الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخيراً.. زوجي يعتذر

أخيراً.. زوجي يعتذر
4 ابريل 2013 20:17
(القاهرة) - الفارق بيننا في العمر اثنا عشر عاماً، لم أعرفه قبل أن يخطبني، ولكن عندما تقدم ليطلب يدي وسمعت نظرياً مواصفاته وأخلاقه تمنيت من كل قلبي وكنت أصلي وأدعو ربي أن يجعله من نصيبي. لم تكن بيننا أي حوارات في فترة الخطوبة القصيرة التي لم تتعد ستة أشهر، فنحن نلتزم بعادات وتقاليد صارمة جعلتني أصلاً في انقطاع تام عن الرجال وعندنا لا يسمحون للمخطوبين باللقاء تحت أي ظرف ولا الجلوس معاً حتى في وجود الأهل، ولم تكن أمنيتي بأن أتزوجه نابعة عن نقص أو رغبة في أي زوج، وإنما هو اقتناع به وبشخصيته وبما نقلوه عنه لي. المرَّة الأولى التي رأيته فيها عن قرب بشكل جيد يوم أن ذهبنا لشراء «الشبكة»، وقد كان هذا في الماضي ممنوعاً على العروس، لكن أصبح مسموحاً الآن مع التطور والمدنية، ويجوز السماح لها بأن تبدي رأيها في القطع الذهبية همساً بأن تبلغ رأيها لأمها التي تعلنه من جانبها. كانت رؤيتي له في هذا اليوم حدثاً مهماً في حياتي فقد شعرت بأحاسيس غير مسبوقة لا أستطيع وصفها أو التحدث عنها لأنها جديدة ولم أشعر بمثلها من قبل، لكن يمكن إيجازها واختصارها في كلمة واحدة هي السعادة غير أن هذه السعادة، وتلك المشاعر لم تستمر أكثر من ساعة بعدما تدخل عمي وحاول أن يملي شروطه على العريس ويختار قطعاً ذهبية وتشكيلات كبيرة وثمينة وهو يردد أن بناتنا تستحق أكثر من ذلك، بل وزاد في كلامه وهو يتحدث بنبرة حادة وبلا داعٍ أن من لا يستطيع أن يستجيب للمطالب ويقدم المهر الذي أستحقه فعليه أن ينسحب. ولم يمر الموقف بسلام وتحول بالفعل إلى تلاسن بين أفراد الأسرتين لولا تدخل العقلاء من الحضور، خاصة من أهلي وأولهم أبي بعد أن فطنوا إلى أن عمي كان يقصد محاولة فسخ الخطبة وعدم إتمامها؛ لأنه كان يريد أن أتزوج ابنه غير المتعلم، بينما أنا حاصلة على مؤهل متوسط، وقد باءت كل محاولاته بالفشل، وكان فيما مضى يحاول أن يبعد العرسان عني بأي شكل ويشيع أنني مخطوبة لابنه تسارعت دقات قلبي وأنا أواجه هذا الموقف الصعب الذي يهدم أحلامي الوليدة وأمنيتي البسيطة، لكن رغم مروره في النهاية بسلام، فقد أحدث عندي شرخاً ولم تستمر سعادتي وترك أثراً في صدري. ليلة عرسي لم تكن أحسن حالاً، فقد حدث خلاف كبير وصل إلى حد التلاسن والتشابك بالأيدي عند عقد القران، فقد وقع خلاف كبير بسبب المؤخر وقائمة المنقولات الزوجية، زوجي لا يوافق عليها وأهلي يبالغون فيها وتم الإعلان ضمناً عن انسحاب أسرة العريس وإلغاء الزيجة برمتها لولا تدخل خالي الأكبر الذي كان مخلصاً ونجحت جهوده الحثيثة في التوفيق بين المختلفين بعد جهد جهيد وتقريب وجهات النظر وأخيراً نزل الجميع على رأيه لأنه كان عقلانياً، ومن يومها صارت هذه الواقعة مثلاً يتناقله الناس عندنا ويتداولونه ويقولون كما حدث «لفلانة» في يوم عرسها، ولذلك كانت الواقعة سبباً في تغيير عادة عقد القران في نفس يوم العرس وفصلوا بينهما