الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك المصرية تقتحم قطاع تمويل المشروعات الصغيرة

البنوك المصرية تقتحم قطاع تمويل المشروعات الصغيرة
17 أكتوبر 2009 00:18
بدأت البنوك المصرية اقتحام قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر الذي يضم شرائح وفئات متنوعة ولا يخضع في معظمه لأي عمليات مسح إحصائي أو اقتصادي من جانب الدولة. ونظمت البنوك حملات إعلانية حول تخصيص محافظ مالية لتمويل هذا القطاع، وأنشأت إدارات خاصة لهذا الغرض في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية. وأوضحت الأزمة المالية العالمية خطورة تركيز المؤسسات المصرفية على مجالات محدودة من قنوات التمويل التي التهمت جزءاً كبيراً من محافظها، مثل التمويل العقاري والمضاربة في الأوراق المالية الخاصة بهذه القروض على المستوى الدولي. والواضح أن هذا العامل بالنسبة لمصر، ليس الوحيد الذي فتح شهية البنوك التجارية المصرية العامة والخاصة لاقتحام قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. فمن واقع دروس الأزمة المالية العالمية، تبين لهذه البنوك أنه ليس من الحكمة أن تضع أموالها في وعاء واحد، والمقامرة بها في تمويلات كبيرة لرجال أعمال قد يواجهون التعثر، وبعضهم قد يهرب بها إلى الخارج، في الوقت الذي توجد فيه شرائح تبحث عن تمويلات صغيرة، وبأسعار فائدة معقولة تناسب قدرتها على السداد وبلا تعسف في فرض ضمانات فوق طاقة الشخص العادي مثل رهن منزله أو متجره. وإذا قامت البنوك بتطبيق معايير منح القروض لهذه النوعية من المشاريع، فإنها قد تحجم عن تمويلها، خاصة إذا تعثر المقترضون في السداد وهم في الغالب فقراء لا يمكن الحصول منهم على شيء في حالة التعثر. بيد أن تجربة كثير من الجمعيات الأهلية وجمعيات رجال أعمال، أثبتت أن حسن اختيار المقترض وقدرته والمشروع الذي يمول، تزيد كفاءة وقدرة المقترض على السداد، حيث أن نسبة السداد لهذه القروض وصلت إلى أكثر من 90%، وهو ما يعني أن البحث عن طرق أخرى قد يساعد البنوك على اقتحام ناجح لهذا القطاع، والمشاركة في تمويله إذا قامت الدولة بدعمه. وتم اختيار المشاريع التي تمول بناء على أسس اقتصادية وتجارية بالدرجة الأولى، لتحقيق مكافحة الفقر وتحويل الفقراء إلى منتجين ومساهمين في التنمية. وقال مصرفيون إن عدم إسراع البنوك المصرية العامة والخاصة باتخاذ خطوات عملية وسريعة لاقتحام هذا القطاع والبدء في تمويله يؤدي إلى ظهور مؤشرات تؤثر بالسلب على قدرة البنوك المصرية على قيادة العمل المصرفي المنظم في المجتمع بعد أن استغل كثير من الأفراد والجمعيات الأهلية غير المرخصة حاجة البسطاء إلى الحصول على تمويل لمشاريعهم المتناهية الصغر والتي تتراوح بين ألف إلى 5 آلاف جنيه. وقام هؤلاء بإقراضهم بفوائد ما بين 30 إلى 50% من قيمة القرض، ما أتاح للأفراد والجمعيات تكوين شركات تمويل خاصة على غرار شركات توظيف الأموال التي ظهرت بقوة في مصر في عقد الثمانينات من القرن الماضي وشكلت خطورة على الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة، مما دفع صندوق النقد الدولي إلى تحذير الحكومة المصرية من استفحال نفوذ هذه الشركات. ووجد البنك المركزي المصري في ظهور هذه الشركات مرة أخرى خاصة في الريف خطورة على عمل الجهاز المصرفي المنظم الخاضع للرقابة من البنك المركزي وأجهزة أخرى في الدولة، لتأمين سلامة الاقتصاد القومي. لذلك لابد أن يقوم الجهاز المصرفي الرسمي بدور إيجابي لسد الفجوة التمويلية الموجودة حالياً في قطاع المشروعات الصغيرة، وباستخدام آليات مقبولة من المقترضين وضمان سهولة الوصول اليهم. ومن واقع الممارسة الفعلية للصندوق الاجتماعي المصري للتنمية في هذا المجال، فإن الوصول إلى البسطاء أو الباحثين عن قروض سهلة أو مبالغ صغيرة لتمويل مشروعاتهم الخاصة وهي في الغالب مشروعات عائلية بسيطة، يصطدم بعدم وجود فروع للبنوك التجارية في القرى والمناطق النائية، إضافة إلى أن كثيرا من المصريين يرون أن الاقتراض من البنوك التقليدية «حرام شرعاً لأنه ربا». وهنا فإن الجمعيات الأهلية وبعض الأفراد يستغلون هذه النزعة الدينية كما قال الدكتور هاني سيف النصر مدير عام الصندوق الاجتماعي، مشيراً إلى أن الصندوق يراعي ذلك بإتاحة جميع أنواع التمويل بما فيها التمويل على الطريقة الإسلامية، وقام بخفض الفائدة على جميع أنواع القروض بما لا يقل عن 2% عن السوق المصرفية. وتصل نسبة الفائدة تقريباً إلى الصفر بالنسبة لقروض المرأة المعيلة. ولكن المشكلة تكمن في آلية الوصول لجميع المحتاجين لهذه القروض، وإن كان الصندوق يساعد الراغبين من الشباب على إقامة مشاريع في اختيار المشروع ودراسته التسويقية. ويقوم الصندوق بتمويل ثلاثة أنواع من المشاريع تشمل الامتياز التجاري «الفرنشايز» والمشروعات الغذائية ومشروعات الحرف التراثية بجميع أنواعها، إضافة إلى المشاركة في توفير مجمعات الورش والمحال الجاهزة للمشاريع في منطقة الصعيد. ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية من خلال الصندوق الاجتماعي وصناديق المحليات والجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، إلا أن هناك من يطالب بأن تتغير النظرة الاقتصادية الرسمية لهذه المشاريع من اعتبارها مشاريع ذات غرض اجتماعي إنساني تستهدف الحد من الفقر إلى مشاريع تتم الموافقة عليها بناء على أسس اقتصادية وتجارية، وبطريقة تستهدف دعم وزيادة القدرة التنافسية لقطاع المشاريع الصغيرة، لتقوم بدور مهم في عملية التنمية. ولذلك يطالب هؤلاء بضرورة أن تهتم وزارة الصناعة والتجارة بزيادة نصيب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر من كعكة مبالغ التصدير التي تخصصها الدولة لقطاع التصدير والتي تستحوذ على النصيب الأكبر منها المشاريع الكبيرة والمتوسطة الحجم، بينما تتوارى المشاريع الصغيرة وراء العقبات التي تقف أمام استفادتها من التمويلات الدولية التي تتاح من الاتحاد الأوروبي أو من جهات تمويل أخرى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©