السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع الأسهم الأوروبية في تعاملات هزيلة

31 ديسمبر 2010 23:36
) - أعلنت دار الإفتاء المصرية في فتوى صادرة عنها أنه لا يجوز استخدام الوسائل العلمية الحديثة في إثبات جريمة الزنا لمخالفة ذلك للشريعة الإسلامية. وشددت الفتوى على أن الوسائل العليمة الحديثة ومنها تحليل البصمة الوراثية لا يرقى إلى مستوى الدليل اليقيني وإنما يتطرق الشك إلى هذه الوسائل لأنه قد يعتريها الخطأ، بينما نص القرآن الكريم على ضرورة وجود 4 شهود. وقالت الفتوى إن الزنا من المحرمات والكبائر الجسيمة، وعرف العلماء الزنا تعريفا شرعيا دقيقا منضبطا يجعل له صورة محددة لا تلتبس بغيرها من الصور، فقالوا إنه «لا يتم إلا بالإيلاج»، وليس بأي شكل آخر. وأضافت الفتوى أنه نظرا لخطر هذه الجريمة وما يستتبعها من آثار تثبت في حق المتهم وفي حق جماعة المسلمين، فقد احتاط الشرع الشريف احتياطا شديدا في إثباتها، ووضع شروطا دقيقة لترتيب العقوبة عليها، فلم يثبتها إلا بأحد أمرين أولهما اعتراف من المتهم أو أن يشهد أربعة شهود أنهم رأوا ذلك الفعل. واستشهدت الفتوى بقوله تعالى: «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم»، النساء الآية 15، وقوله تعالى «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون»، النور 4. نظام الإثبات المقيد وذكرت الفتوى أن الشرع زاد في الاحتياط فحض القاضي على أن يعرض للمقر على نفسه بالزنا أن يرجع لينكر اعترافه سترا للقبيح، إن لم تكن هناك بينة، فلما أتى ماعز بن مالك رضي الله عنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واعترف بزناه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلك قبّلت أو غمزت أو نظرت»، رواه البخاري، ولم يوقع عليه الحد إلا بعد أن اعترف اعترافا صريحا بفعلته، ونفى عن نفسه كل الاحتمالات المعروفة الصارفة عن إقامة الحد. وأكدت الفتوى أن إثبات الزنا بغير طريقي الاعتراف أو 4 شهود عدول رجال، غير مقبول، ولذلك يمكن القول بأن التشريع الإسلامي يعتد في هذا الخصوص بما يعرف قانونا بنظام الإثبات المقيد، وهو يعني أن المشرع هو الذي يحدد الدليل الذي ينبغي أن يستند إليه القاضي في الحكم، ويعين مدى قوته في الإثبات، مما يعني أن الشرع قيد حرية القاضي وألزمه بالحكم بمقتضى طرق الإثبات المنصوص عليها شرعاً، ولم يتبع الشرع الإسلامي في حد الزنا خاصة ما اتبعه في أبواب كثيرة من الأخذ بما يعرف حاليا قانونا بنظام الإثبات الحر أو بنظام الإثبات المعنوي والذي يقوم على الأدلة الإقناعية أو نظام الاقتناع الشخصي للقاضي الذي يعني ترك الحرية للقاضي في أن يكون القناعة بالحكم. البصمة الوراثية وحول كيفية إثبات جريمة الزنا عن طريق الوسائل الطبية الحديثة يقول الدكتور عبدالهادي مصباح- أستاذ التحاليل الطبية والمناعة - إن لكل شخص منا بصمة وراثية جينية موجودة في نواة كل خلية من خلايا جسم الإنسان، وهي عبارة عن الحامض النووي الذي يتكون منه 46 كروموزوما وهو العدد الذي يحتويه جميع أجزاء الجسم فيما عِدا الحيوان المنوي والبويضة حيث يحتوي كل منهما على23 كروموزوما فقط لكي يكتملا