السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تراجع الدولار... هل يُنعش الاقتصاد الأميركي؟

تراجع الدولار... هل يُنعش الاقتصاد الأميركي؟
18 أكتوبر 2009 01:31
رغم المخاوف التي يثيرها تراجع الدولار من ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة وتآكل قوة أميركا على الساحة الدولية، يبقى هذا التراجع في الوقت الحالي الدواء الذي يحتاجه الاقتصاد الأميركي لاستعادة عافيته والوقوف على رجليه، فبانخفاض سعر المنتجات الأميركية الموجهة للتصدير وجعلها أقل تكلفة بالنسبة للمستهلك الأجنبي يلعب الدولار دوراً مهماً في مساعدة الشركات الأميركية على دعم مبيعاتها الخارجية والترويج لبضاعتها في الأسواق الدولية. هذا فضلا عما يوفره الدولار المنخفض من فرص تنافسية في السوق المحلية مقارنة بالسلع الأجنبية والتي غالباً ما تكون أرخص من المنتجات المحلية وتزاحم الشركات الأميركية. فقد واصل الدولار انحداره للشهر الرابع على التوالي ليصل يوم الخميس الماضي إلى أدنى مستوى له خلال العام الجاري مقارنة بباقي العملات الرئيسية في العالم، بحيث يتطلب الأمر 1.49 دولار لشراء يورو واحد مقارنة بـ 1.26 قبل سبعة أشهر، ويتوقع العديد من الخبراء أن يستمر الدولار في انخفاضه خلال الشهور القادمة. وإذا كان لهذا التراجع في قيمة الدولار جوانبه السلبية المتمثلة في ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة مثل النفط بعدما فاق سعر الخام 77 دولارا للبرميل ليصل إلى أعلى مستوى له خلال عام كامل بسبب التراجع الملحوظ في الدولار، إلا أنه بالنسبة للشركات الأميركية مثل شركة «بلوسون» التي تصنع النظارات الواقية وباقي معدات الحماية فقد ارتفع حجم الطلب على سلعها من البرازيل بعدما أصبح الحصول على ما قيمته 10 آلاف دولار من النظارات الواقية يتطلب 17 ألف ريال برازيلي مقارنة مع 27 ألف ريال في شهر مارس الماضي. وحتى الشركات التي لا تصدر منتوجها للخارج أصبحت في وضع يؤهلها للاستفادة من الدولار المتراجع، لا سيما قطاع السياحة بما في ذلك الفنادق والمطاعم والمحلات التي قد تشهد انتعاشاً في حجم أعمالها لتوافد أعداد أكبر من الزوار بعد انخفاض الأسعار، وهو ما تؤكده إحدى وكالات الأسفار في نيويورك التي أصبحت تتلقى طلبات أكثر للاستفسار حول الأسعار من قبل الأجانب لزيارة الولايات المتحدة. وتنسحب الفائدة أيضاً على الشركات متعددة الجنسيات المستقرة في أميركا بفضل مبيعاتها الخارجية، وهو ما يفسر ارتفاع أسهم الشركات في تعاملات وول ستريت إلى ما فوق 10 آلاف نقطة خلال الأسبوع الجاري. وبالطبع لن يكون انخفاض الدولار في صالح الأميركيين الذين يرغبون في زيارة باريس أو لندن، أو أستراليا. لكن رغم ذلك هناك العديد من الأسباب تدفع المضاربين والخبراء الاقتصاديين للمراهنة على انحدار الدولار، فقد شهدت العملة الأميركية تراجعاً منذ العام 2002 لتتحسن بشكل مؤقت خلال فصل الخريف الماضي عندما سارع المستثمرون الدوليون بعد اندلاع الأزمة إلى ضخ أموالهم في سندات الخزينة الأميركية الآمنة، إلا أنه وابتداء من شهر مارس الماضي. وبالنظر إلى الإشارات الإيجابية للاقتصاد العالمي شرع المستثمرون في بيع الدولار أو إقراضه للحصول على مداخيل أكثر في الأسواق الآسيوية الناشئة. ويعكس الدولار المنخفض أيضاً مخاوف من تراجع الاقتصاد الأميركي بسبب ديونه الكبيرة والعجز التجاري المتنامي، فضلا عن توجس البعض من ارتفاع معدلات التضخم. ورغم أنه لا أحد يتوقع انهيارا شاملا للدولار الأميركي ينتظر معظم الخبراء مزيداً من التآكل في قيمته بسبب توجه المستثمرين نحو البنوك التي تدفع فوائد أكبر، وفي التصريحات الرسمية كرر وزير الخزانة «تيموثي جايثنر» اللازمة المألوفة عن أن أميركا تفضل دولاراً قوياً، إلا أن ذلك لا يخفي ومعه فريق أوباما الاقتصادي الذي يصارع لوقف نزيف الوظائف وارتفاع البطالة ارتياحهم لانخفاض الدولار، وهو ما يؤكده «سيمون جونسون» أحد الخبراء الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي قائلا «إنه أمر جيد بالنسبة للإدارة الأميركية. ففي هذه الظروف التي ينخفض فيها التضخم يساهم الدولار المتراجع في خلق المزيد من الوظائف». ويعتقد البعض أن انحدار الدولار قد يساعد إدارة أوباما على إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي والذي يرى الخبراء أنه يعتمد بشكل مفرط على المستهلك الأميركي ما قد يدفع الاقتصاد الأميركي نحو التصدير، وفي تصريحات أخرى لوزير الخزانة الأميركي خلال الأسبوع الماضي قال إن «الأولية الآن هي تقوية الاقتصاد ثم بعد ذلك سأقلق على تراجع قيمة الدولار». وبالنسبة لشركة «مارلين» لتصنيع الأسلاك الفولاذية قال «درو جرينبات» رئيس الشركة إن انخفاض الدولار جاء لصالح شركته، متوقعاً ارتفاع نسبة الصادرات إلى 25 في المئة خلال السنة الجارية وهو ضعف ما صدره خلال العام 2008 . وبالطبع لن تساهم التغيرات الحالية التي يشهدها الدولار والنزول الحاد في قيمته في مساعدة مليوني عامل أميركي فقدوا وظائفهم خلال الركود الاقتصادي، فالسوابق التاريخية تشير إلى أن الدولار المتراجع لن تظهر نتائجه الإيجابية على الاقتصاد الأميركي إلا بعد سنة أو أكثر بسبب تأخر طلبات الاستيراد والشحنات وغيرها من الأمور اللوجستية التي تبدأ متأخرة، وحتى مع ذلك لن تتجسد الفائدة من انخفاض الدولار إلا إذا شهد الطلب العالمي ارتفاعاً ملحوظاً وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد. دون لي- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©