الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ميجرون»... صراع بين القانون والاستيطان

1 ابريل 2012
لا يوجـد ما يجذب، أو يلفت الانتباه على قمة إحدى التلال بالضفة الغربية عدا ربما تلك المنازل المتنقلة وملعب لكرة السلة، وخزان للمياه يلوح من بعيد مع بعض الهوائيات المتناثرة على السطوح. لكن رغم المنظر الكريه لتلك البنايات اكتسبت المستوطنات التي تعلو قمة التلة بعداً رمزياً في الشهور الأخيرة، بعدما تحولت إلى ساحة لنزاع قانوني يحدد مصيرها النهائي، ومعه كما ترى كل الأطراف المنخرطة في الموضوع الوجهة التي ستتخذها إسرائيل مستقبلًا. فقد وصلت قضية مستوطنة "ميجرون" المطروحة أمام المحاكم الإسرائيلية منذ فترة إلى مرحلة الحسم، عندما أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً سابقاً بعدم شرعية المستوطنة التي يعيش فيها حالياً 49 أسرة يهودية لأنها أُقيمت على أرض فلسطينية، كما رفضت المحكمة خطة حكومية لتأجيل تدمير المستوطنة لثلاث سنوات. وبالنسبة لمؤيدي القرار يشكل الإخلاء المنتظر للمستوطنين في البؤرة غير الشرعية انتصاراً لحكم القانون، بل حتى إمكانية المضي قدماً في تطبيق حل الدولتين لحل الصراع مع الفلسطينيين الذين يتطلعون إلى بناء دولتهم المستقلة في الضفة الغربية، حيث تقف مستوطنات مثل "ميجرون" وغيرها حائلاً دون ذلك. لكن ومن وجهة نظر سكان البؤرة الاستيطانية التي أمر القضاء بإخلائها والداعمين لفكرة الاستيطان، يمثل قرار المحكمة تآكلاً واضحاً للمشروع الصهيوني على يد القوى اليسارية المتواطئة مع القضاء، والتي تعاظمت سلطتها، مهددة، حسب رأيهم، بإمكانية تأجيج المواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين الذين سيقاومون تنفيذ قرار الإخلاء. وفي الوقت الذي تعتبر فيه أغلب الحكومات الأجنبية أن جميع المستوطنات الإسرائيلية التي تستضيف نحو 300 ألف يهودي في الضفة الغربية غير شرعية، تصر الحكومة الإسرائيلية من جانبها على التمييز بين المستوطنات التي رخصت لبنائها والعشرات من البؤر غير المرخصة التي من بينها "ميجرون" موضوع الجدل. لكن رغم هذا الفصل بين المشروع من المستوطنات وغير المشروع منها، فإنه نادراً ماتحركت السلطات الإسرائيلية لتفكيك ما يندرج في خانة المستوطنات غير القانونية، بل إنها وفرت لها الخدمات الأساسية من طرق وأنابيب توصيل الماء والكهرباء. وفي ظل الصراع الدائر حالياً بشأن مستوطنة "ميجرون"، تحول هذا النزاع إلى اختبار حقيقي لنتنياهو الذي يضم تحالفه الحكومي أحزاباً يمينية تدافع عن المستوطنات، هذا بالإضافة إلى الانتقادات التي تتعرض لها من أطراف ترى في التشريعات التي أُقرت مؤخراً مساساً بالطابع الديمقراطي للدولة العبرية. وفيما هددت بعض الأحزاب "اليمينية" بالانسحاب من التحالف الحكومي في حال تم تفكيك المستوطنة موضوع الخلاف، هدد آخرون بمن فيهم أعضاء داخل حزب "الليكود"، الذي يتزعمه نتنياهو بالدفع في اتجاه تبني قرارات تضفي الصبغة القانونية على المستوطنة وتنقذها من التدمير. لكن خبراء في القانون اعتبروا الخطوة الأخيرة غير دستورية، كما أن نتنياهو نفسه لا يؤيدها. لكن رغم القرار القضائي بإخلاء "ميجرون" لم تبدِ تل أبيب أي جرأة في مواجهة المستوطنين، فمنذ عام 2003 تفادت الحكومة الإسرائيلية التزاماتها للولايات المتحدة بتفكيك البؤر الاستيطانية غير الشرعية، ومع تصدر الملف النووي الإيراني للأجندة في أميركا وإسرائيل، فقد تراجع الضغط الأميركي على الدولة العبرية للوفاء بوعودها. ولتفادي الدخول في مواجهات مع المستوطنين مع حلول الموعد الذي حددته المحكمة العليا، اقترح المندوب الحكومي المكلف بالتفاوض مع المستوطنين حلاً بديلاً يقوم على بناء مساكن جديدة في تلة قريبة ينتقلون إليها بحلول 2015، لكن لجنة تابعة للمحكمة العليا رفضت الاقتراح الحكومي، منددة بما اعتبرته تحدياً لقرارها السابق، ومنتقدة فشل السلطات في تعويض ملاك الأرض الفلسطينيين. وفي أول رد فعل له على القرار القضائي قال بنيامين نتنياهو: "الحكومة كما باقي مكونات الأمة تقبل الأحكام القضائية وتحترمها". أما على الجانب الفلسطيني فقد أبدى الفلسطينيون الذين سُلبت منهم أراضيهم لبناء مستوطنة "ميجرون" ارتياحاً للقرار القضائي، وإن كانوا لا يعتقدون بأن الحكومة الإسرائيلية ستفكك جميع البؤر الاستيطانية التي تحيط برام الله. وعن هذا الموضوع، يقول أحمد بركات، أحد سكان المنطقة، "لو احترمت السلطات الأمر القضائي وطبقته كما جاء في منطوقه يمكن القول إن هناك بعض الديمقراطية، أو على الأقل بعض العدالة في هذا المكان". وفي جميع الأحوال لن ينتقل مستوطنو "ميجرون" بعيداً في حال تنفيذ قرار المحكمة العليا، حيث صرح مسؤول حكومي رفض الإفصاح عن اسمه بأن السلطات تسعى إلى تفاهم مع المستوطنين لا يظهرهم أنهم انهزموا، وعلى الأرجح يضيف المسؤول الحكومي أن سكان "ميجرون" سينتقلون إلى مساكن مؤقتة ليستقروا لاحقاً في مستوطنة أخرى بإحدى التلال المجاورة التي لا تبعد كثيراً عن الموقع الأول لـ"ميجرون". ومع أن الحكومة لم ترخص لإقامة المستوطنة، إلا أن هيئاتها المختلفة أسهمت في بنائها، وبالتالي تتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه المستوطنين لإعادة إسكانهم في مناطق أخرى. كارين برويارد الضفة الغربية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©