السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بنزين» الحنَّاء عامل مساعد في انتشار اللوكيميا عند النساء

«بنزين» الحنَّاء عامل مساعد في انتشار اللوكيميا عند النساء
28 مايو 2010 22:23
هل ثمة داع لنذعر ونتوقف عن عادة رافقتنا في المناسبات منذ القدم، وباتت موضة رائجة لا تحتاج لمناسبة لوضعها... هل نتخلّى عن الحنَّاء؟ أسئلة كثيرة راودت النساء تحديداً بعد نشر دراسة في المجلة الطبية قامت بها جامعة الإمارات، وثمة من لم يقرأ الدراسة جملة وتفصيلاً إنما استقى أخبارها التي أتت مجزأة حيناً ومغلوطة أحياناً، تحت عنوان بارز يجب أن يدقّ بعده ناقوس الخطر بالفعل وهو أن النساء في الإمارات يصبن بنسبة مضاعفة وأكثر من الرجال الإماراتيين باللوكيميا الحادة غير اللمفاوية، وفي الأسباب أو مراجعة «العوامل المساعدة» ذكرت الحنَّاء الممزوجة بالبنزين ومواد كيميائية مثبتة للحنّة وتجعل لونها أكثر حدّة... كما لم يتنبه أحد إلى عامل مساعد آخر وهو عدم التعرض بشكل كاف للشمس. تخوّف البعض من إثارة هذا الموضوع لأسباب ألصقت لصقاً بالدين ومنها الحجاب والنقاب... ولا ضرورة للخوض بالجدل القائم بين الحجاب والنقاب، فثمة ما هو أهم وبالوسع تداركه من دون أن تضطر المرأة لخلع حجابها... فأطباء الأطفال ينصحون الأهل بوضع أولادهم لفترة قصيرة في الشمس من أجل الفيتامين دال D المقوي للعظام، وبوسع المرأة التعرض للشمس من منزلها كما تعرّض أثاث المنزل للتهوئة والشمس. وضع رأسنا كما النعامة في الرمل لن يفيد بقدر ما يفيد التنوير العلمي، والاطلاع على ما يصدر من دراسات تستدعي التحرك مباشرة وأخذ المبادرة لتفادي ما يمكن تفاديه من العوامل المسببة للأمراض. ليست الحنَّاء تستغرب الدكتورة إنعام بشير حسن، استشارية أمراض الدم في مستشفى توام في العين، وأستاذة مشاركة في كلية الطب في جامعة الإمارات، كيف تناولت بعض الصحف الدراسة التي أجرتها في الجامعة بالتعاون مع فريق عمل، فقد تحوّلت عبارة «من العوامل المساعدة» إلى «سبب للإصابة» بهذا النوع من الأورام الخبيثة، كما تحوّلت مسألة خلط الحنَّاء بالبنزين والمواد الكيميائية الأخرى إلى الحديث عن الحنَّاء وحسب. وتؤكد الدكتورة إنعام أن الحنَّاء إذا كانت طبيعية مئة في المئة، تلك المعدّة من نبتة الحنَّاء من دون إضافات للمواد الكيميائية المعروف عنها بتثبيت الحنَّاء على الجلد لمدّة أطول، كما أنها تعطي حدّية للّون فيصبح أكثر قتامة، لم يسجّل لها ضرر على الجلد. في حين أن تلك المصنّعة أو المضاف إليها مواد غير طبيعية لتثبيتها هي التي قد تسبب إلى الحساسية والأمراض الجلدية، اللوكيميا غير اللمفاوية. وتشدّد أن الدراسة لا تعطي الحتميات أو تعرض سببي الحنَّاء المصنّعة بالمواد الكيميائية، وتحديداً البنزين (أحد المنتجات البترولية)، وعدم التعرض إلى الشمس هي من العوامل المساعدة نتيجة لأرقام وإحصاءات، بالإضافة إلى أن مجلات علمية طبية ومستشفيات ومراكز أبحاث أثبتت أن التعرض للبنزين (باللمس أو بواسطة التنشّق) ولفترة