الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التواصل الاجتماعي بين المسؤولية الوطنيــة والحرية الشخصية

التواصل الاجتماعي بين المسؤولية الوطنيــة والحرية الشخصية
3 يونيو 2017 15:06
هزاع أبو الريش (الاتحاد) استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية وطنية قبل أن يكون حرية شخصية.. فهذه التطبيقات الذكية مرآه تعكس القيمة، والثيمة للوطن، والبيئة التي يتربى بها الفرد، وينتمي إليها، فالقيم التي تحكمنا في استخدامها لا تختلف عن تلك التي نتحلى بها في شتى مجالات الخدمة الوطنية، لأن تمثيل الوطن لا يتقيّد بخدمة معينة أو مجال معيّن، بل بجميع الظروف والأوقات. ومن هنا يصبح من المهم تمييز الخطوط الفاصلة بين ما يحسبه المستخدم حرية شخصية، وما يمليه الواجب من مسؤوليات وطنية، فأينما يضع الفرد يده فهو معني بتمثيل وطنه خير تمثيل، حين تصل المسألة للرأي العام، تخرج من دائرة الحرية الشخصية وتدخل في نطاق مسألة معنيّة للجميع. لذا فإن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لا يمثلون أنفسهم فقط، بل كل من حولهم بدءا من وطنهم، وحتى مجتمعهم، والبيئة التي يعيشون بها. في الآونة الأخيرة نشرت مقاطع «فيديو» عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعبر عن سلوكيات غير لائقة من قبل أشخاص لا يدركون عواقب تلك التصرفات ضاربين جل المبادئ والقيم بعرض الحائط. من خلال تناولنا لبعض الفيديوهات التي نشرت قد نلاحظ جميعها كان أصحابها في حالة تنكر وعدم إبراز معالم وجههم بصورة واضحة، ليقينهم بأن هذا التصرف خاطئ، وأنهم على يقين تام بأنهم غير مقتنعين بما قاموا به، من هنا يبدأ السؤال لماذا قاموا بمثل هذا التصرف طالما أدركوا من بداية الأمر أنه تصرف خاطئ؟ وما الأمور التي دفعتهم لمثل هذه التصرفات؟ وما الحلول التي يمكن أن نستنتجها للحد من هذه التصرفات؟ وهل هناك جوانب نفسية أو ظواهر دخيلة قد أثرت على الشباب؟ وهل العقوبات الجزائية قد تضبط استخدام هذه المواقع؟ و تساؤلات عدة واستفسارات كثيرة تدور حول المسألة تجعلنا نقترب منها عن كثب لتوضع الأمور في نصابها. وكان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، النائب العام للدولة، قد أصدر بيانا طالب فيه المواطنين، أمهات وآباء، بممارسة دورهم التربوي عبر توجيه أبنائهم إلى النأي عن ممارسة الأفعال التي تجافى المبادئ الأخلاقية والتي ينكرها المجتمع الإماراتي ويستهجنها، مهيباً بشباب الإمارات من الجنسين أن يتمسكوا بفضائل الأخلاق، وألا يمارسوا مثل هذه الأفعال احتراماً لجنسية بلادهم التي يشرفون بحملها، وأن يعلموا أنهم يمثلون قيماً رفيعة لدولة عظيمة، ما يوجب عليهم أن يضربوا المثل الطيب والقدوة الحسنة في سلوكهم في كل جوانب حياتهم، وأن يتحلوا بالاحترام الواجب لمعاهد العلم التي ترعاهم وتعلمهم ليكونوا أفراداً صالحين ومؤهلين لحمل مسؤولية مسيرة بلادهم الغالية في المستقبل القريب، ليكونوا جديرين بوصفهم مواطنين إماراتيين، وحتى لا يقع أي منهم تحت طائلة القانون الجنائي. التربية الإعلامية ومن جهة أخرى تطرح وزارة التربية والتعليم برنامج «التربية الإعلامية» ضمن المناهج الدراسية قريباً، وأكد معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، أن هذا البرنامج ظهر بسبب الطفرة التكنولوجية الحاصلة وبث الأخبار مباشرة من الشخص إلى الهواتف