الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حسد الأقران

حسد الأقران
3 ابريل 2011 20:22
المشكلة: عزيزي الدكتور : أنا سيده لدي أطفال كانت لي صديقه منذ أكثر من 15 سنة، وهي عزيزة علىّ جداً وأعتبرها أختاً لي، فقد درسنا سوياً منذ الصغر حتى تخرجنا في الجامعة، حتى أهلينا أصبحوا أصدقاء بسبب صداقتنا-، وهي أجمل مني وأفضل في كثير من النواحي. كانت متفوقة عني، وكنت أحياناً أسمع منها تعليقات على شكلي وطريقة لبسي، وكنت أتعامل مع ملاحظاتها كأنها مزاح وليس إهانة، ولم أكن أهتم كثيراً لأنني أعتبرها أختي. وكانت تخطب كثيراً لجمالها على العكس مني تماماً. وكانت تتكلم عن الذين يخطبونها والذين يريدونها. وبعد تخرجنا من الجامعة تمت خطبتي وتزوجت والحمد لله. أما هي فاستمرت في رفض كل الذين يتقدمون لخطبتها، لأنها تريد الأفضل دائماً. وبعد زواجي بسنة كاملة تمت خطبتها من شاب مناسب، وكانت “مبسوطة” جداً، وتم تحديد موعد الزفاف، إلا أن الخطبة فسخت لأسباب لا أعلمها، ولم تخبرنا بها. .. في ذلك الوقت، كانت تأتي رسائل مجهولة لزوجي عبر المحمول مجهولة المصدر، وكانت رسائل سب وقذف لي، بأنني عديمة الأخلاق، وأنني أحب رجلاً غير زوجي والعياذ بالله، وأنني أخرج معه في غفلة من زوجي، وأنني كنت على علاقات مع شباب كثر قبل الزواج، وأنني لا أصلح أن أكون أما لطفلي، وهكذا. واستمرت الرسائل شهوراً طويلةً، وأيضاً اتصالات مجهولة من امرأة أخرى تغري زوجي، وتعبت نفسياً من هذا الموضوع، وكذلك زوجي الذي شغله وأرهقه التفكير في هذا الأمر. .. بعد فترة تعودنا على هذه الرسائل، والحمدلله لم تؤثر فينا ولا في حياتنا -بعد أن تشككت في أناس كثيرين، لكن اكتشف أن ليس لهم دخلاً فيما يحدث، وانحصرت شكوكي في صديقتي؛ لأن هناك كلام وأحداث لا يعلمها إلا أنا وهي فقط منذ الصغر. .. بدأت أبتعد عنها حتى انقطعت عنها؛ لأنني أشك فيها، إلا أنها بدأت تتصل بي وتبحث عني، وأتعلل بأنني مشغولة. وتسألني إذا كان زوجي يمنعني عنها، لكنني كنت أتعلل بانشغالي دائماً. .. الآن أنا محتاره جداً، ولا أريد أن أظلم أحداً، لكن شكي كبير فيها، ومحتارة ماذا أفعل معها. هل أستمر في مقاطعتي لها؟ أم أصارحها بالأمر؟ أم أسايرها على حساب نفسي وأسرتي؟ إنني لا أريد أن أخسرها رغم ما حدث. فبم تنصحني يا دكتور جزاكم الله خيراً. أم خالد. ص النصيحة: الصداقة شيء جميل ورائع، والصحبة الطيبة من أطيب نعم الله تعالى، وقد أوصانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند اختيار الصديق: “لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي”، ولهذا من الضروري جداً أن نجتهد في اختيار أصدقائنا، ونحرص على الصديق الصادق الصدوق العاقل حسن الخلق المستقيم، الذي يعيننا على طاعة الله، الذي يأمرنا بالبر وينهانا عن الشر، الذي يحب لنا الخير ويكره لنا الشر، فالصديق الحق نجده عند الحاجة، يستر عيوبنا وينشر محاسننا، يغفر زلاتنا ويدفن سوءاتنا. نبث إليه همومنا وأحزاننا، ونعلن له أسرارنا وأحوالنا ونحن على ثقة يقينية بأنه كتوم لها غير مفش لها. هذا هو الصديق الوفي الذي نحرص على صداقته وتستمر معه هذه الصداقة لله وفي الله تعالى. وما أعجب له – ابنتي العزيزة - أنكِ طيلة خمسة عشرة سنة وأنت تعانين صديقتك أنواعاً مختلفة من الإساءات، ولم تهتمي، وهذا يدل علي طيبة قلبك ونقاءه وسلامة ضميرك. ابنتي الكريمة.. يشيع بين الأصدقاء ما يعرف بحسد الأقران، بمعنى أن من كانوا في سن واحدة، فإنه قد يحدث بينهم عادة بعض الغيرة، خاصة إذا كان أحدهما متميزاً عن الآخر في أي شيء كالذكاء أو الجمال أو حسن الخلق أو المستوى الاجتماعي أو غير ذلك، ورغم أنك كما ذكرتِ عن صديقتكِ أنها كانت أجمل وأفضل منك، ومتفوقة عنك، إلا أنها شعرت بالغيرة منك بعد زواجكِ وإنجابكِ الأبناء. لكن لا نستطيع أبداً بأي حال من الأحوال أن نجزم بأنها هي التي كانت ترسل الرسائل التي تطعن في سلوككِ، أو تقوم بالاتصال بزوجكِ لتفسد عليكِ حياتكِ وتهدم بيتكِ. نحن مأمورون بحسن الظن بالناس، طالما ليس لدينا الدليل الثابت على إدانتهم. واحمدي الله أن زوجكِ رجل عاقل يثق بكِ، ولم يلتفت لهذه الافتراءات وإن ظلت لفترة تؤرقكما. .. لهذا أنصحك بألا تشغلي بالك بهذه الرسائل، فلا شك في أن مرسلها سيصيبه الملل إن عاجلاً أو آجلاً، طالما أنه لا يري أي مردود لأثرها. واجتهدي في تجنب هذه الصديقة، وعدم التحدث عنها سلباً أو إيجاباً، وإنما تعاملي معها بصورة عادية للغاية كأنها واحدة من معارفك، من حيث السؤال عنها في المناسبات، أو إن تصادف وقابلتيها في مكن ما، ولا تذكريها أمام أحد بسوء مطلقاً. ومن الضروري أن تتسم علاقاتك بالأخريات بالاعتدال والوسطية والبعد عن المغالاة. بمعني أن يكون حبك للآخرين أو بغضهم مقتصداً لا إفراط فيه ولا تفريط، إذ ربما انقلب ذلك بتغير الزمان والأحوال بغضاً فلا تكوني قد أسرفتِ في حب من لا تستحق هذا الحب فتندمي عليها إذا أبغضتيها، أو حتى لا تكوني أسرفتِ في بغضها يوماً ما فتستحي منها إذا أحببتها. فقد ينقلب الحبيب مبغضاً، فإذا أطلعته على أسرارك حال الحب ثم عاد بغيضاً كان عارفاً لأسرارك مفشيا لها. واجعلي زوجكِ هو الأساس في حياتكِ، فهو إنسان خلوق ذو عقل راجح، لم يلتفت لكل ما قيل عنكِ لثقته فيك، فاحملي جميله واحمدي الله أن حباكِ به، فتفنني في حسن معاملته، وإدخال السرور على نفسه. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدركِ، وأن يأخذ بناصيتكِ للحق، وأن يقدر لكِ الخير حيثما كان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©