الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمود الرحبي عزف بدون صوت

محمود الرحبي عزف بدون صوت
7 أغسطس 2008 01:17
يرى القاص العماني أن طقوس الكتابة لايمكن الكشف عنها بسهولة، فقد تعيش مع كاتب ما وقتاً كافياً، ولكن دون أن تراه يكتب حرفاً، أو تراه منكباً انكباباً جدياً على صياغة طويلة، إنه عزف بدون صوت أو جمهور· ويضيف الرحبي: طبعاً لايوجد كاتب بلا طقوس، كما لا توجد كتابة خارج إرهاصات الخلق الإبداعي والتي مصدرها الكاتب نفسه، تلك الجوارح التي تتنفس العالم ثم تتمثله، تعجنه وتصيغه في ولادة جديدة· النص الإبداعي وليد اختمارات واعتمالات يصعب سبرها وضخات ورجيج لاحدود له· ويرى الرحبي أن طقوس الكاتب كمثل طقوس الساحر أو الرائي لايمكن تتبعها ورصدها، إنها غائرة في قيعان غير مرئية، ولكنها لاتلبث أن تنبثق حارة كما ينبثق الوليد، ولكن في نص سردي أو قصيدة· وبالنسبة إليَّ -يتابع الرحبي- يصعب حتى ضبط طقوس الكتابة، خاصة أني لا أعدها وأهيئها قبلاً· فأنا قليلاً ما أفرش مفرشاً أو طاولة وكرسياً لكي أكتب، فانبثاق الكتابة بالنسبة إلي شبيه بانبثاق وليد شقي بين الزحمة، فكثير من القصص التي كتبتها ولدت في أوقات لايمكن أن تكون للكتابة فيها صلة إلا بالضيق والهروب من العالم، وسط الزحام مثلاً، أوفي ساعة سفر أو حتى وأنا أركض أمام موج البحر، في كثير من الأحيان تراني أبحث عن قلم، أو أكتب فكرتي في الرمل، لأن لدي خوفاً وفوبيا من النسيان، ولكني اكتشفت أن تلك الأوقات رغم زخمها وتدافعها لاتخلو من رؤية· الأمر شبيه برجفة الصياد في إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، حين اعتراه الخوف من مجهول على (لقياه) وخاتم أمنياته من الضياع· ولكني في آخر الليل أو في بدايات الفجر التي تزحف خيوطه الأولى صابغة هدوء الكون، أمام تلك الإشراقة الكونية الباهظة، يهبط وحي الكتابة كاملاً بكل سفوره، في هذه اللحظة أستطيع أن أكتب نصاً متمدداً طويلاً، أشعر به لانهائياً في متعته وانثياله· أما النصوص القصيرة فهي عادة ماتكون وليدة لحظة زخم واكتظاظ وفوضى حواس، تأتي هذه النصوص القصيرة لتنفس عني· أفرغها بعد ذلك على الورق ثم أنشغل عنها -وأحياناً أياماً بلياليها- لأعود إليها كما يعود الصائغ إلى سبائكه حاذفاً ومضيفاً ومشذباً، أصبّ كل أعصابي في تلك اللحظة وبأرق شديد، ولكنه لايخلو من متعة وشغف وغياب·
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©