الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حبيب الصايغ يقرأ تنويعات شعرية من تجربته

حبيب الصايغ يقرأ تنويعات شعرية من تجربته
7 ابريل 2011 21:10
أقام اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات مساء أمس الأول في مقره على قناة القصباء بالشارقة حفل توقيع ديوان المختارات “رسم بياني لأسراب الزرافات” للشاعر حبيب الصايغ الصادر مؤخراً عن مؤسسة الانتشار العربي في بيروت مسبوقاً بقراءة شعرية، وقدم الأمسية الشاعر أحمد العسم. وفي الأمسية، أشار الصايغ الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الاتحاد، إلى أن القصائد التي ضمّتها المختارات لا معيار منهجياً في انتخابه لها سوى أنه يحبها من بين منجزه الإبداعي في أعماله الأولى وحتى تلك التي صدرت في التسعينيات. وهنا يمكن القول، إن قراءة مختارات لأي شاعر إنْ قُرِأت تبعاً لتسلسل تاريخي فإنها ستشير إلى التطور في طبيعة نظر الشاعر إلى الشعر ودوره وجوهره وتحولاته تبعاً للمنجز الإبداعي وليس التنظيري، لكن الصايغ أراد أن يكون وفياً لقصائده، فقرأ من الكتاب إنما لا على الترتيب وفقاً لتسلسل تاريخي. غير أن ذلك الخيط الذي ينظم القصائد هو ذلك التدفق في الصور الشعرية المتأمِلَة في الحياة والعالم والعيش والمشاعر من وجهة نظر الفرد، حيث يريد الشاعر، أو الأنا الساردة في القصيدة، أن يكون العالم على هيئة ما هو يرغب ويشاء ليس بالمعنى الأفلاطوني للكلمة، بل على طريقة فرسان العصور الوسطى الأوروبية الذين تعذّبُهم الروح الدونكيشوتية. أيضاً، فقد يصحّ تبعاً لتلقي القصائد، بحسب ما جرت قراءتها أن تجربة الشاعر قد شهدت انتقالات عديدة من بينها التحول من المباشَرة في المعنى في ما يخص القول الشعري إلى نزعة تأملية خاصة يمتزج فيها الغضب باستلهام واقع ما ينطلق منه الشاعر ليؤسس لقصيدته. يلمس المتلقي ذلك بدءاً من القصيدة الأولى في القراءة الشعرية التي افتح بها الشاعر الصايغ قراءته وهي “أنا والبحر”، والتي تبدأ بمزيج بين التأمل والمباشرة لتصير ما أشبه بمونولوج داخلي يتأمل من خلاله الشاعر ماضيه الشخصي، إنما ليس باستعادته أو بجعله سيرة ذاتية، بل بإعادة تجربة الحياة ذاتها إلى منتهاها – المبتدأ أو مبتدئها – المنتهى: “بعد بحر من الآن يركض عمري إلى قبره بعد بحر من الآن يشتاق بحري إلى بحره بعد بحر من الآن يبتعد النور عن بؤبؤ العين إلا قليلا ويقترب النور من بؤبؤ العين إلا قليلا”. وهذا الانتقال من المباشَرة إلى التأمل سوف يستقر تأملاً محضاً إنما بنزعة فلسفية من نوع ما في قصيدة “البطريق” التي يلمس المتلقي فيها نبرة من غضب، ربما بتأثير من طريقة الصايغ في قراءة قصيدته التي يبدو فيها البطريق والشخص السارد في القصيدة، كما لو أنهما شخصيتان مجازيتان لشخصية واحدة تقف أمام مرآة وتخاطب “الأنا” بضمير المُخاطَب. أي كما لو أن السارد يحاول فضّ اشتباك جوّاني بينه وبين ذاته. أيضاً فالقصيدة تنطوي على تحولات وانعطافات في التمظهر السردي، كما لو أنها كُتِبت على عدة دفقات وليس بنَفَس واحد، كما ينبغي لقصيدة أن تولد: “أنتقي من زغب الحسرة أياما من التحليق أرتاح إلى ظلّي، فيوشي بي إلى أشيائه فكأني لم أكنه. لم أصادفه بلا ريش، غريباً وغوياً نافر اللكنة، مشغولاً بأسمائيَ عن أسمائه وكأن البحر لم ينسَ إشاراتي كأن البرق لم يُنتج من الضوء سوى ما يدخل المدلج في إيمائه أو مائه زغب الحسرة يوحي لدمي بالريش”. وبين القصيدتين كان الصايغ قد انتقى من قصائده القصيرة: نفر، والعائلة، والاسم الموصول. ومن بعد البطريق قرأ قصيدة الظلام، وقصيدة حب التي نقلت مزاج التلقي إلى منطقة أخرى تماما، فيها قَدْرٌ من الاسترخاء التأملي بقدر ما فيها من استفزاز لمشاعر لا يود المرء أن يتذكره إذ يذكِّره بالحب وخساراته وتناقضاته وبلفحته الحارقة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©