بفترة كافية خشية الخلاف وتكرار ما حدث معي، بل وبعدها بالغوا في الحيطة والحذر وأصبح كل طرف يضع شروطه وإمكاناته من اليوم الأول للخطبة ويتفقون على كل التفاصيل قبل قراءة الفاتحة. وبدلاً من الفرحة بكيت يوم عرسي، كما لم أبك طوال حياتي كلها وأقف أمام المرآة فأراني مثل العفريت بعد أن سالت دموعي على وجهي وشوهت الماكياج والزينة بجانب العبوس الذي كان ظاهرا تماماً ولم أستطع أن أتغلب على تلك الحالة، وأنا في الحفل الصغير الذي أقاموه ولم تنجح صديقاتي في انتزاع العبوس من على وجهي وفشلت كل محاولاتهن في رسم بسمة ولو مصطنعة على فمي والمشهد لا يحتاج إلى تعليق والجميع يعرفون التفاصيل، وقد صنع الموقف حاجزاً نفسياً أقوى من الفولاذ بيني وبين زوجي وبدأت علاقتنا الزوجية بشكل غير طبيعي، فهو يتربص بي كأنني السبب فيما حدث فلم أعش فترة شهر العسل ولم أشعر بأنني عروس ولو للحظة. زوجي جاف معي في كل تصرفاته وتعاملاته لا يتحدث إلا بأمر أو نهي صارم ويبدو دائماً متحفزاً تجاهي، وكأنه يعتبرني من أعدائه ولا أستطيع، إلا أن ألوذ بالصمت وكرامتي لا تسمح لي بالتنازل أكثر من ذلك فلست مخطئة كي أعتذر ولست مقصرة في حقوقه وعليه أن يراجع نفسه وسلوكياته، فهو يظلمني ومن المؤكد أنه شعر بذلك وربما يكون متعمداً وقاصداً ما يفعل. أصاب الجفاف العاطفي حياتنا الزوجية، وأصبحت مقفرة كالصحراء الجرداء التي لا زرع فيها ولا ماء ومر عامان لم ينادني فيهما مرة باسمي وإنما بتلميحات وإشارات تعني أنني شيء مهمل بلا قيمة عنده، ولا يساوي شيئاً في حياته لم أسمع منه كلمة طيبة، ولا مطلباً بنفس هادئة، ومما يزيد جرحي ألما أنني أقيم في غرفة في بيت أبيه إلى أن يتمكن من شراء شقة في المدينة التي يعمل بها وتبعد عنا حوالي خمسين كيلومتراً ويسافر إليها يومياً ويعود متعباً محملاً بمشاكل الدنيا على رأسه ولا أستطيع أن أعرف ما بداخله، فهو رجل غامض عجزت عن التوصل إلى مفتاحه وبالطبع تصرفاته معي كلها أمام جميع أفراد أسرته الذين يوافقون على طريقة تعامله معي فلم أجد أحدهم يتدخل يوماً ليجعله يفيق لنفسه ويتعامل معي باحترام أمام الآخرين، ولم أكن أطمع في أكثر من ذلك. ما جعلني أصبر على هذه القسوة هو الأمل في الحصول على مسكن مستقل، كما وعد أهلي قبل الزواج، وأنا لا أجرؤ على أن أفاتحه في هذا الموضوع، واكتفى باللجوء إلى الدموع وإذا تصادف مرة وضبطني، وأنا أبكي لا يكلف خاطره بأن يسألني عمّا يبكيني ويتجاهلني كأن شيئاً لم يكن فأتحسر على حالي وأنعي أمنياتي، فهذا هو الذي كنت أصلي وأدعو الله أن يكون زوجي هل هذا هو الرجل الذي كنت أحلم به ونبؤوني عن أخباره ونقلوا إليَّ صفاته؟ المؤكد أن هناك أشياء كثيرة غير صحيحة وليست مفهومة على الأقل من جانبي. كان أخي الوحيد يستعد للزواج، وقد باع أبي قطعة أرض من أجل تدبير نفقات زواجه بعد أن اشترى له شقة وكان يستعد لتأثيثها بهذا المبلغ وقد حدد موعد العرس وإذا بزوجي يطلب مني أن أتوجه إلى بيت أبي وأبلغه برغبته في اقتراض مبلغ كبير منه؛ لأنه يعتزم تأسيس مشروع تجاري والمبلغ الذي يطلبه هو تقريباً كل ما يملكه أبي لزواج أخي، فقلت له إن طلبه غير منطقي في هذا الوقت فنهرني ودفعني بقوة وسقطت فجأة ولولا أن السرير كان خلفي واستندت عليه لتعرضت لكسور وتشوهات وأجبرني على الذهاب بمطلبه غير المعقول، وكانت تقاسيم وجهي ظاهرة تؤكد أنني جئت في أمر مهم، وأنني مترددة في الكلام، واعتقدت أمي أنني جئت غاضبة وعندما همست لي بمخاوفها أخبرتها بما أرسلني زوجي من أجله فضربت صدرها بكلتا يديها، وهي تبدي اندهاشها من تفكيره ومع رفضها لمطلبه أخبرت أبي من باب العلم بالشيء فثار لأول مرة وهو ينعته بأقذع الألفاظ وعدم الإحساس. كنت بين نارين لا أعرف هل أبقى ولا أعود إلى بيت زوجي أم أعود وأستعد لرد فعله العنيف الذي أتوقعه وحماقته، لكن في النهاية عدت لأقطع الشك باليقين، وبالفعل حدث ما كنت أتوقع وأكثر، فقد أعادني مرة أخرى إلى بيت أبي غاضبة بعد أن وبخني ووجه ليّ سيلاً من الشتائم من قاموس لم أسمعه من قبل وكانت إهانته بالغة واشترط ألا أعود إلا ومعي المبلغ أو نصيبي من ميراث أبي ولا أعرف كيف تجرأ وتلفظ بذلك وهو يعلم أن ذلك من المستحيل، لأنه لا ميراث ولا تركة إلا بعد الوفاة وبالطبع لم أتفوه بكلمة من هذا لأسرتي فمع كل ما يفعل ما زلت متشبثة بالأمل في إصلاحه. رغم أنه على خطأ، لكن زوجي يملأ الدنيا ضجيجاً بأن والدي رفض مساعدته، وهو في أشد الحاجة إليه وراح يلبس الحق بالباطل ويراوغ ليقنع من يتحدث معه بأن أهلي هم المخطئون، وأضافت هذه الواقعة شرخاً جديداً في علاقتي مع زوجي قبل أن تندمل الجروح الماضية وازدادت الفجوة والتباعد بيننا واتجه بكلامه معي إلى منحى آخر، فقد أصبح يلوح بأنه يعتزم الزواج وأنني لست الفتاة التي كان يحلم بها رغم أننا أنجبنا ثلاثة أطفال، وقد ترك مسؤوليتهم كلها على عاتقي وأتحمل من أجلهم، لكن قدرتي على التحمل وصلت إلى حافة الانهيار والصغار يخافون منه ولا يحبون المكان الذي يتواجد فيه فهو قاس معهم امتداداً لقسوته معي لم أبلغ الخامسة والعشرين بعد وهو يواصل وسائل الضغط النفسي ضدي ونقطة ضعفي كانت التمسك بالأمل ثم الخوف على الصغار والرعب من شبح الطلاق، وأنا في هذه السن. لم أعد قادرة على الاستمرار وقررت أن أرد عليه بأسلوبه واضطرني للمرة الأولى، أن أرفع صوتي أمامه وأواجهه، ولكن كنا وحدنا وليس أمام أسرته، كما يفعل انفجرت ودموعي تسبقني صارحته بأفعاله والغريب أنه كان صامتاً يسمع ولا يرد قلت كل ما عندي منذ تمت خطبتنا وإلى الآن، وأخيراً أعلنتها صريحة إنني لست راغبة في الاستمرار وكفاني ما لقيت منه من هوان وجروح متتالية وسأترك له الاختيار لو أراد أن يأخذ الأبناء فله ذلك ولو أراد أن يتخلى عنهم وأواصل تحمل مسؤوليتهم، فلن أمانع ويكفي أنني سأستريح منه. بعد صمت طويل بيننا اعتذر واعترف بأخطائه لم أصدق ما تسمع أذناي تراجعت بالطبع وها هو يبحث لنا عن مسكن مستقل بالفعل تغير منذ أيام لكنني أخشى أن يعود إليه الجفاف العاطفي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©