الذكية ليصل إلى شريحة واسعة من الأفراد، لافتاً إلى الأسلوب السهل في النشر أصبح يتطلب تزويد الطلبة بمهارات جديدة تواكب متطلبات العصر الإعلامي. وأضاف معاليه أنه تمّ تشكيل فريق في الوزارة بالتعاون مع المجلس الوطني للإعلام، للبحث في كيفية إثراء الميدان التعليمي بفكر إعلامي ناقد يضيف إلى عقلية الجيل الجديد، ويكون المنهج ليس كمادة مستقلة، وإنما من خلال تضمين مواد دراسية مختلفة للمهارات المطلوبة لتنمية هذه القدرات لدى الطالب في الإمارات، وجعله قادراً على التمييز بين الأخبار الموثوقة والأخبار الكاذبة والشائعات، وتعريفهم على كيفية التدقيق فيها ومقارنتها، وأيضاً كيفية التعامل مع هذه البرامج التقنية الحديثة وحسن استخدامها. وأوضح معاليه أن الوزارة تهدف أن يكون الطالب بنفسه ناقداً ذكياً ومحللاً لكمّ المعلومات الذي يتعرّض لها يومياً، من دون أن يعتمد على تطبيق، أو على آراء وأفكار الآخرين. الإعلام الرقمي أمانة يرى إبراهيم الذهلي أحد رواد التواصل الاجتماعي، أن الإعلام الرقمي أمانة ورسالة تمثل هذا الوطن، ومن يعيش به. فكل ما نقدمه من كلام أو مقطع فيديو أو حتى وإن كانت مجرد صورة فهي رسالة إلى العالم أجمع تمثل الفرد الإماراتي أو البيئة الإماراتية وتعكس صورة الإمارات. مشيراً إلى أنه يجب علينا أن ندرك عواقب التصرفات وكل ما نقوم به من خلال هذه المواقع والبرامج التقنية بحيث يكون التصرف ناتجا من دراسة عقلية رشيدة وسديدة حتى لا نقع في فخ العبثية والمساس بسمعة وطننا الغالي دون أن ندري ونعلم. وأضاف منذر المزكي دورنا كبير من خلال هذه البرامج في إظهار الصورة الجميلة للدولة، وإبراز جمالية الأخلاق الحميدة لأبناء الشيخ زايد، من خلال مشاركاتنا في هذه المواقع، مبينين للعالم ما هي الإمارات ومن هم أبناء زايد. وأوضح أن كل تصرف فردي من خلال هذه البرامج يعكس أفراد المجتمع ككل، ولا يمثل الفرد نفسه. مما يجعل على عاتقنا مسؤولية كبيرة في بذل كل ما لدينا من جهد حتى ننقل الصورة التي تستحقها دولتنا الكريمة، ووضع رسالة إلى العالم، موضحين فيها حقيقة الإمارات وأبنائها. وقال المزكي، اليوم هذه البرامج سهلت وجود الأعمال الخيرية وإيضاح الإلهام الإنساني الذي يسكن في الوجدان، حيث إن وجودنا من خلال الأعمال الخيرية ونقلنا للأحداث عبر هذه المواقع والبرامج وبثها للمتابعين بحد ذاته رسالة لحسن الاستخدام التقني، والمساهمة ضمن الإعلام الرزين بنقل هذه الأحداث الوطنية الخيرية لشريحة أكبر وعلى نطاق أوسع كونها أصبحت متنفساً لهذا الجيل. باب مفتوح للجميع ويقول أحمد محمد الرميثي إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي باب مفتوح للجميع ونوافذ مطلة على جميع السواحل العقلية، وباستخدامها إما أن تعود بالنفع أو أنها تضر من يسيء استخدامها، لذا يجب أن يكون الشخص حريصا جداً في استخدامها لأنها تعكس سمعة البلد، والتربية التي نشأ عليها الفرد، وتعكس أيضاً شخصيته. وأشار إلى المسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتقنا عند استخدام هذه الشبكات، فيجب أن نكون على قد الثقة والمسؤولية، فحين نفتح النافذة لنرى الفضاء الخارجي وهو العالم الافتراضي يجب أن تكون هناك قيود، وحدود في الوقت نفسه، وأن نتحلى بالوسطية في الكلمة، والاعتدال في الطرح؛ لأن هذا العالم الافتراضي اليوم أصبح رسالة إلى العالم لما تملكه الدولة