السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرسالة لا تصل إلى الحثالة!

7 يونيو 2017 00:29
إنها رسالة ولست أدري هل تصل أم لا. رسالة من الماضي صدح بها شاعر وفارس عربي في أخريات الدولة الأموية هو نصر بن سيار الذي كان شاهداً على تحول الحروب العربية من فتوحات لنشر الدين إلى حروب قبلية ضروس أهلكت آلاف الأنفس والأموال والثمرات. وكان نصر بن سيار شاهداً على رذيلة استقواء العربي بالأجنبي الفارسي بالتحديد ضد العربي الآخر. وكان شاهداً على ظهور الفارسي الموتور أبي مسلم الخراساني الذي رفع لافتة الدعوة إلى بني هاشم ضد بني أمية، وتحت اللافتة كان يسعى إلى إعادة أمجاد فارس وكان يقول: لن يتحقق مجد فارس إلا بإبادة كل من يتحدث بلسان عربي مبين. حاول نصر بن سيار توحيد العرب ضد أبي مسلم ودعوته الفارسية التي كانت تلبس ثوب الهاشمية، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل أمام مكائد أبي مسلم الذي حرص كل الحرص على بقاء الفتنة مشتعلة بين العرب وكان يقول: أنا أقتل العرب بأيدي العرب... إنهم يقدمون لنا فوق ما نريد وأكثر مما نطلب. دعوهم يثخنوا بعضهم حتى لا تبقى بهم قوة وعندئذٍ سوف يسمعون ويطيعون بلا حروب. وهكذا ظلت الحروب مستعرة بين اليمانية والمضرية. أو بين مضر وربيعة وعندما استيقن أبو مسلم من أن الفريقين أنهكهما القتال، وأنه لا مدد لهما، كتب رسالة واحدة في نسختين ووجه رسولين إلى مضر واليمانية. وتقول الرسالة إلى مضر: إني رأيت اليمن لا وفاء لهم ولا خير فيهم فلا تثقن بهم ولا تظهرن إليهم... وإني لأرجو أن يريكم الله في اليمانية ما تحبون. ولئن بقيت لا أدع فيها شعراً ولا ظفراً. والرسالة الأخرى مع الرسول الآخر إلى اليمانية بنفس الكلمات، ولكن عن المضرية. لا تثقن بالمضرية، فإنهم لا وفاء لهم. ولئن بقيت لا أدع فيها شعراً ولا ظفراً. وعندئذ وقع ما يقع الآن. صار هوى الفريقين مع أبي مسلم. وكل منهما يظن أنه يستقوي به على الآخر.. والمضحك المبكي أن الفريقين كانا يقولان عن أبي مسلم الخراساني الفارسي المجوسي: ظهر رجل من بني هاشم له حلم ووقار وسكينة، وهو الذي سيعيد الأمر إلى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب نصر بن سيار إلى شيبان الخارجي وإلى على بن الكرماني اللذين كانا يقاتلانه: قد أشجى وأثخن بعضنا بعضاً فاكففا عني واجتمعا معي حتى نقاتل هذا الفارسي معاً. فنقتله أو ننفيه عن أرضنا. وبعد ذلك يمكننا أن نعود إلى حروبنا معاً إذا شئتما... لكن شيبان وعلي بن الكرماني ركبا رأسيهما، ولم يستجيبا لنصر، فأرسل نصر إلى شيبان قائلاً: إنك لمغرور. والله ليتفاقمن هذا الأمر حتى يستصغر في جنبه كل كبير. وصدح برسالته الخالدة شعراً يخاطب به ربيعة واليمن، ويحثهم على الاتفاق معه في حرب أبي مسلم: أبلــغ ربيعـة في مــرو وفي يمـن هيا أغضبوا قبل ألا ينفع الغضب ما بالكم تنشبون الحرب بينكمـو كأن أهل الحجى عن رأيكم غيب