الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالرحمن الغافقي.. استشهد في «بلاط الشهداء»

28 مايو 2017 20:00
سلوى محمد (القاهرة) عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي العكّي، من قبيلة «عك» باليمن، يُكنّى أبا سعيد، وفد على سليمان بن عبد الملك الأموي في دمشق، وظهرت مواهبه الحربية في الغزوات، فاختاره خلفاً للقائد السمح بن مالك الذي استشهد في معركة «تولوز» في جنوب فرنسا التي هُزم فيها المسلمون أمام قوات أودو دوق، فنظم الجيش ورجع به من دون تفكك، وأنقذ الباقين بأقل الخسائر، ولبث في منصبه مدة قصيرة، أظهر خلالها قدرته على الإدارة والقيادة. أراد أودو دوق أن يشغل المسلمين بالمشكلات الداخلية بعد أن علم أن الغافقي يجهز جيشاً، فعمد إلى خلق الفتن والقلاقل بين المسلمين العرب والمسلمين الأمازيغ «البربر»، واستطاع استمالة «منوسة» حاكم إحدى الولايات الجنوبية، وأغراه بالخروج على الغافقي، عارضاً عليه المساعدة بالمال والسلاح، فوافق «منوسة»، إلا أن الغافقي لم يمهله طويلاً، فاستطاع أن يوحد الصفوف، وجمعت هيبته كلمة القبائل، فرد المظالم، وحقق العدالة الاجتماعية، فحاصر جيش «منوسة» وقتله وأنهى الفتنة، بعدها جاء عنبسة بن سحيم الكلبي والياً على الأندلس التي كانت تتبع أفريقيا، فاستشهد عنبسة عند عودته من غزوه أرض الفرنجة، وتعاقب ولاة عدة حتى أقرّ والي أفريقيا عبيد الله بن الحبحاب تعيين عبد الرحمن الغافقي للولاية الثانية، الذي حرص على حمل راية الإسلام وحضارته إلى شعوب أوروبا والقسطنطينية التي غرقت في الظلام، ليعم الإسلام القارة الأوروبية، فأعد بتميزه وأسلوبه العسكري جيشاً كبيراً، وتوجه غازياً بلاد الفرنجة، وتوجه إلى بوردو وهزم الدوق، وفر قائدهم أودو من مدينة لأخرى، والمسلمون من خلفه، حتى التقى الجيشان على ضفاف نهر «الجارون»، وانتصر جيش المسلمين، وفتح الغافقي نصف فرنسا الجنوبي. تحرك جيش المسلمين بقيادة الغافقي، وفتح مدينتي بواتييه وتور، فسارعت بقية ولايات الفرنجة بالتحالف، وحشد جيوشهم لمواجهة جيش الغافقي، فالتحم الجيشان في معركة استمرت عشرة أيام، هاجم الغافقي جيش العدو، واشتد القتال، وكان الجنود المسلمون أُسوداً مغاوير، وراء قائدهم الباسل، وكانت الغلبة لهم، لكن الداهية «شارل مارتل» قائد الفرنسيين علم أن جيش الغافقي تناقص خلال أشهر الفتح بأعداد كبيرة لحماية المدن المفتوحة حديثاً، وأن المسلمين مثقلون بغنائمهم الثمينة، فصاح أن معسكر الغنائم يكاد يقع في يد العدو، فارتدت قوة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لحماية الغنائم، وتركوا ميدان القتال، فدب الخلل في صفوف المسلمين، حاول الغافقي لملمة جيشه، بينما هو يتنقل بين الصفوف يقودها ويجمع شتاتها، فأمر شارل مارتل بالتركيز لقتله، فكان يعتبره مفتاح الجيش وثباته وقوته، فأصابه سهم فسقط شهيداً، فضعفت النفوس، وأمعن العدو في المسلمين تقتيلاً وإهلاكاً، فانهزموا، وفضلوا الانسحاب، وعرفت هذه المعركة بـ«بلاط الشهداء»، نظراً لكثرة من سقط في ميدانها من الشهداء، فتوقف الزحف الإسلامي داخل فرنسا، ولولا تلك المعركة التي كانت نقطة تحول في عمليات الفتوحات الإسلامية لأصبحت أوروبا حينها تابعة للخلافة الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©