السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«صوغة» مبادرة تروج للحرف المحلية فوق السحاب

«صوغة» مبادرة تروج للحرف المحلية فوق السحاب
5 ابريل 2011 21:32
لا يقتصر الاهتمام بالسائح في أبوظبي على أوجه الخدمات الراقية التي توفرها مرافق الضيافة الحائزة أعلى درجات التصنيف. وإنما يتعداه إلى ما لا يخطر في البال من تفاصيل ترفع اسم البلاد إلى حد نجوم التميز. ومع كل مظاهر الاعتزاز بالحاضر الذي يضيء يومياً على إنجازات قطاع السياحة في الإمارة، مازال هنالك الكثير من الخطط التنموية التي تخبئ المفاجآت للسكان والضيوف. أحدثها مبادرة “صوغة” التي أطلقها “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” والتي تنقل الحرف اليدوية المحلية من بيوت الجدات إلى طائرات “الاتحاد للطيران”، بقصد بيعها في السوق الحرة وتعريف الركاب من حول العالم على تراث الإمارات. مع بداية موسم الصيف في شهر يونيو المقبل سوف تضاف إلى قائمة المبيعات في السوق الحرة من على متن “الاتحاد للطيران” إنتاجات مختلفة الأشكال والألوان من سعف النخيل وحياكة السدو. والقصد منها عدا عن الترويج للصناعات المحلية التي تحوكها آياد المواطنات من بيوتهن وتحسين أوضاعهن، إضافة وجه جديد لمعالم الفخر بالإرث الوطني. ولهذه الأسباب مجتمعة تأتي مبادرة “صوغة” التي يدعمها “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” بالتعاون مع “هيئة أبوظبي للثقافة والتراث”، بهدف تطوير هذه المنتجات الحرفية المستمدّة من التراث، ونقلها جوا إلى كافة الشعوب عبر ترسيخها باسم تجاري يحمل ملامح محلية. أميال السفر المعروضات التي يدعمها الصندوق ويشرف بالكامل على إنتاجها وتسويقها، تشمل حقائب يدوية وأخرى للتخزين، وأدوات لتزيين المنزل كمفارش وبسط ووسائد للجلسات العربية. وسواها من الأفكار التي تصلح لأكثر من استخدام. تقوم بتصنيعها 50 مواطنة من أنحاء الدولة ولاسيما من المنطقة الغربية في شعبيات غياثي والسلع والمرفأ والوثبة وسويحان تحت إشراف خبراء يقدمون كافة أوجه الدعم اللازم. وكل ذلك من شأنه أن يعزز الهوية الوطنية ويفتح منافذ واسعة لتسويق منتجات المواطنات اللاتي يعملن في مجال الحرف التقليدية التي تأبى الاندثار. وأن يعرف شعوب العالم الخارجي على إبداعاتهن التي تتوارثها الأجيال وتروي حكايات عن واقع الحياة في البيوت الإماراتية على مر السنين. وتورد قماشة المهيري الاستشارية في “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” أن مبادرة “صوغة” رأت النور قبل عامين وكانت الغاية منها الحفاظ على التراث المحلي من جهة، ومن جهة أخرى توفير مصدر دخل للحرفيات في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي. وتذكر أنه من ضمن الخطة المستقبلية أن يتم قريباً دمج المواطنين من الرجال في هذه المبادرة وذلك عبر تدريبهم والوصول إليهم في المناطق البعيدة، مثل السلع وغياثي وبدع زايد والمرسى والرحبة وليوا والوثبة. وتقول: “يمثل تعاوننا مع “الاتحاد للطيران” خير دليل على أننا وصلنا إلى مستوى مرموق من الصناعات الحرفية التي تلائم السوق والعصر، مما يسمح بدخولنا بقوة إلى المجال السياحي من طريق المشغولات اليدوية”. وأكثر من ذلك فإن ركاب “الاتحاد للطيران” سوف يكون من المتاح أمامهم خلال شهرين تقريباً، الاستفادة من خدمة أميال السفر المحتسبة في رصيدهم لشراء منتجات “صوغة”. “وهذا الحراك الاجتماعي الثقافي والسياحي، هو ما نسعى إليه عبر تطوير شبكات تسويقية فاعلة تمكن أصحاب الحرف التراثية من استثمار مهاراتهم