الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة بغداد: حصيلة عادية... في ظروف استثنائية!

قمة بغداد: حصيلة عادية... في ظروف استثنائية!
1 ابريل 2012
عقد العراق قمة تاريخية للقادة العرب، أظهرت صورة عراق ما بعد الحرب، ولكنها أظهرت مع ذلك أيضاً الخصومات القديمة، في منطقة ما زالت تصارع تداعيات التغير الثوري الذي اجتاح أجزاء منها خلال العام الماضي. وقد افتتح الرئيس العراقي "جلال الطلباني" القمة معرباً لرؤساء الدول وغيرهم من المسؤولين عن "ترحيبه الحار" بهم في "مدينة السلام" بعد وقت قصير من انفجار صواريخ خارج المنطقة الخضراء، حيث كان يجتمع هؤلاء القادة. ولكن تلك الهجمات، والحضور المحدود، والبيان غير الفعال عن سوريا، لا تحول في مجملها دون القول إن العراق قد حقق انتصاراً مؤكداً بنجاحه في عقد أول قمة عربية على أرضه منذ عام 1990، وذلك بعد أن تم تأجيل تلك القمة مرتين من قبل بسبب مخاوف أمنية. وقد خاطب رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" القادة المجتمعين في قاعة باذخة لقصر أعيد تجديده قائلاً: "إخواني لقد كان عقد هذه القمة في بغداد منذ ثلاثة أعوام حلماً مستحيلاً حيث كانت المدينة عبارة عن مدينة أشباح، ذات مؤسسات مهجورة، ومساجد وكنائس مدمرة، وأحياء معزولة، ومستشفيات مليئة بالقتلى والجرحى". والمدينة التي قابلت القادة الأسبوع الماضي كانت مختلفة غاية الاختلاف، حيث نقل القادة من المطار على جناح السرعة عبر شوارع خالية مغلقة أمام المارة، ومنها إلى استقبال رسمي على البساط الأحمر، وبعدها إلى قاعة المؤتمر التي قام على الخدمة فيها نادلون أتراك وروعيت فيها كافة مظاهر الفخامة والبذخ، واشتملت المأدبة الرئيسية فيها على تمور مغلفة بطبقة رفيعة من الذهب الخالص وهو ما يكشف عن طموح العراق لاستيفاء معايير مؤتمرات القمة التي تعقد في بعض الدول العربية الأخرى الغنية. وتلك التطورات تعطي فكرة عن المبالغ الطائلة التي أنفقها العراق وقد بلغت 500 مليون دولار لتحسين الطرق، وشراء أسطول من السيارات المدرعة، وتجديد الفنادق، وإعداد القصر الباذخ المنتمي للعهد الملكي في العراق، والذي أدخل صدام حسين توسعات عليه قبل أن تحتله سلطات الاحتلال الأميركي بعد غزو العراق عام 2003. بيد أن العراقيين خارج المنطقة الخضراء لم يروا سوى القليل من ذلك السخاء والبذخ. وقد هيمن العنف في سوريا على أجندة المؤتمر الذي ناقش أيضاً موضوع مكافحة الإرهاب، كما ناقش الملف الذي يناقش بصفة مستديمة منذ إنشاء الجامعة العربية وهو موضوع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وحث الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"، الذي حضر المؤتمر، سوريا على التطبيق الفوري لخطة السلام بعد أن قبلتها مؤخراً. وقد أظهر المؤتمر الانقسام العميق داخل الجامعة العربية بشأن مقدار الضغط الذي يتعين ممارسته على الرئيس السوري بشار الأسد، كما أظهر استعداد الجامعة للتخلي عن ذلك الملف، وهو ما تبدى بوضوح في تصريح الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي للصحفيين بعد انتهاء القمة الذي قال فيه: "إن مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة التي تملك سلطة إصدار قرارات ملزمة بعد إرسال الملف السوري إليه". وبخلاف سوريا لم تتطرق البيانات إلا بقدر محدود للصراعات داخل بعض الدول الأعضاء. كما ألقى مندوب السعودية كلمة قال فيها إن المشكلة الملحة في المنطقة الآن هي الحاجة إلى إجراء تغييرات اقتصادية. وبالإضافة إلى العراق حضر 10 رؤساء دول من بين 20 تم توجيه الدعوة إليهم، وهو ما يزيد بواحد فقط على عدد الحضور الذي قال الدبلوماسيون إنه سيكون مطلوباً لعقد القمة. وقد ضم الحضور الرئيس السوداني عمر البشير المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، الذي كان واحداً من بين عدد قليل من الجيل القديم من الزعماء الذين كانوا حاضرين مع رؤساء الحكومات الانتقالية، والوزراء، والسفراء المرسلين من قبل الدول. وكانت الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي حضر حاكمها القمة، وهو ما عُد قفزة دبلوماسية كبيرة للعراق الذي مازال يحاول إصلاح علاقاته مع جارته الخليجية بعد مرور عشرين عاماً على قيام صدام بغزوها عام 1990. وفي مشهد لم يكن متخيلاً منذ عدة سنوات رحب المالكي بأمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح في المطار بعناق عربي تقليدي، ومن جهته شكر أمير الكويت، في كلمته أمام القمة مضيفيه العراقيين وقوات الأمن العراقية التي أمّنت القمة. وفي بادرة أخرى دالة على التقدم الذي حدث، عينت السعودية أول سفير لها في العراق منذ ما يزيد على عشرين عاماً. وكان من بين الحاضرين أيضاً رئيس المجلس الانتقالي الليبي، ورؤساء لبنان، والصومال، وجزر القمر، وجيبوتي، وتونس، أما الأردن فقد اكتفى بإرسال رئيس وزرائه في بادرة قد تفهم على أنها تعبر عن مخاوفه بشأن ما يرى أنه تهميش للسنة في العراق. أما قطر التي قيل إنها مستاءة بسبب عدة موضوعات شملت محاولة القبض على نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي على خلفية تهم تتعلق بالتورط في أعمال "إرهاب"، فلم تستجب للدعوة العراقية سوى في اللحظة الأخيرة، واكتفت فقط بإرسال مسؤول برتبة سفير. وقال وزير الخارجية القطري في لقاء له مع قناة "الجزيرة" عشية القمة إن التمثيل المنخفض لبلاده مقصود به إرسال رسالة للعراق بشأن هموم قطر ومخاوفها. وفي علامة على نفوذها السياسي المتزايد، وقعت قطر اتفاقية في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد الأربعاء الماضي، وتم بموجبها تنازل عمان عن حقها في عقد القمة العربية العام القادم لقطر، بحيث تعقد تلك القمة في عاصمتها الدوحة. واستضافة القمة تعني أن قطر سيكون لها الحق في الاحتفاظ برئاسة الجامعة العربية للعام اللاحق. ومن المعروف أنها قد أنهت توّاً رئاستها للجامعة العربية قبل تسليمها للعراق هذا العام. جين آراف - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©