الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سبسطية» متحف أثري في الهواء الطلق يختزن عبق التاريخ

«سبسطية» متحف أثري في الهواء الطلق يختزن عبق التاريخ
4 أكتوبر 2009 00:45
ما ان تطأ أقدامك الشمال الفلسطيني، ستجد نفسك أمام التاريخ وجمال الطبيعة، فهناك وعلى بعد خمسة عشر كيلومترا باتجاه الشمال من مدينة نابلس، تقع مدينة سبسطية التاريخية والتي ترتفع عن سطح البحر 463م، يسكنها أكثر من 3000 نسمة، يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي، عندما سكنها أقوام بدائيون، ويعتقد أنهم من قبائل الكنعانيين، وفي أوائل القرن التاسع ق.م بنى الملك العمري (أحد ملوك إسرائيل) مدينة أسماها (شامر) فوق التلة موقع القرية. شرف أغسطس تأتي تسمية سبسطية من أصل يوناني بمعنى الموقر وهو الاسم الذي أعطى هدية على شرف أغسطس عندما بناها من جديد هيرودس الكبير عام 27 قبل الميلاد، وتعتبر القرية بمثابة متحف أثري، حيث أن الموقع المميز للقرية جعلها عاصمة للعديد من الحضارات التي تعاقبت على فلسطين، وأكثر ما يميز القرية وجود سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات ويوجد فيها مدرج روماني، وبرج هيلانة ومعبد ارسطس الروماني، وفيها قبر النبي زكريا، ومقام الشيخ شعلة وكنيسة القديس يوحنا التي بناها الصليبيون في القرن الثاني عشر الميلادي. وفي القرن التاسع قبل الميلاد، بنى الملك عمري مدينة السامرة في المنطقة، وتعاقبت عليها السلطة الآشورية في القرن السابع قبل الميلاد، وفي فترة حكم الإسكندر المقدوني حصلت قلاقل في المدينة ضد الحكم المقدوني فحولها إلى مدينة هلينية في سنة 331 ق.م. وأسكن ألف جندي مقدوني في المنطقة. وفي القرن الثاني بعد الميلاد أعيد بناء المدينة من قبل الإمبراطور سبتيموس سفيروس، وتعود الآثار الموجودة حاليا إلى تلك الفترة، ومنحت المدينة في عهده حقوق المستعمرات الرومانية وأسماها «كولونيا لوسياسبتيما سبسطي». وتروي الرواية الدينية المسيحية أن يوحنا المعمدان دفن في سبسطية، وفي عام 634 للميلاد، سيطر المسلمون على المنطقة بقيادة عمر بن العاص، وفي الفترة الصليبية بنيت كتدرائية ضخمة فوق ضريح يوحنا، وفي عام 1187 عاد المسلمون ليسيطروا عليها بقيادة صلاح الدين، وحولت الكاتدرائية لمسجد. وأبرز ما يميز سبسطية عن غيرها من الأماكن الأثرية في العالم، هو شارع الأعمدة أو الشارع المعمد، ويبدأ من الباب الغربي بعرض 12.5 م ويأخذ بالتناقص كلما امتد لجهة الشرق، ويمتد لمسافة 800م لينتهي عند الباب الشرقي، حيث كان يقوم على جانبي هذا الشارع 600 عامود مسقوفة ارتفاع الواحد منها 5.5م. مقابر ومسارح في وسط سبسطية الحديثة يقع أثر تاريخي عظيم، وهو: مقبرة الملوك المدفون فيها أحد ملوك الرومان، ويشير مظهر المقبرة الخارجي إلى عظمة العمارة في ذلك الفصل من التاريخ، ويدل على ذلك دقة صنع التماثيل المنقوشة على القبور والتي جسدت ملوكاً وحراساً وأسوداً وأطفالاً يحملون عناقيد عنب، وأسفل المقبرة يشير سرداب التهوية إلى وجود غرفتين فيها مجمع قبور. أما بالنسبة للمسرح التاريخي الموجود في المدينة القديمة فيوجد ممر أفقي يقسم المسرح إلى قسمين، القسم العلوي والسفلي، وكان مكون قسمه السفلي من أربعة عشر صفا من المقاعد، مقسمة الى سبعة أقسام بستة ممرات من الأعلى من الدرج، وفقط مقاعد آخر صف من الأعلى من القسم السفلي كانت مصنعة على شكل كراسي مع مساند للظهر. أما القسم العلوي من المسرح فقد دمرت مقاعده، لذلك يصعب معرفة عدد الصفوف في ذلك القسم. ويمكن رؤية القليل جدا الآن من منطقة خشبة المسرح والموجودة الآن تحت الممر الترالي الحديث، وكان في جدارها الأمامي سلسلة من الكوة ذات شكل مستطيل ودائري وضعت بشكل متبادل. وتم العثور على عدد من الحجارة المنحوتة والمنقوشة، ومن الواضح أنها كانت أجزاء من واجهة عالية كانت مزينة بحنيات وأعمدة، ويعتبر مسرح سبسطية صغيرا نسبيا بالمقارنة مع غيره من المسارح الرومانية، ويبلغ قطر المسرح الخارجي حوالي 65 مترا. ونظرا لما تحتويه القرية من أبواب وأسوار وأبراج والشارع المعمد «شارع الأعمدة» والمعابد الضخمة والمسارح الأثرية، والمساجد الأثرية، ازدادت أهميتها التاريخية، وتكالبت عليها الأمم، فمن فترة حكم هيرودس، إلى اعتداءات الإسرائيليين، ومحاولة سرقة الآثار عن طريق السماسرة وتجار الآثار، فيضع المسؤولون في البلدة نصب أعينهم تطوير قطاع السياحة المحتضر في البلدة، لكن ولكون معظم الأماكن الأثرية تقع في منطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية التامة، فإن هذه الآمال تعتبر بعيدة التحقيق. وتشتهر سبسطية، إضافة إلى آثارها، بزراعة المشمش، والدراق «الخوخ» بأنواعه المختلفة.
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©