وتحويلها إلى مصادر للدخل. ونحن نعتمد على حقيقة مفادها أن تراثنا حافل بالصناعات الجميلة التي تحمل بين طياتها قصص الماضي العريق والحضارة العابقة بالأصالة”. السوق المركزي وضمن الخطة التوسعية التي تنتهجها “صوغة”، يجري التعاون حاليا مع أكثر من جهة للترويج لهذه المنتجات عبر توقيع اتفاقيات مع “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” لدعم العاملات والعاملين من المواطنين. ومن أبرز هذه الجهات “هيئة أبوظبي للسياحة”، “هيئة البيئة”، “هيئة المواصلات”، “الاتحاد للطيران”، وشركات أخرى. أما الخطة العملية في هذا المجال فتتمثل في الدعم المادي والمعنوي الذي يوفره الصندوق، عبر تنظيم ورش تدريبية وتأمين المواد الخام التي تحتاجها كل صناعة، إضافة إلى المساهمة في تقديم التصاميم والأفكار والقيام بعملية التسويق. على أن المردود المالي يعود بالكامل إلى أصحاب الحرف. وينظم “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” دورات تدريبية في مناطق الحرف اليدوية، تحت عناوين: “تسعير المنتجات”، “إدارة المشروع”، “ريادة الأعمال”، “تنسق الألوان”، “التصميم”، “الخياطة”، “مبادئ في المحاسبة” و”إدارة مشروعي الصغير”. وهذه الدورات من شأنها أن تزيد من الوعي الاجتماعي بضرورة الترويج للتراث المحلي من خلال المواقع السياحية التي تعج فيها البلاد، كونها الوسيلة الأفضل لنشر رسالة الجدات والأجداد. كما يرفع هذا النوع من الدورات من معنويات الحرفيين والحرفيات، ويقوي الحافز لدى الأيادي المنتجة لتكون أكثر إلماما بالحرفة وما يحوط بها من تفاصيل إلى حين بيعها. ومن ضمن الأفكار التسويقية التي يحولها “الصندوق” إلى واقع بقصد تحقيق أكبر قدر من تطوير هذه المبادرة، القيام بفتح أول منفذ للبيع بالتجزئة يحمل اسم “صوغة” داخل “السوق المركزي” في مدينة أبوظبي. و”الصندوق” يتحمل كافة التكاليف المنوطة بهذا المشروع، علما أن كل سلعة يتم فرزها بحسب صانعها. وبمجرد أن يتم بيعها يصله سعرها بالمبلغ الذي اقترحه. كما أن خطة التسويق بحسب المهيري تشمل إدخال تحسينات على تغليف تلك المشغولات وأساليب عرضها، إضافة إلى ابتكار آليات تسويق تتلاءم مع طبيعة كل منتج. من خلف البراقع على هامش الإعلان عن الاتفاقية بين “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” و”الاتحاد للطيران”، كان لنا لقاء مع عدد من الحرفيات اللاتي يتعاملن مع مبادرة “صوغة”، وقد أتين من مناطق بعيدة للتعريف بالهواية الأكثر شهرة في الإمارات والتي لطالما كانت من أقدم المهن التي أتقنتها الجدات. افترشن بمعداتهن البسيطة بهو مكاتب “الاتحاد للطيران” وأخذن برشاقتهن المعهودة يحكن مشغولات تلقى كبير الدعم كي تعيش وتتوارث من جيل إلى آخر. ومن خلف براقعهن كانت تظهر علامات الاعتزاز بالنفس على وجوههن. كيف لا وهن يفخرن بما يقدمنه من عمل يعين مدى أهميته ولاسيما مع مبادرات التسويق له في أهم المرافق السياحية داخل الدولة وخارجها. كانت مريم حسن محمد المرزوقي وهي أم لـ 4 أبناء، مندمجة في فرز شرائط الخوص لاستكمال ما بدأته من فن صناعة الحقائب، عندما اقتربنا منها بقصد التعرف إلى عملها. لم تتوقف لحظة عن تحريك أصابعها المغطاة بتلك الخيوط الملونة، وأول جملة قالتها: “انقطعت عن هذا العمل 3 عقود من الزمن، وها أنا اليوم أعود إليه بدعم وتشجيع من “صندوق خليفة”. لم أكن أصدق أنني مازلت أتمتع بليونة الحياكة نفسها، ولكن يبدو أن إرث الأجداد يسري في دمائنا نحن الإماراتيين”. ومريم التي تسكن في منطقة المرفأ - السلع، تعتبر أن أعمال