من فكر يطرح من خلال أبنائها عبر هذه المواقع الإلكترونية. بينما يرى سعيد عبدالله الشهراني، أنه من الصعب أن نقيّد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بوضع لوائح يجب أن يتخذوها، فجمالية هذه البرامج في حرية الرأي، وأن يعيش المستخدم كامل العفوية بعيداً عن التصنع. ولكن في الوقت نفسه يجب أن يكون المستخدم تحت رقابة ذاتية بما يقدم؛ لأنه مسؤول مسؤولية تامة أمام المتابعين بجميع الفئات العمرية التي تتابعه. مضيفاً في السابق كان الصوت لا يصل عند عتبة باب المنزل ولكن اليوم بمجرد كبسة زر يصل صوتنا للعالم بعدة ثوانٍ، فيجب حين نشدو بصوتنا يكون مشحوناً بالإيجابية والوطنية ليسكن قلوب المتابعين. تأثير سلبي ومن وجهة نظر الجمهور فإن انتشار الظواهر والسلوكيات السيئة وغير اللائقة بمجتمعنا، تؤثر سلباً على المتابع وربما يستسهل الأمر، وينظر إليه بأنه أمر عادي و بسيط، كما يقول حسن بن شرفا، ويضيف: قد لا نستغرب ونندهش حين نرى إخواننا الصغار وهم يقلدون المشاهير بتصرفاتهم المسيئة؛ لأنهم أصبحوا اليوم قدوة، فالطفل حين يشاهد ويتابع شخصا معيّنا يصبح مهتماً لما يقوم بها من تصرفات وأفعال ومع مرور الوقت يصبح مقلداً له بلا شعور وإن كانت تصرفاته غير لائقة. بالإضافة إلى ذلك للأسف الشديد نحن من جعل الحمقى مشاهير، وأعطيناهم حجماً أكبر من حجمهم الطبيعي والحقيقي، ولذلك اليوم أصبحوا أكثر المشاهدات والمتابعات وهم لا يقدمون أي شيء يخدم متابعيهم ولا حتى يخدم هذا الوطن. ويؤكد حسن بن شرفا أنه يجب علينا نحن كجمهور ومتابعين اختيار الأشخاص الذين نتابعهم بحذر، ولا نشجعهم إن رأينا منهم زللا، ولا نصفق لهم. التأني في المتابعة ويؤكد حمد الشحي أنه دقيق في متابعة الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي لإيمانه بأن الصاحب ساحب وإن كان خلف الشاشة، فتأثيره كبير جداً ومتابعة الشخص بشكل دوري تؤثر على المتابع، ولذلك دائماً يتمهل باختياره لكل شخص يمكنه متابعته حتى يتأكد تماماً من حسن طرحه وجمالية ما يقدم من معلومات تخدم عقلة وفكره وتضيف له. مشيراً إلى هناك كثيرا من الشباب تغيّرت سلوكياتهم وأخلاقهم بسبب متابعة أشخاص من خلال هذه البرامج الحديثة من سناب شات وانستغرام وما شابه ذلك. وأضاف سيف المنصوري حين نرى أشخاصا تنتشر مقاطعهم بسهولة، ويصبحوا ذوي شهرة لا نرى ما قدمه في المقطع سواء كان جميلا أم سيئا فقط ننظر لعدد المتابعين، ولكن سرعان ما نتراجع حين نرى القوانين الرادعة لمثل هذه المقاطع في الوقت نفسه، وأيضاً سرعان ما نستحقر أصحابها، ونحمد الله على أننا لم ننشر مثل تلك المقاطع. ففي بداية الموضوع لم نفكر بعاقبة الأمر بل كل ما نهتم به هو نشر المقطع لاستقطاب عدد كبير من المتابعين، ولكن اليوم يختلف الموضوع عن السابق، فتتم مراجعة تامة لما نقدمه من خلال هذه المواقع؛ لأننا أصبحنا ندرك عواقب الأمر. وجهة نظر قانونية يقول المحامي غانم جابر الهاجري: مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وزيادة عدد مستخدميها بين أفراد المجتمع كوسيلة للتواصل، أولى المشرع الإماراتي اهتماما بالغا بالتقنين وإدارة محتوى هذه الشبكات حتى يتم استخدامها بشكل لائق ولا تستغل في غير الغرض الذي أنشئت من أجله. وأضاف الهاجري من المهم على من يرتاد هذه الشبكات أن يمتثل إلى الضوابط والإرشادات الخاصة بها ولا يسيء الاستخدام