طويلة يعرّض الإنسان للوكيميا غير اللمفاوية. وتقول الدكتورة إنعام للـ «الاتحاد»: «ليس هناك عامل واحد هو العامل المساعد بنسبة مئة في المئة، لأن اللوكيميا ليس لها مسبّب أو عامل واحد، وهناك عوامل مساعدة إذا ما اجتمعت قد تسبب اللوكيميا». وتشرح الدكتورة إنعام أن الدراسة التي أجرتها في جامعة الإمارات، ونشرت في المجلة الطبية العالمية مؤخراً، وكانت قد صدرت عن جامعة الإمارات عن قسم اللوكيميا (سرطان الدم) والغدد اللمفاوية في يوليو 2009، قد أثارت الاهتمام والفضول بسبب تزايد لجوء الفتيات والنساء على صبغ اليدين والقدمين والشعر بالحنَّاء في المناسبات وخارجها، ففي حين كانت الفتاة لا تستخدم الحنَّاء إلا حين زفافها، باتت ومنذ صغرها يُصبغ جلدها بالحنَّاء لمجرد أنها في اليوم الأول في المدرسة أو لتحضر عيد ميلاد قريبتها أو صاحبتها، وهكذا؛ وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدكتورة إنعام إلى توسع مساحة الجلد التي تصبغ عليها الحنَّاء، لتضيف أن المشكلة الحقيقية تكمن في ضمان أن الحنَّاء التي يصبغ فيها الجلد طبيعية وقد خلطت بمواد طبيعية، أم لا؟ وفي العودة إلى أسباب الدراسة، أشارت الدكتورة إنعام إلى أن هناك نوعين من اللوكيما، اللوكيميا (سرطان الدم) اللمفوية واللوكيميا غير اللمفوية، ولاحظت الدراسة أن نسبة النوع الثاني أي اللوكيميا غير اللمفوية نسبتها أكثر عند السيدات في الإمارات، وتوضح أن نسبة اللوكيميا في الإمارات (عند النساء والرجال) عموماً، ليست الأعلى مستوى في سرطانات الدم على مستوى الخليج.. في حين أن نسبة اللوكيميا غير اللمفاوية عند السيدات هي الأعلى على مستوى الخليج وبين النسب العالية على المستوى العالمي. وتناولت الدراسة الفترة الزمنية الممتدة من العام 2000 و2006، وسجّلت فيها كل الحالات المشخصة في الإمارات لكل أنواع السرطانات، وحدّدت النسب بداية وفق التعداد السكاني للإمارات، ومن ثم بين الرجال والنساء، وتناولت الفترة العمرية من 45 إلى 59. وبعد هذا الإجراء تم النظر إلى النسب لدى المواطنين والمواطنات الإماراتيين. ودلّت الدراسة على أن نسبة اللوكيميا بنوعيها، هي 1.8 في كل مئة ألف. في حين أن النوع اللمفاوي جاء بنسبة تقل عن واحد (0.6)، والنوع غير اللمفاوي 1.2 في كل مئة ألف شخص. وبغض النظر عن الجنس والجنسيات المقيمة، خلصت الدراسة إلى أن نسبة الإصابة باللوكيميا اللمفاوية هي 2.3 للسيدات في المئة ألف، و1.57 في المئة ألف عند الرجال. أما في حال اللوكيميا غير اللمفاوية، فثمة نسبة 1 من 10 للرجال و1.5 من 10 للسيدات. ولدى تقسيم النسب بين إماراتيين وإماراتيات من جهة، وغير إماراتيين وغير إماراتيات، أشارت النسب إلى أنه أمام كل رجل إماراتي لديه سرطان الدم الحاد،سواء كان لمفاويا أو غير المفاوي، هناك 10 نساء مصابات به. وفي سرطان الدم غير اللمفاوي، أمام كل رجل هناك 1.9 من السيدات مصابات. وهنا اتضحت الرؤية، حيث أن النسبة لسرطان الدم غير اللمفاوي لا تظهر فروقات كبيرة بين الرجال والنساء