السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلة مرورية إلى القرن 21

مشكلة مرورية إلى القرن 21
19 أكتوبر 2009 22:22
تقول الأخبار بأن الشرطة المصرية ألقت القبض على سائق «ميكروباص» عمومي مبتور اليدين، ويستخدم طرفا صناعياً. وهو مصاب بشلل الأطفال، ولا يملك رخصة قيادة ولا رخصة (تسيير)، وذلك خلال قيادته للحافلة الحبلى بالركاب في شارع الهرم. لا أعرف الضبط لماذا تعاطفت مع هذا السائق، مع أنه قد يعرض أرواح الركاب والمارة للخطر- ربما - أكثر من غيره من السائقين. لكنه لم يكن قد اقترف حوادث من قبل، وإلا لكان تم اكتشافه من قبل.. إنه بالفعل (مناضل) حقيقي يفترس اللقمة، له ولأسرته، من فم المستحيل، بدل أن يستثمر عاهته شحاذا على الأرصفة، يستجدي عطف المارة...هذا السائق فضّل الشوارع على الأرصفة، وفضل افتراس اللقمة بدل استجدائها من الآخرين، وينبغي أن يمنح وسام شرف بدل اعتقاله. في ذات الحملة التفتيشية، ألقت الشرطة القبض على 65 سيارة تسير عكس الاتجاه، و35 سيارة بدون لوحات، و35 سائقا بلا رخصة قيادة.. لاحظوا معي أن الأمور كانت سالكة: حوادث السير ضمن النسب المعقولة، كذلك نسبة الوفيات والإصابات وما شابه ذلك من قضايا إحصائية. ولن تنخفض هذه النسب بعد مخالفة هؤلاء وزج بعضهم في السجون. الخبر تناقلته وسائل الإعلام ووكالات الأنباء على قائمة الأخبار الطريفة والمشوقة للقارئ، لكن نظرة أكثر شمولية للأمور سوف توصلنا إلى نتيجة أن هذا الخبر ليس طريفا ولا مشوقا؟ بل هو ممارسة يومية في العالم العربي المحشور بين محيطين وقارتين وإسفين إسرائيل يعبث في الخاصرة، لا بل في القلب. هناك قيادات سياسية واقتصادية وثقافية تتولى قيادة باصات التنمية والتحديث والولوج إلى القرن الـ21، وهي مبتورة العقول والضمائر، ولا أحد يشكو ولا أحد يحتج، وتؤدي لهم شرطة السير، وبقية الأجهزة الأمنية، التحية والاحترام صباح مساء. قيادات بلا رخصة وتسير عكس السير، ولا تأبه للإشارات المرورية، ولا تأبه لقواعد السير على الإطلاق. لكني أعترف أن هذه القيادات بأيد غير مبتورة، لا بل هي طويلة أكثر من اللازم وتصول وتجول في خزائن الدول بلا حسيب ولا رقيب، وأعترف أيضا أنها غير مصابة بشلل الأطفال، لكنها «متكسحة» على مقاعدها ومناصبها منذ الولادة حتى حشو المؤخرة بالقطن غير المعقم. وأعترف بأن هذه القيادات تتحكم بالركاب كما تشاء وترمي من تشاء من الشباك وتدهس من تشاء، ولا حسيب ولا رقيب سير ولا أمن. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©