياغة التنازلات النووية المتوقعة من إيران وطرح من بين أشياء أخرى التخفيف من القيود المفروضة على تجارة الذهب وبيع المنتجات البتروكيماوية. لذا يتعين على إيران الاعتراف بأن المقترح المقدم من الغرب يناقض مخاوفها من أن العقوبات ثابتة ولا تحول فيها، لكنها عليها أيضاً ألا تتوقع الكثير، فبالنظر إلى مستوى انعدام الثقة الكبير والعراقيل القانونية المضمنة في نظام العقوبات فإنه من غير الواقعي حصول إيران على عرض سخي، بل حتى الحوافز المتواضعة التي طرحها الغرب ستفرض على أوباما إقناع الكونجرس المعادي لإيران وباقي الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي، وبالطبع من المحتمل جداً أن يركز المتشددون في الجانبين على التصعيد لإهدار الفرصة الدبلوماسية المتاحة وتمديد السباق بين تكثيف العقوبات من جهة وبين المزيد من أجهزة الطرد المركزي من جهة أخرى. لذا يتعين كسر هذه الحلقة المفرغة حتى في ظل صعوبة التخلص من إرث السنوات العشر الماضية من الشكوك بين عشية وضحاها، فشبكة العقوبات التي تكبل إيران اليوم متشابكة إلى درجة يصعب معها فكها نهائياً دون تغيير جوهري في سياسات طهران الداخلية والخارجية. كما أن توسيع برنامج إيران النووي، جاء بكلفة عالية يصعب معها على القيادة تبرير أي تراجع بشأنه دون رفع حقيقي وتام للعقوبات، حتى لا يبدو مجمل المشروع النووي وكأنه حماقة سياسية واقتصادية كبيرة. وللتحلي ببعض الواقعية لا بد من إدراك أن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تتمكن البيروقراطية الدولية من رفع العقوبات واستعادة العلاقات التجارية العادية مع إيران مقابل الحد من الأنشطة النووية. وبالمثل سيستغرق الوقت أيضاً من الأمم المتحدة سنوات قبل أن يتمكن مفتشوها من التنقيب عميقاً في أنشطة إيران النووية على مدى السنوات الفائتة وزيارة المواقع المشتبه فيها، أو حتى إجراء لقاءات مع العلماء الإيرانيين لضمان أن البرنامج موجه فعلا لأغراض سلمية. وبدلا من هذه التوقعات غير الواقعية، على إيران التركيز على خطوات قابلة للتحقيق يمكنها من خلالها تبديد المخاوف الآنية للطرفين، وفي هذا السياق يمكن لإيران تعليق تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 في المئة باعتباره أحد المطالب الملحة للقوى الغربية، هذا التنازل يستحق في المقابل ردة فعل متساوية من الغرب من خلال السماح لإيران بولوج السوق المالية والاستفادة من العملة الصعبة وتخفيف العقوبات على صناعتها البتروكيماوية. ومع أن مثل هذا الاتفاق ليس مثالياً على المدى البعيد، إلا أنه في جميع الأحوال أفضل من لاشيء فتبادل التنازلات بين الطرفين يعزز المسار الدبلوماسي ويعيد الثقة إلى الأطراف، لكن مع ذلك سيظل الإشكال مستمراً ما لم يوضح الهدف النهائي منذ البداية. فبالنسية لإيران يتمثل الهدف النهائي في الاعتراف المبدئي بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، أما بالنسبة للقوى الدولية فيتجسد في موافقة إيران على الابتعاد نهائياً عن امتلاك أي قدرة نووية توصلها إلى السلاح النووي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©