بحيث يعرض نفسه للمسؤولية القانونية. وأشار إلى أنه لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير في قول من شأنه المساس بحقوق وحريات الآخرين التي كفلها القانون فإن أي ممارسة سلبية قد تشكل مخالفة لأحكام وشروط هذه الشبكات، والقوانين السارية في الدولة، وتكون عواقبها مكلفة على من ارتكبها معنوياً ومادياً. لذا وجب علينا أن ننصح مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بالتقيّد بالأنظمة واستخدام الشبكات الإلكترونية بشكلٍ إيجابي وسليم. الدراسات الاجتماعية ويقول الدكتور أسامة عبدالباري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة، إن استخدامات الشباب غير الرشيدة لمواقع التواصل الاجتماعي تمثل تناغما مع روح العصر الذي طغت فيها التكنولوجيا بشكل ٍسريع جداً، بحيث تدخلت في كل مناحي حياتنا الاجتماعية ومن الطبيعي أن يكون أكثر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من فئة المراهقين وفئة الشباب؛ نظراً لقدراتهم على التفاعل بشكل مكثف مع مثل هذه الوسائل. وأشار عبدالباري إلى أن معظم الدراسات الاجتماعية التي تم عملها على الشباب توضح أن معدلات الاستخدام تجاوزت الحد المنطقي والمقبول، ويشهد بذلك معدل استخدام الساعات الذي بلغ أغلب ساعات اليوم بشكل أساسي وهذا ما ينقلنا إلى ظاهرة جديدة البعض أسماها «إدمان الإنترنت «. موضحاً عبدالباري أن العيب ليس في الإنترنت وهذه البرامج بل في كيفية استخدامها، حين يندمج الإنسان مع التكنولوجيا وهجرة الواقع الاجتماعي الطبيعي، وهجرة عملية التفاعل في الحياة اليومية مع الأهل والأصدقاء بشكل أساسي، وبالتالي واجبنا أن ننبه الشباب وذويهم لهذا الخطر؛ لأنه يمثل هدراً لأوقاتهم، وتضييع عمرهم في شيء لا ينفعهم بتاتاً، بالإضافة إلى أن الأمر ليس طبيعياً على الشباب في هذه المرحلة أن يقضوا معظم أوقاتهم مع التكنولوجيا المتطورة والحديثة وهم لا يعرفوا ما الذي تضيفه لهم، وما الاستخدام الذي قد يضرهم ولا يخدمهم. وأشار إلى أن استخدام هذه البرامج ومواقع التواصل الاجتماعي قد يكون له إيجابيات تتمثل في الحصول على المعرفة بشكل سريع، ولكن ليست بالضرورة أن تكون حقيقية فعلى الشاب أن يدرك كيفية استخدام هذه البرامج بعقل ٍمتزن لا تشوبه شائبة. وأما بالنسبة للسلبيات فهي عديدة ومتنامية مع الوقت نتيجة لتحول منظومة القيّم والعادات والتقاليد وانحراف نمط الحياة الاجتماعية، باستخدام وسائل التواصل كوسيلة لارتكاب بعض السلوكيات المنحرفة والشاذة لمحاولة التواصل مع عدد أكبر من الأشخاص المتابعين من خلال هذه البرامج. وقال الدكتور حبيب غلوم، إن المسألة تعدت الاستخدام المعتاد لمواقع لتواصل الاجتماعي أو البرامج التقنية الحديثة، فيجب أن يكون هناك تدخل سريع من قبل الجهات المعنية لوضع حدود، وتقنين استخدامها كون هذه البرامج أصبحت سلاحا في يد كل شخص مسؤول وغير مسؤول، فلا بد أن يكون اليوم التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية ككل بترخيص مثل ما نتعامل مع الإذاعات والقنوات التلفزيونية والمحطات الفضائية، يجب أن نؤكد على هذه المسألة أن كل من يريد الحصول على صفحة إلكترونية أو المشاركة من قبل هذه البرامج، يمر ضمن قيود وشروط وموافقة وأذن؛ كي يتمكن من المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن من المهم أن تكون لدينا مثل هذه البرامج، وتعطى