الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غالٍ وعالٍ يا العين

31 مايو 2017 20:10
لم أكن يوماً عرافاً، ولا كنت من الذين يترددون على قارئات الفنجان، وما وثقت من خلال معاشرتي الطويلة لكرة القدم إلا بشيء واحد، هو أن كرة القدم بها عدالة لا يدرك كنهها إلا القليلون، ويوم كتبت بعد خسارة العين بطهران أمام نادي الاستقلال بهدف سجل من حالة سهو لا محل لها في إعراب كرة القدم بمستواها العالي، لأقول بأن العين لن يعييه أبداً أن يجد في أدائه الجماعي وفي الفاصل المهاري لكثير من لاعبيه ما يساعده على الإطاحة بنادي الاستقلال، والعبور بخطى واثقة إلى الدور ربع النهائي لدوري أبطال آسيا، لم أقل إلا ما رأته العين مجرداً. لم تكن بارقة عبرت بالخيال ولا شعوراً يتمرد على التعبير، ولكنها قناعة كاملة ترسخت لدي، بعد الذي استخلصته من مباراة طهران، من أن العين له كل الأسلحة النفسية والذهنية قبل البدنية والتكتيكية، لكي يربح معركة الإياب باستاد هزاع بن زايد، وأكدت على أن «البنفسج» سينشر أريجه في ليلة رمضانية. والحقيقة أن ما شاهدته مساء الاثنين الماضي فاق كل التوقعات وتجاوز سقف الحلم والحدس، فقد جاء العين في تلك الليلة الجميلة بما هو أسطوري، بما هو خرافي وبما هو من روح الأبطال، لو فتشنا في ذاكرة المباريات الأنطولوجية للعين، لما وجدنا من صنف مباراة يوم الاثنين إلا القليل، فقد كان البنفسج موعوداً مع لحظة تاريخية، وأظنه صدق نفسه وصدق مرجعيته، وجاء بالمباراة المثالية التي ستصبح بلا شك مرجعاً في رسم الصورة التي يجب أن يكون عليها العين في المواعيد الكروية الكبرى. كان الآلاف من عاشقي البنفسج شهوداً على المباراة التاريخية وهم جلوس على طاولة السحور، بينما كنت أنا بعيداً عنهم بآلاف الأميال هنا بالمغرب الأقصى، أشاهد المباراة وأنا على طاولة الإفطار لفارق التوقيت، وأدهشني كما أدهشكم بلا شك، ذاك العرض الكروي الرائع الذي صممه لاعبو البنفسج في ليلة آسيوية رمضانية حتى أنه أصابنا بالتخمة الجميلة. كل ما كان في تلك المباراة فيه عبق سحري، مدرب أجاد هندسة النزال تكتيكياً، فلم يترك هامشاً للارتجال، ولاعبون شيدوا الصرح بدرجة عالية من الإتقان، وجمهور نزع من قلبه كل أسباب الخوف، وكيف يخاف وهو يملك فريقاً يرتعب منه الآخرون، فكانت المحصلة النهائية أن العين التهم الاستقلال بالنتيجة وبالأداء، بالاستحواذ الإيجابي على الكرة وبالضغط العالي الذي يصيب بالموت الزؤام، وبكل المعطيات والإحصائيات التي تقول إن العين تأهل بكل الضمائر المتصلة التي تقدر الكرة الجميلة، وإن الاستقلال لم يأت أصلاً للعين، لأن البنفسج بناه من أوله لآخره لمجهول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©