الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الكينية··· اعترافات اللاعبين

الأزمة الكينية··· اعترافات اللاعبين
9 أغسطس 2008 01:32
في يناير المنصرم، شهدت كينيا، إحدى أكثر ديمقراطيات أفريقيا استقراراً، صراعاً أهلياً عنيفاً كاد يمزقها· كيف نجت من ذلك؟ فيما يلي يروي اللاعبون الرئيسيون بعض تفاصيل ما حدث· قد يبدو اختيار ويليام روتو ليكون مفاوض سلام غريباً بعض الشيء نظراً لهيئته البدنية التي تشبه هيئة ملاكم، وسمعته السياسية أيضاً· ففي الأسابيع التي سبقت جلوسه على طاولة مفاوضات السلام الكينية، عُرف روتو بخطاباته النارية أثناء الحملة الانتخابية في دائرته بالوادي المتصدِّع· بل إن منتقديه، ومنهم منظمة ''هيومان رايتس ووتش''، يتهمونه بإشعال العنف العرقي في المنطقة التي كانت مسرحاً لبعض من أسوأ أنواع الاقتتال· كان شعار حملته هو ''ماجيمبو!''، وهي كلمة باللغة السواحيلية تترجمها حركته الديمقراطية البرتقالية بـ''الجهوية'' -أي نقل السلطة إلى الولايات والأقاليم· وفي السابع عشر من أكتوبر الماضي قال روتو أمام جمع من الأنصار المهيجين بمدينة كيزيريان: ''إن موجة (ماجيمبو) قائمة لا يمكن إيقافها··· إنها الطريقة الوحيدة لضمان توزيع عادل للثروات''· ولكن ''ماجيمبو'' كانت تنطوي بالنسبة للكثير من أنصار روتو على دلالة خاصة: منح السيطرة على المناطق الرئيسية والمهمة للأغلبيات القبلية· وفي الوادي المتصدع تحديداً، كان ذلك يعني منح ''الكالينجين'' -المجموعة العرقية التي ينتمي إليها- حق اتخاذ كل القرارات المحلية وطرد الأقليات العرقية إلى مناطقها· واليوم، يقول روتو إن أعمال العنف التي اندلعت عقب انتخابات السابع والعشرين من ديسمبر كانت ''تلقائية وعفوية''· والمشكلة، كما يقول، إنما فجرتها الانتهاكات المستمرة للقانون والتلاعب بالأصوات وتنصيب الرئيس كيباكي بشكل مرتجل وسريع· والواقع أن الرئيس مواي كيباكي، الذي كان في القصر الرئاسي وقت اندلاع أعمال العنف، كانت لديه أيضاً مساعدة متشددة هي: مارثا كاروا التي خلقت لنفسها سمعة كمحامية ومدافعة عن حقوق المرأة في كينيا· وتعد كاروا، التي عُرفت بصلابتها وعدم استسلامها، المرأة الثالثة التي تنتخب عضواً في البرلمان الكيني· وخلال حملة انتخابات 2007 وأعمال العنف التي أعقبتها، صعدت كاروا إلى الواجهة كأحد أقوى الأصوات المدافعة عن كيباكي، واتهمت الحركة الديمقراطية البرتقالية، حزب المرشح الرئاسي المعارض رايلا أودينغا، بممارسة ''التطهير العرقي'' في المرحلة التي تلت الانتخابات· واليوم، تقول كاروا إن شخصاً ما كان لابد أن ''يقف في وجه مرتكبي أعمال العنف بعد أن تمت شرعنة العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة··· ومن الواضح أن العنف كان متعمداً ومقصوداً، ولكن المجتمع الدولي لم يكن يريد أن يسمع شيئاً عن ذلك''· خلال الأيام الأولى من أعمال العنف التي اندلعت في يناير، كان المتشددون مثل روتو وكاروا هم من قاد هاتين الحركتين السياسيتين إلى مواجهة يومية تقريباً كادت تتسبب في تدمير بلدهما· فبحلول منتصف يناير، كان الاقتصاد الكيني يخسر 80 مليون دولار يومياً بعد أن أغلقت الشركات والمتاجر أبوابها وغادر السياح الشواطئ وتوقفت الرحلات في الأدغال الكينية· كما فوجئت البلدان المجاورة مثل أوغندا ورواندا والسودان والكونجو بانقطاع إمدادات الغازولين التي تأتيها عبر الموانئ الكينية· وعلى طاولة المفاوضات بفندق سيرينا، قام روتو وكاروا بدوريهما كممثلين ومدافعين عن حزبيهما، ولكنّ نوعـــاً آخر من الشخصيات صعد إلى الواجهة كذلك: الساعون إلى عقد الصلح· في جانب الرئيس كان هناك موتولا كيلونزو المعروف بحذقه وقدرته على حل مشكلات الفريق· فبينما كان الأعضاء الآخرون يتشبثون بمواقفهم من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، كان كيلونزو يبدو منهمكاً في تدوين الملاحظات، ويتعامل مع المفاوضات كأحجية يجب حلها· والواقع أن اللوحة الموجودة في مكتبه القانوني وسط المدينة تلخص جيداً المقاربة التي يتبناها: ''إذا لم تستطيع التغلب عليها، أو الالتفاف عليها، أو اختراقها، فتفاوض معها''· أما الساعي وراء الصلح في جانب الحركة الديمقراطية البرتقالية، فهو جيمس أورينغو، المحامي والإصلاحي الذي ساهم خلال عقـــد التسعينيــــات في إنشــاء أول حركة سياسية حقيقية تهدد الرئيس دانييل أراب موي· غير أن رغبة الرجلين في مناقشة بعض التنازلات كانت تتسبب في توتر داخل فريقيهما· فعلى سبيل المثال، تدخلت زعيمة الفريق كاروا أكثر من مرة لكبح جماح كيلونزو بخصوص الاتفاق حول اقتسام السلطة، وذلك عبر تكرار لازمتها المعهودة: ''الرئيس كيباكي هو الرئيس المنتخب قانونياً·· إذا كانت المعارضة ترغب في الانضمام إلى حكومته، فعليها أولاً أن تعترف بأنه هو الرئيس المنتخب قانونياً''· وقد حاول الساعون إلى الصلح الحيلولة دون خروج المفاوضات عن سكتها بالكامل، ولكن التقدم ظل بطيئاً· أما بالنسبة لكوفي أنان، الوسيط الرئيسي في المفاوضات، فإن المحاثات لم تكن أبداً بالسرعة المطلوبة، ولم تكن لحظات هانئة· فعلى غرار أول تجربة له في الوساطة الدولية -في 1998 سافر إلى بغداد بصفته أميناً عاماً للأمم المتحدة في محاولة فاشلة بغية حث صدام حسين على القبول بعمليات التفتيش الأممية- كانت جهود أنان في كينيا عبارة عن ''سباق ضد الزمن''· وخلال المحادثات، كان أنان يسمح للجانبين بمناقشة نقطة ما، ولكن ليس إلى ما لا نهاية، غير أنه بحلول الأسبوع الثاني، بدأت عادته المتمثلة في قطع النقاش والانتقال إلى الموضوع التالي تثير حفيظة كاروا التي اشتكت من أن الوتيرة سريعة جداً· وفي هذا الصدد يعترف أنان قائلاً: ''أحياناً كثيرة كانوا يشعرون بأنني كنت أمارس عليهم ضغطاً كبيراً··· ولكن المواضيع كانت بالغة الأهمية وكان علينا أن نجد حلاً بأسرع وقت ممكن''· سكوت بالدوف - نيروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©