لمن هم كفء للمشاركة من الشباب تحديداً، للاستفادة منهم في مناقشة بعض القضايا التي تدخل في الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ولكن من الصعب جداً أن يترك الموضوع لكل من هب ودب. وقال أتمنى سن قانون يعطي الحق للجهات المعنية والمؤسسات لمراقبة أي موقع يحظى بمتابعات وعدد مشاهدات عالية من قبل الجمهور، حيث يتم التحري عن هوية صاحب الموقع، ويتم أيضاً إخضاعه تحت رقابة كاملة بكل ما يقدمه ويطرحه للمتابعين. شروط البرامج التقنية أوضح محمد خليفة الغفلي، محامٍ ومستشار قانوني، أن كثيراً من الناس يقع في الاستخدام الخاطئ لبرامج تقنية المعلومات، وقد تشكل هذه الأفعال جرائم بنص القانون، والعقوبات مشددة فيها، وشهدت أروقة المحاكم العديد منها ولا تزال القضايا تتوالى، وذلك بسبب الاستخدام السلبي وغير السليم لبرامج التواصل الاجتماعي، ويرجع ذلك لكون الشريحة الكبيرة ممن يستخدم مثل هذه البرامج هم الأطفال والشباب، وممن لا يملك الثقافة القانونية، ناهيك عن عدم قراءة شروط استخدام مثل تلك البرامج، والتي في غالبها تنتهك خصوصيات المستخدمين بموافقتهم الشخصية، لأنه لا يمكن أن يتم تحميل مثل تلك البرامج إلا بعد الموافقة على الشروط التي يضعها صاحب ذلك البرنامج، لذا وجب التنبيه على من يستخدم تلك البرامج، خاصة النساء، بأن تتم قراءة الشروط جيّداً، ومعرفة كيفية استخدام تلك البرامج، وحتى لا تحدث أمور لا تحمد عقباها، وكذلك بالنسبة لمواطني ومقيمي الدولة وزائريها، عليهم الاطلاع على المرسوم بقانون اتحادي بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012 حتى لا يقعون متهمين في قضية لجريمة بها حكم الإبعاد بالنسبة لغير مواطني الدولة. وقال إن في ظل التطور السريع في مختلف مجالات الحياة، وتطور وسائل تقنية المعلومات والأجهزة الإلكترونية، ظهرت برامج عديدة تستخدم في التواصل الاجتماعي، أشهرها «فيس بوك» ثم «تويتر»، وبعدهما «انستغرام» و«سناب شات» وغيرها من البرامج المتوافرة في شبكة الإنترنت أو عبر الأجهزة الإلكترونية واللوحية والهواتف المتحركة الحديثة، ومع تطور هذه التقنيات والبرامج وسهولة الحصول على الأجهزة اللوحية والهواتف المتحركة، تطورت معها الجرائم، وأصبحت إحدى أدوات اللصوص والمجرمين، وظهرت العديد من أشكال تلك الجرائم التي نذكر من أشهرها وأوسعها انتشاراً، وهي جرائم القرصنة الإلكترونية والدخول إلى المواقع الإلكترونية دون إذن أو تصريح، وجريمة الابتزاز الإلكتروني، والاعتداء على الخصوصية، والاحتيال الإلكتروني، وسرقة الأموال والحسابات البنكية وبطاقات الائتمان، وتداول ونشر الأفلام والصور الإباحية بمقابل أو دون مقابل. وأضاف الغفلي أن من هذه الجرائم إغواء أنثى أو صبي، وتحسين المعصية، ناهيك عن الجرائم الإرهابية والأمنية والتمييز والكراهية، وغيرها من الجرائم، وأشار إلى أن المشرع الإماراتي كان من السباقين في مواجهة الجريمة الإلكترونية، وكان القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2006 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات من أوائل القوانين في العالم، ثم جاء المرسوم بقانون اتحادي بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012 والذي جاء مواكباً لتطور الجريمة في الفضاء الإلكتروني. ضرورة تقنين عدد ساعات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يقول