الخوص تشكل أفضل أنواع الهوايات التي تشغل وقتها بما هو مسل ومفيد. وتذكر أنه مع المردود المالي الذي تنتظره من صناعاتها، غير أن ما يدفعها إلى مواصلة العمل من جديد، أن تثبت لنفسها وللمعجبين بفنها، أن الإمارات قادرة يوميا على إنتاج ما يبهر الجميع. “لقد تعلمت الحياكة بسعف النخيل من أمي وكنت ماأزال طفلة صغيرة، وهذا ما أرجوه اليوم لبنات هذا الجيل المنشغلات بالعمل على الكمبيوتر. تراثنا ثري ولابد من الحفاظ عليه”. على متن الطائرة تؤكد على كلامها بخيتة سيف المنصوري المقيمة في ناهل - سويحان، والتي تجد يومياً متسعاً من الوقت لحياكة السدو على الطريقة التقليدية. ومع كونها أما لـ 11 ولدا وبنتا بينهم صغار في السن، غير أنها تعشق الحرف اليدوية وتوليها الكثير من اهتمامها كما لو أنها ولد من أبنائها. “أحمد الله أنني قادرة على العمل من بيتي والحصول على المردود المالي الذي يدعم وضعي. كما أكن كل الامتنان لـ”صندوق خليفة” الذي يوفر لنا كحرفيات كل ما نحتاجه من أدوات في عملنا. ولولا المشورة التي يحوطنا بها لما تمكنا من إيصال مشغولاتنا ليتم بيعها على متن الطائرة”. وهي سعيدة جدا لأنها بدأت تبيع ما تصنعه يداها مما يشعرها بالتشجيع ويدفعها إلى مواصلة العمل بالاندفاع نفسه. وما أن تنتهي من حياكة قطعة حتى تباشر في الأخرى، وتساعدها في ذلك بناتها، إذ إنها تحرص على تدريبهن على حياكة السدو التي تعتبر من أرقى أنواع الصناعات التقليدية باهظة الثمن. من جهتها فاطمة سعيد محمد المنصوري التي أتت من الوثبة لتعرض جزءا من منتجاتها، تذكر أنها تواظب على صناعة الحرف اليدوية منذ سنوات طويلة. وهي تمنح هذه الهواية القيمة فترات طويلة من وقتها، إذ تبدأ بالعمل منذ الصباح وحتى المغرب. ولا تتوقف عن الحياكة إلا للصلاة أو تناول الطعام وذلك في أوقات محدودة من اليوم. فاطمة وهي أم لـ 5 أبناء تقول إنهم فخورون بما تقوم به، تدعو كل أمهات الإمارات إلى تعليم بناتهن على الحرف اليدوية مثل حياكة الخوص والسدو وسواهما. وتذكر أنها تفرح كثيرا عندما تشاهد بناتها يقمن بهذه الأعمال التي تذكر بتراث الأجيال المتعاقبة. عبر الأجواء تساهم “صوغة” التي تنقل الحرف المحلية إلى أنحاء العالم عبر أجواء “الاتحاد للطيران” في تحفيز الطاقات الإبداعية وتنمية المهارات الريادية لدى المواطنات اللاتي يعملن في مجال المشغولات التراثية. وهي تشمل صناعات مختلفة بينها “البراقع” والمنسوجات و”التلي” و”السدو”، ومنتجات سعف النخيل. اشتراك شارك “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” في “معرض أبوظبي الدولي للكتاب” الذي انطلقت فعالياته الشهر الفائت، وذلك عبر عرض منتجات حرفية وتراثية تم تطويرها ضمن مبادرة “صوغة”. وقد شهدت المعروضات إقبالاً ملحوظاً من مرتادي المعرض من مختلف الجنسيات بهدف التعرف على بعض منتجات الحرف اليدوية التراثية والمحلية التي تعكس صورة من صور الحياة الثقافية في الدولة. صوغة تعني كلمة “صوغة” باللهجة المحلية ما يشتريه المسافر من الهدايا ليقدمها إلى أهله وأصحابه عند عودته من السفر. وهي تشمل أدوات حرفية يمكن استخدامها كديكور للبيت، إضافة إلى مجموعة من الحقائب المختلفة. مبادرات تأتي “صوغة” ضمن برنامج مبادرات تنموية يعدها “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” بهدف تشجيع العمل اليدوي لدى المواطنين. وكان “الصندوق” طرح في وقت سابق مبادرة ريادية أخرى هي برنامج “الردة” لتأهيل نزلاء المراكز الإصلاحية في أبوظبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©