وتتركون عدواً قد أحــاط بكم ممن تنطّــَع لا ديــن ولا حســـب لا عرب مثلكمو في الناس نعرفهم ولا صريح موالٍ إن همــوا نســبوا من كان يسألني عن أصل دينهمو فــــإن دينهمُ أن تهلك العــــرب قوم يقولون قـــــولاً ما ســمعت به عن النبي ولا جــــاءت به الكـــتب هذه هي صرخة نصر بن سيار، ولكنها تبقى صرخة في وادٍ منذ أطلقها إلى الآن وإلى الغد، فأهل العقل والحكمة والحجى غابوا. والحروب الضروس لا ينطفئ أوارها. وقتلى العرب بيد العرب لا حصر لعددهم وما زال قوم منا يستقوون علينا بألد أعدائنا التاريخيين الفرس. وما زلنا نستنصر أهل النار ضد إخواننا وأشقائنا. نعلم علم اليقين أن عقيدة هؤلاء ودينهم هو أن تهلك العرب، تلك رسالتهم التي قالها وفضحها الشاعر الفارس نصر بن سيار. وكلمة أو شعار نشر المذهب الشيعي في العالم أو تصدير الثورة الإسلامية إلى العالم. شعار مزيف وكاذب. شعار إشعال الفتنة بين العرب ليقتل العربي العربي على المذهب أو على العرق، أو على الدين. أن يذبح العربي العربي ذبحاً شرعياً باسم الله والله أكبر، لكن الحق الذي لا يريد العرب إدراكه أن الهدف هو إعادة أمجاد فارس والنار على أنقاض العرب. الهدف هو الثأر الفارسي ضد العرب. والعرب في غيهم وغيبوبتهم يعمهون، يعيدون إنتاج مآسيهم بشخوص وأبطال مختلفين. لكن السيناريو كما هو. منذ الفتنة الكبرى. استدعاء الأجنبي ضد العربي. واستقواء العربي بألد الأعداء ضد العربي. وقد انضم علي وعثمان ابنا الكرماني إلى أبي مسلم الخراساني ضد نصر بن سيار ثأراً لقتل أبيهما. وحرضهما أبو مسلم الفارسي على الثأر، وأخيراً عندما كف نصر عن حرب أبي مسلم بعد أن قويت شوكته استدار أبو مسلم نحو على وعثمان ابني الكرماني وقتلهما في يوم واحد. وقبل أن يقتل عليا قال له: دلني على أسماء خاصتك لأكافئهم وأكسوهم وأجزل لهم العطاء، فذكر له أسماءهم، فقتلهم جميعاً بعد قتل علي. الحماقة العربية أعيت من يداويها. والغباء العربي داء لا دواء له، واليوم يقال إن إيران دولة أو قوة عظمى لا بد من الامتثال لها والسير خلفها إلى الهاوية. وعندما تفرغ إيران من تدمير الأمة العربية سوف تستدير نحو من استقوى بها وأمن لها لتدمره أيضاً وتخضعه، فدين الفرس وملتهم وعقيدتهم أن يهلك العرب جميعاً. وكثير من العرب يواصلون مسلسل الغباء والحماقة. يواصلون دعم الإرهاب والسقوط في فخ الإخوان وطهران. والإخوان وملالي إيران وجهان لعملة مزيفة ورديئة وإرهابية واحدة. ودعاء طهران والإخوان المستجاب: اللهم أدم علينا غباء العرب وارزقنا حماقتهم فإننا نقوى بضعفهم ونسود بتفرقهم ونحيا بموتهم ونقتات بعصبيتهم وجهلهم واندفاعهم، وهكذا يقتلون أنفسهم ويكفوننا شر قتالهم وقتلهم. العرب صاروا مسألة لا حل لها. ومأساة لا نهاية لها. وحثالة في مهب إيران والإخوان وقبضة الإرهاب، ولا أظن أن الرسالة سوف تصل إلى الحثالة! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©