طوت تركيا وأرمينيا رسمياً صفحة نحو قرن من العداء الناجم عن اتهام السلطنة العثمانية التركية بارتكاب «إبادة جماعية» للأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى (1914- 1919) ، حيث وقعتا مساء أمس اتفاقين تاريخيين تم التوصل إليهما بوساطة سويسرية لتطبيع العلاقات والمصالحة وفتح الحدود بينهما. وقد تأجل حفل التوقيع لمدة ثلاث ساعات بسبب «إشكال في اللحظة الأخيرة» مع الوفد الأرمني بشأن كلمات الوفود أثناء الحفل.
ووقع وزيرا الخارجية التركي أحمد داود أوغلو والأرميني إدوارد نالبنديان على الاتفاقين في جامعة زيوريخ بحضور نظرائهم الأميركية هيلاري كلينتون والسويسرية ميشلين كالمي ري والروسي سيرجي لافروف والفرنسي بيرنار كوشنير ومنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا.
ويتعين الآن أن يقر برلمانا تركيا وأرمينيا الاتفاقين في مواجهة معارضة من القوميين من الجانبين.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إيان كيلي للصحفيين بأن هيلاري كلينتون ومساعدها للشؤون الأوروبية والآسيوية فيل جوردون اجتمعا مع نالبانديان ونجحا في إزالة المخاوف الأرمينية حول بعض الكلمات والتصريحات المقررة خلال الحفل، فيما كان الوزير الأرميني يحادث نظيره التركي عبر الهاتف في الوقت نفسه. وتم الاتفاق على إلغاء الكلمات ولم يتم إلقاء أي كلمة في الحفل.
وفي وقت سابق من أمس صرح الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان في خطاب قبيل التوقيع أنه «لا بديل» أمام أرمينيا سوى إقامة علاقات مع تركيا رغم عداوة استمرت عقودا. وقال سركيسيان «لا بديل من إقامة علاقات مع تركيا بدون شروط مسبقة».
وشدد سركيسيان على أن أرمينيا لن تتخلى بذلك عن نضالها من أجل أن يعترف بالإبادة التي طاولت الأرمن في عهد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين في حين ترفض أنقرة تأويل الوقائع بهذه الطريقة، الأمر الذي حال حتى الآن دون إقامة علاقات بين البلدين. وتابع الرئيس الأرمني أن «إقامة علاقات مع تركيا يجب ألا تؤدي في أي شكل من الأشكال إلى التشكيك في حقيقة الإبادة، إنه واقع معروف ويجب الاعتراف به».
وأعلن سركيسيان أيضا أن الاتفاق مع تركيا ليست له انعكاسات على النزاع مع أذربيجان حليفة أنقرة في القوقاز، حول منطقة ناجورني قره باخ.
وشدد على أن «هذه العلاقات مع تركيا ليست ولا يمكن أن تكون مرتبطة بقضية حل نزاع قره باخ الذي يسلك طريقا مختلفا».
وكان سولانا صرح للصحفيين في زيوريخ أمس قائلا «أتطلع بشدة إلى الانتهاء سريعا من عملية التصديق على الاتفاق ومن ثم تنفيذ البرتوكولات بسرعة أيضا». وأكد ثقته بالأثر الإيجابي للاتفاق على المنطقة كلها.
وأضاف سولانا في إشارة إلى طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي «لاشك في أنه سيكون مهما لعلاقة كل من الطرفين معنا». وتابع «أن بروكسل تأمل في أن تتم عملية المصادقة بسرعة في البرلمانين الأرمني والتركي، ليتم تفعيل الاتفاق».
وكان البلدان أعلنا قبل نحو ستة أسابيع عن عزمهما توقيع هذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها بوساطة سويسرية. وتمهد بعض العبارات الغامضة في الاتفاق الطريق لإجراء مزيد من المحادثات، وقد تترك للتفسيرات أو الخلاف حتى لو أقر برلمانا البلدين هذا الاتفاق حسبما هو متوقع.
ويواجه الاتفاق معارضة من القوميين في الجانبين وأرمن الشتات الذين يتمعون بنفوذ قوي ويصرون على ضرورة اعتراف تركيا بأن عمليات قتل الأرمن كانت إبادة جماعية وهو ما ترفضه تركيا
عدد اليوم