الأستاذ الدكتور أحمد فلاح العموش أستاذ علم الاجتماع التطبيقي بجامعة الشارقة، إن معظم الشباب اليوم يعتمد بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، وهذه حالة تبيّن لنا حالة من الإفراط في عدد الساعات التي يقضونها من خلال هذه البرامج، مما فصلهم عن حياتهم الأكاديمية وحتى عن أسرهم، وقد يضعهم تحت مخاطر السلوكيات الانحرافية وقد تصل أحياناً إلى الابتزاز الإلكتروني. مشيراً إلى أننا نجد في بعض الأحيان ضحايا بسبب سوء استخدام هذه المواقع والبرامج. وأضاف العموش، لذلك يجب علينا توعية الشباب بمخاطر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل مع الشبكات ذات الثقة والمصداقية، وتقنين عدد الساعات في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بحيث لا يمكث الشاب لفترة طويلة على هذه البرامج، وأن يستغل وقتة في البحث عن المعلومة التي تضيف لعقله ولفكره وتخلق له شيئاً قد ينفعه. وأشار العموش على أن الشاب يجب ألا يصل لمرحلة الإدمان على هذه البرامج والمكوث عليها أكثر من 7 ساعات ويجب أن يضع له وقتا محددا كل يوم لاستخدامها بشكلٍ سليم حتى لا تشكل نمطا روتينيا في حياته ومن ثم تؤثر عليه سلباً من حيث العمل والأسرة أو التحصيل الدراسي. مدير إدارة الإفتاء في «إسلامية دبي»: الشهرة عبر الإساءة مخالفة شرعية أكد الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، أنه تقع على الشباب والشابات وغيرهم مسؤولية عظيمة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي و التطبيقات الذكية، فإنها تعبر عن ضمائرهم وتوجهاتهم، فلا بد أن يكونوا في مستوى المسؤولية ليعبروا عن دولتهم وشعبهم أفضل تعبير ، فذلك دليل ولائهم لقيادتهم وبلدهم، فإن فرطوا وتعدوا الحدود، وتجاوزوا القوانين النافذة، فإنهم سيكونون في طائلة القانون والمسؤولية. بالإضافة إلى ذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي يجري عليها من الأحكام الشرعية عند الله وعند الناس ما يجري على سائر أفعال المكلف وأقواله، فإذا أحسن استخدامها فيما ينفع نفسه أو غيره أجر وشكر، وإن استخدمت فيما يضر نفسه أو الآخرين أوخذ بتصرفاته، فيتعين على مستخدمها أن يحاسب نفسه بتبعات هذا التصرف . وقال الحداد، إذا كان أحدهم يريد باستخدامها نيل شهرة أو كان قصده الإساءة للوطن أو لأحد من الناس، فإنه سيكون في طائلة القانون. ومعلوم أن نيل الشهرة بما يكون فيه إساءة للآخرين يعتبر جرماً في حق الآخر، يعاقب عليه القانون، ومن حق هذا الآخر أن يقاضيه للإساءة. فضلاً عما في ذلك من مخالفة شرعية، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم - عما رآه ليلة أسري به، وكان مما رأى رجلاً يشرشر - أي يشق ويقطع - شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فلما سأل جبريل عليه السلام عنه؟ قال له: إنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق» كما أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سمُرة بن جندب رضي الله تعالى عنه. مشيرا إلى أن ذلك قد يحدث عبر هذه الوسائل التي تبلغ الآفاق بسرعة الضوء، لافتا إلى أن نشر المقاطع المخلة بالآداب من الأمور المحرمة؛ لما فيها من إشاعة الفحشاء الذي نهى الله تعالى عنه، لأنها تلوث المجتمع وتسيء إليه وتفسد كثيراً من الناس. ودعا المسلم أن يتقي الله تعالى من الوقوع في ورطة