السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب الروسية- الجورجية... و»التحقيق الأوروبي»

الحرب الروسية- الجورجية... و»التحقيق الأوروبي»
5 أكتوبر 2009 23:53
إذا كنت تصدق التغطيات التلفزيونية هنا، فإن جورجيا بُرئت ساحتها تماماً هذا الأسبوع من قبل تحقيق أوروبي مستقل في أسباب الحرب التي خاضتها مع روسيا العام الماضي. وبغض النظر عما خلص إليه التحقيق من أن جورجيا بدأت الحرب، أو رفضه لما تزعم به جورجيا من أنها كانت تدافع عن نفسها ضد هجوم روسي واسع، فإن المحطات التلفزيونية الرئيسية الثلاث في البلاد كلها جنحت إلى تكرار الموقف الحكومي الرسمي القائل بأن التقرير النهائي للتحقيق «يؤكد أن روسيا غزت جورجيا». والواقع أن التغطية الإعلامية اللطيفة هي أحد الأسباب التي تجعل من غير المحتمل أن يضر التقرير، الذي رُفع إلى الاتحاد الأوروبي ونُشر يوم الأربعاء، بالمكانة السياسية للرئيس ميخائيل ساكاشفيلي في جورجيا، على المدى القصير على الأقل. ثم هناك سبب آخر، حسب بعض المحللين، ويتمثل في أن معظم الجمهور الجورجي، ولاسيما أولئك الذين يدعمون الرئيس، خلصوا قبل وقت طويل إلى أن روسيا تتحمل المسؤولية. الرئيس ساكاشفيلي، وهو محام درس في أميركا، وكان مدعوماً من قبل إدارة جورج دبليو. بوش ويواجه الانتقادات لأنه قاوم الإصلاحات الديمقراطية، رحب بخلاصات التقرير يوم الخميس بعد أن التزم في البداية صمتا غير مألوف، حيث قال للسكان في اجتماع بُث مباشرة على التلفزيون: «لقد قالوا حقائق أكثر مما كنت أتخيل»، في إشارة إلى المحققين الأوروبيين، مضيفاً «إنه انتصار دبلوماسي عظيم لجورجيا». لكن التقرير قال إن جورجيا خرقت القانون الدولي، وهي التي بدأت حرب أغسطس 2008 عبر قصف منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية؛ كما رفض ما تدفع به جورجيا من أن روسيا شنت غزواً واسع النطاق عليها، مما أرغم هذه الأخيرة على شن هجوم مضاد، وهو كلام يردده ساكاشفيلي كثيراً ولكنه لم يدعمه بأدلة. وقال ساكاشفيلي أيضاً: «إنهم يقولون إن جورجيا لم تقل كل شيء وانتهكت شيئاً، ولكن لا يهم». وأدى التقرير إلى جولة جديدة من تبادل الاتهامات بين ساكاشفيلي والمعارضة الجورجية التي طالما اتهمته بإملاء التغطيات على التلفزيون الوطني وبإدارة الحرب على نحو سيئ وبفقدان 20 في المئة من أراضي جورجيا. وعموما، يخشى خصوم ساكاشفيلي السياسيون من أن يُنظر إليهم على أنهم يقفون إلى جانب روسيا، ولكن نينو بورجانادزه، رئيسة البرلمان السابقة التي تقود حزب «الحركة الديمقراطية جورجيا الموحدة» المعارض استغلت خلاصات التقرير لتكثيف انتقاداتها لساكاشفيلي وقالت: «لقد كذب ساكاشفيلي على الشعب الجورجي بشأن الغزو الروسي»، مضيفة «بالطبع كان هناك تهديد من روسيا، ولكن كان على الرئيس أن يتلافى السقوط في شرك روسيا الذي حذره منه الكثيرون مراراً، وأنا واحدة منهم». كما اتهمت شخصية بارزة أخرى من المعارضة هي إيرالكلي ألازانيا، السفير الجورجي السابق إلى الولايات المتحدة، الرئيسَ ساكاشفيلي باتخاذ «قرار غير مسؤول سياسيا تسبب في حرب واسعة النطاق هددت الدولة الجورجية». ولكنه أحجم عن اتهامه بتضليل الجمهور حول غزو روسي. وقد اعترف الاتحاد الأوروبي بأن بعض العسكريين الروس دخلوا جورجيا على ما يبدو قبل أن يأمر ساكاشفيلي بالهجوم على أوسيتيا الجنوبية، وهي خلاصة أشارت إليها الحكومة الجورجية باعتبارها دليلا على غزو روسيا للأراضي الجورجية، مشددة على خلاصات البعثة والمتمثلة في أن الغزو الروسي لجورجيا كان غير قانوني وغير مبرر. وفي هذه الأثناء، سعت تغطية الإذاعة والصحف الجورجية إلى التوازن. أما القنوات التلفزيونية الوطنية الثلاث وهي الوسائل الإعلامية الأكثر تأثيراً وشعبية في جورجيا، فقد نقلت انتقادات المعارضة، ولكن تغطياتها كانت تميل للرواية الرسمية. وفي هذا السياق يقول «غيا نوديا»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شافشفادزه في تبيليسي، «إن معظم شركات التلفزيون الوطنية لطيفة تجاه الحكومة، ولذلك فقد تبنت مواقف لصالح الحكومة، والتقرير يسمح بهذه المقاربة»، مجادلا بأن التقرير كُتب بحذر كبير لدرجة أن كل جانب يمكن أن ينتقي منه الخلاصات التي تدعم روايته. ويضيف قائلا: «إن المعارضة الجورجية كانت تأمل في أن تستعمل التقرير لصالحها ولكن الأمر لن ينجح لأن الحرب كموضوع استنفد منذ مدة والتقرير ليس قويا بما يكفي لإعادة إحيائه». وكان ساكاشفيلي قد صمد في وجه موجة مظاهرات في الشارع نظمتها المعارضة التي طالبت باستقالته في الربيع، حيث يقول بعض مساعديه إنه مازال يحظى بالتأييد الشعبي في استطلاعات الرأي العامة. ولكن لنكولن ميتشل، المتخصص في السياسة الجورجية بجامعة كولومبيا الأميركية، يرى أن استراتيجية الحكومة المتمثلة في التركيز فقط على الأجزاء من التقرير التي تدعم مواقفها يمكن أن تتكشف للجمهور في نهاية المطاف إذ يقول: «لقد أمضت هذه حكومة العام الماضي في القول بكل حزم إنها ليست هي التي بدأت الحرب... إما أن الشعب الجورجي سيتوصل إلى أن حكومته تكذب عليه، أو سيعتقد أن الاتحاد الأوروبي يقف ضده. وفي كلتا الحالتين، فإنه ليس وضعا مريحا بالنسبة لجورجيا». سارة ماركوس – تبليسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©