لدى غير المواطنين، في حين أن ثمة فرق ملحوظ بين السيدات الإماراتيات والرجال الإماراتيين، وهو فرق يستحق الدراسة والتعمّق والبحث في العوامل المساعدة. كما لاحظت الدراسة أن في المرحلة العمرية من 45 إلى 59 سنة، ففي كل 100 ألف ثمة 5.4 حالة سرطان دم غير لمفاوي من السيدات، في حين أنه لدى الرجال يصل إلى 1.3. وتلفت إلى أنها - وخلال بحثها عن دراسات أجريت سابقاً، وجدت دراسة عمانية خلصت إلى أن نسبة النساء اللواتي يعانين من اللوكيميا غير اللمفاوية هي 5 من 100 ألف، إزاء 1.3 لدى الرجال. وأسفت لأن الدراسة في عمان لم تذهب في العمق بالدراسة والتدقيق في هذه الحالات. رحلة البحث عن الأسباب راحت الدكتورة إنعام تبحث في الأسباب لدعم الدراسة، ولاحظت عادات اجتماعية مشتركة بين الإمارات وعمان لدى السيدات عموماً وبين السيدات الإماراتيات بشكل خاص، ومنها صباغ الحنَّاء الذي انتشر بشكل أوسع وبكثافة إذ خرج عن إطار صبغ الحنَّاء في المناسبات ليلازم في كثير من الأحيان أيادي وأقدام السيدات في رسومات فنية متنوعة تتسع مساحتها شيئا فشيئا على الجلد. فهل السبب هو الحنَّاء؟ بالطبع، الحنَّاء ليست السبب، فقد درجت الحنَّاء عند الأقدمين ولم تسجّل هذه النسبة من اللوكيميا غير اللمفاوية. إذا، ثمة ما يضاف إلى الحنَّاء ليثبتها في الوقت الذي كان يلجأ فيه الأقدمون للمواد الطبيعية لخلط الحنَّاء وتثبيتها، راحت مراكز التجميل والماركات التجارية، تضيف مثبتات كيميائية ومنها السام سجّل بينها مادة البنزين، وكانت الدراسات على المستوى العالمي، تثبت علمياً العلاقة بين اللوكيميا غير اللمفاوية ومادة البنزين المستخرجة من البترول... فقد وجدت هذه الدراسات - ومنها دراسات أجريت في أوستراليا وأميركا- أن العمّال الذين يتعرضون ولفترة زمنية معيّنة لمادة البنزين، أو لأي من المواد اللاصقة (المثبّتة) والتي تحتوي على البنزين، هم أكثر قابلية من سواهم للتعرض لسرطان الدم غير اللمفاوي. أما العامل المساعد الثاني الذي دققت فيه الدكتورة إنعام والفريق المشارك معها، وكونها عاشت لفترة في السويد حيث أثبتت الدراسات أن اللوكيميا غير اللمفاوية تزيد بعد فصل الشتاء بسبب عدم التعرض للشمس بشكل كاف، لاحظت على المستوى الاجتماعي أن السيدات أكثر من الرجال لا يتعرضن للشمس، مع أن الشمس في الإمارات متوفرة أشعتها على مدى الفصول الأربعة، وذلك لعادة التداري من الشمس بشكل عام إذ يفضل المرء الانتقال من المنزل المكيّف إلى السيارة المكيّفة، إلى مكان العمل المكيّف، من دون إيلاء مسألة ضرورة التعرض للشمس الاهتمام اللازم. وبطبيعة الحال، وكون المرأة الإماراتية إما ترتدي الزي الإماراتي العادي، أو هي محجبة أو منقّبة، فهذا يساهم في عدم تعرضها للشمس أكثر من الرجل، ومن هنا أهمية التوعية حول فوائد الشمس، لأن بوسع المرأة وهي في منزلها أن تجد لها مكاناً نائياً عن الأنظار لتتعرض للشمس لفترة وإن بسيطة قبل أن تنطلق خارج المنزل. وبعض النساء يستفدن من سور الفيلات للتعرض للشمس في