ذياب شاهين
حينَ
حَذَفـْتُ سَيِّدةَ المَوتِ
مِن مُفَكِّرَتي
حَذَفـَتني مِنْ مُفَكَّرَتِها
لِنَصيرَ صَديقين
فَتَأبّطْتُ ذِراعَها
كَما يَتَأبَّطُ رَجُلٌ شَرْقِيٌّ
حَبيبَتَهُ
وعَبَرْتُ بِها النَّهْرَ
إلى جُزُرٍ لا نَمْلُكُها
ثُمَّ رَسَمْنا عَلى
الحَجَرِ صورَةَ وَجْهَيْنا
وَدَسَسْنا ظلالَ الحَدائِقَ
في ذاكِرَةِ التُرابِ
لَمْ أَعُدْ إلاّ
وَذاكِرَتي مُدجَّجَةٌ
بالذّكْرَياتِ التي ما
كانَتْ لي يَوْماً
كانَ شَيئاً رائِقاً
أنْ نَتَصاحَبَ
مَعاً عَلى حَجَرِ النَرْدِ
مُتَقابلينْ
لَنْ نَعُدَّ أكْثـَرَ
مِنْ سَبْعَةٍ
فَلا مُعْجِزاتٍ
سَنَجْتَرُحُها
وَلا عَجَبٌ يَلْبَسُ
نَجْمَةً
أو غَيْمَةً يَتَعَجَّبُ مِنْها
الفُقَراءُ
لا ضَيرَ
لونَتَبادَلُ الحُروفَ
فَتَسْقيني كَأْسَ البَرْدِ
وَأسَقيها شَيْئاً
مِنْ حَرارَتي
ما كَنّا يَوْما
مِثْلَ
حَمَلٍ وَذِئْبٍ
بلْ كُنّا
كأنثى الرَّعْدِ يَسْبِقُهُا
البَرْقُ
وَحينَ افتَرَقـْنا
صافَحْتُها مُوَدِّعاً
انسلّتْ إلى الوادي
كأفعى تَهْزِجُ بأجْراسِها
وَصَعَدْتُ إلى القِمَّةِ
كَسَهْمٍ
مُعفَّراً بِلُهاثي
ضَجَّ صَداها
في القاعِ
وَصَوْتي شَرِبْنَ
صَفيرَهُ بَناتُ الرّيحِ
فَصِرْنَ
يَشْدَوْنَني
عَلى بَلَمِ الليْلِ
شَهْقَةَ نايْ
تِلـْكَ النّارُ
ما كانَتْ لي
في الماضي
وفي هذا الماءِ
كَرَعَتْ
ورودُ النُّعْمانِ
واغْتَسَلَتْ
عَنْدَ خَوابي الصَّخْرِ
آهٍ
لوْ يَوْماً
أقْرَأُ ذِكْرايَ
لِمَنْ لا أعْرُفُهُم
وعاشوا قَبْلي
في هذا الغابِ
آهٍ
لوْ لَمْ يَعْرُفْني
الآتون غَدا
وَعاشوا بَعْدي
تِلـْكَ وَصِيَّةٌ
ما بَيْنَ
الفانين وبَيْنَ الآتين
سَتَتَمَزَّقُ
ذاكِرَتي
وَتَرْتَطِمُ ذِكْرى المَوْتِ
بِيَوْمِ الميلاد
كَأنِّيَ صَرْخَةُ نَجْمٍ
في بَحْرِ الظَّلْماءِ