معا عندما يلتقيان لتكوين النطفة والجنين، من خلال ذلك نقول إن البصمة الجينية عبارة عن «كتيب» يحمل صفات وخصائص كل إنسان وكل صفحة في هذا الكتيب، نصفها من الأب ونصفها الآخر من الأم. وأضاف: هناك حوادث كثيرة في المحاكم في قضايا النسب وفي بعض حالات الخلاف حين ينكر الأب نسب الأطفال أو في حالات شك الأزواج في زوجاتهم واتهام المرأة بالحمل من وطء به شبهة أو زنا كل هذه الحوادث والحالات يمكن الاحتكام فيها إلى البصمة الوراثية للوصول إلى الحقيقة. إثبات الزنا وأكد أنه من الناحية العلمية نستطيع أن نثبت جريمة الزنا من خلال تحليل السائل المنوي أو بعض الخلايا الخاصة بالرجل، وأوضح أن هناك شقين يتعلقان بهذا الموضوع الأول: انه طالما هناك وسيلة لإثبات جريمة الزنا فينبغي الأخذ بها لأنه يمكن أن ينتج عن هذه الجريمة ضرر بالغ سواء نفسي أو عضوي وبالتالي يجب الأخذ بتلك الوسائل علميا. أماالشق الثاني: فهو أن البصمة الجينية للرجل تكون موجودة من خلال بقايا السائل المنوي الذي يظل موجودا فترة من الزمن بعد الإيلاج وفي هذه الحالة يمكن أخذ عينة من هذا السائل وتحليلها وتحديد البصمة الجينية من تحليل الحامض النووي وبالتالي تحديد شخصية الزاني. وأشار الدكتور مصباح إلى أن المحاكم تأخذ بهذا التحليل للحامض النووي الآن لأنه أصبح في حكم المؤكد صحة هذا النسب إذ وجد تشابه في هذا الحامض بين الابن والأب في قضايا النسب، إلا أن المحكمة تشترط أن يكون هذا التحليل في أماكن معينة موثوق بها مثل الطب الشرعي أو المركز القومي للبحوث لأن ذلك تترتب عليه أمور حياتية مهمة للغاية ولكن ليس معنى ذلك ألا تجرى هذه التحليلات في المعامل الخاصة، فهناك العديد من المعامل الخاصة المعترف بها علميا ودوليا أجرت هذه التحاليل وأخذت بها المحاكم في مسألة إثبات النسب وجرائم الزنا. الشهود وأيد الدكتور محمد الدسوقي - أستاذ الفقه بجامعة القاهرة - فتوى دار الإفتاء. وقال إن القرآن الكريم في سورة النور أكد أهمية الشهود الأربعة وأن تكون رؤيتهم لواقعة الزنا رؤية كاملة واضحة لا ريب فيها وأن تتفق رؤية الأربعة جميعا فلا تختلف شهادة أحدهم عن شهادة الآخرين في اللفظ وأداء المعنى والغاية من ذلك التشديد على هذه الجريمة التي تتعلق بقضية النسب وهتك العرض، والعقاب الذي أعده الله لها. وأضاف أن جريمة الزنا لم تثبت في تاريخ الأمة الإسلامية بالشهادة وإنما بالاعتراف، بل إن الشخص الذي كان يعترف أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بارتكابه جريمة الزنا كان رسول الله يريد أن يصرفه عن هذا الاعتراف إلا إذا أصر على الاعتراف أكثر من مرة. وتساءل الدكتور الدسوقي كيف تثبت الوسائل الحديثة حدوث هذه الواقعة خاصة أن هذه القضية تحدث بين رجل وامرأة في خلوة خاصة ؟ وأكد أنه لو جاءت المرأة بطفل وشكك في نسبه وأجريت عليه التحاليل بالبصمة الوراثية فإن هذا التحليل قد يثبت أن الولد ابن الزنا، ومن هنا فالأولى ألا نفتح الباب في هذه القضية ونلجأ إلى إثبات الزنا عن طريق الأبحاث العلمية الحديثة وإن كانت هذه الأبحاث تنفي أن يكون المولود ليس من الزوج ولكن ليست دلالة قطعية في إثبات الزنا. تشديد العقوبة ووافقه في الرأي الدكتور صبري عبدالرؤوف- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- وأكد أن القرآن الكريم تشدد في إثبات عقوبة الزنا لما لهذه الجريمة من أثر سيئ على الفرد والمجتمع ولهذا تشدد الله في عقاب الزناة فالمحصن يرجم. أما بالنسبة لغير المحصن وهو الذي لم يسبق له الزواج فإن عقوبته مئة جلدة عملا بقوله تعالى: «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولاتأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» سورة النور آية 2 . وأضاف أن القرآن الكريم بيّن أن العقوبة لا تثبت إلا بأحد الأمرين وهما : الإقرار والاعتراف وهو سيد الأدلة، والشهادة وهي أن يشهد على هذه الجريمة 4 شهود عدول بشرط أن يروا الشيء في الشيء أي الإيلاج الكامل ووقت وقوعها وفي ذلك يقول الله تعالى: «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون» سورة النور الآية 4، وقول النبي صلى الله عليه وسلم، للرجل الذي ادعى على امرأته، ويدعى عويمر العجلان، إنها زنت: البينة أو حد في ظهرك ومعنى ذلك أن البينة هي الشهود الأربعة. وهنا نرى أن شريعة الإسلام لا تقبل شهادة النساء في مثل هذه الحالات من أجل المحافظة على حياء المرأة وعفة لسانها من النطق بما يخدش. وحول استخدام الوسائل الحديثة في إثبات واقعة الزنا قال إن مجال الشك فيها وارد والطعن فيها كثير وخاصة بعد أن رأينا خراب ذمم بعض الناس وموت ضمائرهم، فهذه الأمور قد تتشابه وكل هذا يؤدي إلى أن وسيلة الإثبات وسيلة ظنية والعقوبة لا يمكن إثباتها إلا بالوسائل اليقينية ولهذا نرى أن ما ذهبت إليه دار الافتاء هو الأولى بالأخذ والأجدر بالاعتماد عليه في مثل هذه الأمور . جرائم قبيحة أما الدكتور عبدالفتاح إدريس - رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر- فقال إن جريمة الزنا من الجرائم القبيحة التي شددت شريعة الإسلام في العقوبة عليها، مؤكدا أن تحليل البصمة الوراثية حمض DNA لإثبات جريمة الزنا يعد من قبيل القرائن القوية في إثبات هذه الجريمة، لكن هذه القرينة لا تعمل بمفردها لإثبات هذه الجريمة، وإنما لابد من إقرار الفاعل أو المفعول به عند إنكار الطرف الآخر وقوع هذه الجريمة، ولهذا لا يعتد بتحليل حمض DNA أو العامل الوراثي في إثبات هذه الجريمة مستقلا، ولا يستغنى بهذا التحليل عن شهادة الشهود رغبة بدرء الحد بالشبهة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:»ادرؤوا الحدود بالشبهات» ولهذا لم يقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحد على أحد بقرينة، وإنما أقامه بإقرار الجاني على نفسه بارتكاب الفاحشة. وأضاف إنه إذا أقر أحد طرفي جريمة الزنا بارتكاب الفاحشة وأنكر الآخر، فإن تحليل العامل الوراثي في هذه الحالة يكون له دور في إثبات وقوع هذه الجريمة من الطرف المنكر أو نفيها عنه إذا أنكر، أما إذا انتفى إقرار مرتكبي الجريمة بارتكابها فلا يمكن أن تثبت هذه الجريمة النكراء إلا بالشهود الأربعة، ولا تثبت بحال من الأحوال بتحليل العامل الوراثي، وذلك لأنه يعد في هذه الحالة دليلا قاصرا.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©