الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزن في «10 إلى 11» يحمل أملاً

الحزن في «10 إلى 11» يحمل أملاً
12 أكتوبر 2009 23:11
اختارت الناقدة اللبنانية ريما المسمار الفيلم التركي «10 الى 11» لتتحدث عنه في هذه الزاوية. سألتها قبل كل شيء عن أكثر ما وجدته ملفتا في هذا الفيلم؟ فقالت: أنا أحب هذا النوع من الأفلام المغلقة، والتي تعتمد بشكل خاص على الايقاع ولا تحتمل أي زيادات، وأي تفصيل فائض قد يفسدها. فيلم «10 الى 11» ليس فيلما تقليديا، بمعنى أن تكون له بداية، وسط ونهاية، أنه يعتمد بالأساس على الحالة التي يخلقها أو ليصبح الفيلم نفسه حالة موازية للحالة التي يسردها. وهل يفسر حرص مخرجته على احاطتنا بأدق تفاصيل حياة بطلها، الرجل العجوز المتقاعد؟ تجيب: شخصية العجوز مثيرة جدا. أرادت المخرجة بلين أسمر احاطتنا بكل تفاصيلها وبالعالم المحيط بها. لأن الفيلم يحكي عن التاريخ والذاكرة. وهذا موضوع مثير للاهتمام خاصة وأحداثه تدور في تركيا التي لا نعرف عنها الكثير. فالرجل يعيش في ماضيه ويأرشفه، ويحرص على جمع كل تفاصيل حياته في «كراتين ورقية»، ولهذا يمكن وصفها بحياة «مكرتنة» ومؤرشفة، لدرجة تدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة حياته المعاشة، وهل عاشها حقا أم أنه كان يخزنها، ربما ليرجع إليها ثانية أو يتركها لآخر يعيشها بدلا عنه. وعن فكرة الحدود بين العالم الداخلي والخارج، تقول: فكرة الحدود واضحة ومحورية فيه، بمعنى السؤال عن مقدار أرتباط الكائن بالعالم. أين تنتهي حدود عوالمه الداخلية وأين تبدأ حدود لقائه بالعالم الخارجي. وهذا يتضح في العلاقة بينه وبين الشاب علي. فالأول يتراجع إلى الداخل في حين ينطلق الأخير الى الخارج. والعلاقة بين الصورة والصوت مجسدة بشكل جميل، ونجدها في مشهد خروج الشاب لشراء بعض الأشياء للرجل العجوز وليصلح له مسجلته الصوتية، وقتها يضغط علي خطئا على زر التسجيل فنسمع من خلال ما سجله، بعض تفاصيل العالم الخارجي: أصوات الشوارع وحركة الناس في اسطنبول. في ذات الوقت نرجع إلى ماضي العجوز من خلال سماعنا إلى صوته وقد سجل جزءا من تفاصيل حياته فيه، فنتعرف من خلاله وبشكل مكثف على بعض من تاريخه الشخصي. وعن اختلاف الرؤيا للعالم الواحد، من خلال رؤية ناسه للعالم وفق موقع شققهم في البناية، تقول: فكرة اختلاف الإطلالة على العالم فكرة جميلة جدا. فالعالم يمكن رؤيته من أكثر من موقع. وزاوية النظر إلى العالم تختلف من شخص الى آخر. هذا يتضح من اختلاف رؤية العجوز للخطر الخارجي المتمثل بالهزة الأرضية، فبينما يحسها مع بقية سكان الطوابق العليا، يكون سكان القبو أقل إحساسا بتهديدها. وبسؤالها هل فيلم «10 الى 11» نخبوي بمعنى من المعاني، تجيب: هذا النوع من الأفلام يبحث في جوانيات الكائن البشري، وأهم ما في الشريط أن مخرجته قد وفقت في التعبير عنه بشكل رائع. فالتصوير كله تقريبا في غرفة ضيقة تشعر معها أن الكاميرا تختنق بضيق المساحة. وحتى الخارج الذي ينفتح عليه مساعد البناية علي نجده ضيقا وأن مساحة تحركة، التي قد توحي بالكبر، في حقيقتها لا تزيد على مساحة تحرك الرجل العجوز. وتضيف: اسطنبول التي تعرفنا عليها من خلال المشاهد الخارجية ما هي في الحقيقة إلا مدينة الرجل العجوز نفسه. فالكتب والمكتبات ومحال بيع الأجهزة الكهربائية هي أشياء تنتمي إلى عالم الرجل المتقاعد، وهي بهذا المعنى علامات ترسم حدود عالمه الخارجي. والجميل في هذا الشريط انه يخلق حالة موازية تبين لنا أيضا تشكل المكان الجديد الذي صنعه علي لنفسه لاحقا. فالأمكنة يصنعها أصحابها في النهاية. وتختم: الفيلم بما فيه من حزن عميق يحمل في طياته أملا، متمثلا بخروج علي من عزلته في البناية، التي كان يساعد سكانها مقابل حصوله على بعض المال، للبحث عن عمل جديد له غير هذا العمل. لكنه ومع هذا يظل فيلما حزينا ومؤثرا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©