المؤاخذة على ذلك بما لديه من تقنيات، وعليه أن يوظفها فيما ينفعه وينفع الناس، فإنها من أجلِّ النعم التي يمكن توظيفها في الصالح دون الطالح، لافتا إلى أن الدولة ولله الحمد لديها قوانين رادعة لمن يسيء للآخرين أو للدولة نفسها، فكل من صوّر وأرسل مثل هذه المقاطع هو في طائلة المسؤولية لا يعفيه من ذلك جهله بالقانون، ولا حسن قصده أو سذاجته. استعراض العضلات الخاوية على شبكات التواصل يرى جاسم محمد المرزوقي استشاري فني طب نفسي بمستشفى الصحة النفسية، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ملاذ من ملاذ له، ولمن يتمتع بالصحة النفسية والشخصية القوية والقويمة، ولمن لا يتمتع بالشخصية القويمة والمستقيمة. فهذه المواقع للشخصية السوية وللشخصية المضطربة لأن التواصل فيها يكون من خلال العالم الافتراضي، وبالتالي صاحب الفكر الصحيح المستقيم يسعى وراء إيصال فكره بغض النظر عن قبول الناس له أو رفضهم له، وفي جميع الأحوال يعرض فلسفته الذاتية، فإن كان لديه القبول والكاريزما تبعه الناس. وأشار إلى أن بعض الناس الذين ليس لديهم ظهور أو تمثيل إعلامي يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار شهرة مبطنة، أو لاستعراض العضلات الخاوية، أو لإبراز جانب من الفكر الذي قد لا يكون صحيحاً، وقد يكون في طياته جملة من الصراعات والنزاعات والمشاحنات والمشكلات النفسية. ويشير المرزوقي إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم عالم افتراضياً يساعد الكثيرين على طرح أفكارهم وفلسفاتهم، وبالتالي هي أقصر وسيلة للوصول إلى الناس عبر هذا العالم، لذا فإن مثل تلك الاستخدامات تحقق غايات الإنسان وتحقق له مآربه، وخاصة إذا كان الهدف من هذه المشاركات حصد أكبر نسبة من المتابعين أو القيام ببعض الحركات سواء كانت مقبولة أو غير مقبولة أو غير ذلك أيضاً ، فيما لا نرى ذلك لدى ذوي الفكر المعتدل وذوي الشخصية الصحيحة السليمة. وأوضح المرزوقي أن الفارق ما بين الصحيح والسقيم، السليم والمضطرب، يكمن في الهدف من وراء استخدامهم هذه التطبيقات الذكية، فمنهم من يرى أن الهدف لديه غاية ورسالة يؤمن بها ويسعى إليها من خلال الفكر والكلمة والصورة والمقطع التصويري الذي يؤثر على حياة الناس إيجاباً وبالتالي يمتلك قلوب الملايين، ومنهم من يرى بمثل هذه التصرفات وسيلة لحصد أعلى نسبة من المتابعين. وفي الغالب فإن الشخصيات السوية لديها القدرة والإمكانيات العلمية والأخلاقية والدينية والثقافية لإيصال أهدافهم للناس، ومنهم من لا نعرفه ولكن يتمتعون بكاريزما طيّبة وبالتالي يمتلكون الفطرة الإنسانية الصحيحة المستقيمة الجيّدة لإيصال رسائلهم الهادفة، ومنهم من لا يمتلك لا هذا ولا ذاك ولكن هدفه جمع أكبر عدد من المتابعين وعدد من المشاهدات. ونوه المرزوقي إلى أنه تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة في التوجيه لكيفية استخدام هذه التطبيقات الذكية التي أصبحت بمتناول الجميع، من دون أية مبالغة، وبعيداً عن الانصياع خلف رغباتنا، وعدم إبراز الغايات وإحلالها مكان الوسائل، فيلتبس عليهم الأمر لتصبح الغاية وسيلة والوسيلة هي الغاية، فيجب أن تكون هذه المشاركات وفقا لمعاير «ما الذي أضفته إلى العالم واستفاد منه الآخرون» سواء كانت المشاركة مقالاً أو رسالة أو صورة أو مقطع الفيديو.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©