الفترة المناسبة في النهار (الأفضل هي في الصباح أو عند العصر)، أو يسجّلن في نواد مخصصة للسيدات. فالدراسات تشير إلى أن نسبة الفيتامين دال D عند النساء الإماراتيات أقل من نسبته عند الرجال. وترى الدكتورة إنعام أنها وجدت هذين العاملين، التعرض لمادة البنزين بكثرة وعدم التعرض للشمس، عاملين مساعدين في زيادة نسبة حالات اللوكيميا غير اللمفاوية، إنما قد يكون هناك عوامل أخرى «لا أعرفها» كما تقول، و»تحتاج إلى بحث أكثر تعمّقاً في الموضوع». وتشدّد «لا أستطيع حتى القول إنهما عاملان مهمّان إنما بوسعي القول إنهما عاملان مساعدان... وذلك لأننا نعود إلى الدراسات ولا نحسم في الأمور إنما ندلّ على النتائج». ويحتاج البحث بتعمّق حول تزايد نسبة اللوكيميا غير اللمفاوية لدى الإماراتيات إلى دعم مادي بسبب الحاجة للتعاون مع معامل ومختبرات ومراكز عالمية. في الصالونات تقول الدكتورة إنعام بشير حسن إنه على الرغم من منع استخدام البنزين والمواد الكيمياوية الأخرى المسببة لأنواع من الحساسية في الجلد، فإن بعض الصالونات (مراكز التجميل) تستخدمها عن وعي أو غير وعي، وترى أن الخطورة تكمن دائماً لدى عدم معرفتنا بالمواد المضافة». وأشارت إلى إنها خلال بحثها، علمت أن أحد الصالونات يجبرن السيدات على توقيع ورقة رفع المسؤولية، في حين أنه عالمياً ومن المتعارف عليه حقا قانونيا لكل إنسان، أن يعرف مكوّنات أي شيء يريد استعماله. وبناء عليه، تدعو الدكتورة إنعام الناس عموما والسيدات بشكل خاص للعودة إلى استخدام المكوّنات الطبيعية في كل شيء. البلدية وإدارة الصحة في بلدية أبوظبي، إدارة خاصة بالصحة، علمنا أنها تغرّم الصالونات أو مراكز التجميل التي تخالف المصرح به من هيئة الصحة في أبوظبي. وفي هذا الإطار تراقب البلدية هذه المراكز بكافة أنشطتها وتشمل إجراءات إدارة الصحة فيها المراقبة والكشف عن المواد المستخدمة وذلك للحد من استعمال المواد المضافة مثل المواد المضافة إلى الحنَّاء، كما يشير للـ «الاتحاد» مدير إدارة الصحة في البلدية خليفة الرميثي. ويضيف «أن المراقبة تتم على مستويين، وهما: الاستجابة الفورية لأي شكوى من الجمهور سواء عن طريق الاتصال المباشر أو الاتصال عن طريق المركز الموحد (993)، والتفتيش اليومي على الصالونات و أخذ العينات التي يشك أنها تحتوي على مواد مضافة أو أي مواد أخرى لا تحمل بطاقة تعريفية بالمنتج، وتحويل كل العينات إلى هيئة الصحة – أبوظبي للتحليل المخبري والاطلاع على النتائج المخبرية والرأي الفني على النتائج». ويقول خليفة الرميثي «في حال تبيّن عدم مطابقة عينات الحنَّاء لمواصفات الحنَّاء، أو احتوائها على مواد مضافة تتحول المخالفة إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية». وتتراوح الغرامات المالية والجزاءات التي تصدر من محكمة البلدية، كما يقول، من 500 إلى 5000 درهم، مع مصادرة المواد المضبوطة، والمخالفة وقد تصل إلى إغلاق الصالون في حالة التكرار.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©