الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن قوانين الإعلام والإنترنت

2 ابريل 2011 18:28
الصحفي الجيد يشبه المحامي الجيد، فكلما كان مقاله “وملفه” متماسكا بعناصره وأدلته، كلما كان تأثيره وإقناعه أكبر ومساهمته أفعل. هذه القاعدة تنطبق على المؤسسات الصحفية والإعلامية أيضاً، لكن الوصول إلى هذه المرحلة يلزمه مهارات مهنية، وأخرى شبيهة بمهارات المرافعة ومعرفة بالقوانين السائدة أو إلمام بها على الأقل، خاصة في جوانب تتصل بالقضايا التي تثار في وسائل الإعلام. لهذا تلجأ بعض الصحف ووسائل الإعلام الكبرى إلى تعيين مستشارين قانونيين أو محامين، وبعضها يطلب حضور مثل هؤلاء في اجتماعات التحرير لبحث “المانشيتات” الرئيسية أو الملفات الكبرى تجنبا لأي إشكالات مع القضاء أو للإضاءة على ثغرات في القوانين نفسها. القصد: ثمة حاجة بالغة لخبراء في القوانين الإعلامية ، قد يكونوا صحفيين أو محامين، وتزداد هذه الحاجة إلحاحا في حالتنا العربية بالنظر إلى التكدس المتزايد في قضايا النشر في المحاكم والقضاء. اكتب عن ذلك من منطلق واقعتين: الأخيرة حصلت الأسبوع الماضي عندما طُلب مني ترشيح مشاركين لحضور دورة متخصصة عن قوانين الإعلام والإنترنت تنظمها إحدى مؤسسات المجتمع المدني في بيروت على أن يكونوا من المطلعين وذوي المعرفة بهذا الأمر. والأمر الميسر هو أن تكاليف المشاركة في الدورة مجانية شاملة الضيافة والسفر. وقد اضطررت للاستعانة ببعض الأصدقاء لعمل ما يشبه المسح حتى رسا الأمر على اسمين فقط لديهم “بعض” الإلمام بالموضوع. الثانية حصلت قبل عامين عندما كنا نسعى في إحدى الدوريات العربية الشهيرة لإيجاد جهة متخصصة في قوانين الملكية الفكرية وتطبيقاتها العالمية للاطمئنان إلى تعامل المجلة الصحيح مع جهات النشر الأجنبية أو العكس.. وذهبت المساعي بدون طائل لندرة هذه الجهات وأسباب أخرى عديدة. أحدهم ربط لي الأمر بأن قوانين الإعلام، وخاصة في الفضائيات والإنترنت وكذا قوانين الملكية الفكرية تعتبر حديثة العهد في العديد من الدول العربية ولذا يجب انتظار مزيد من الوقت – لسنين وربما العقود – ريثما يظهر متخصصون أو تنتشر المعرفة القانونية الوافية لدى الإعلاميين. قلت ربما ولكن لم أقتنع. والسبب هو ذلك الهامش المفزع في اللحاق “والتطور”. فالفضائيات في العالم والإعلام الرقمي انتشروا في العالم في وقت متقارب، بعض المجتمعات استطاعت أقلمة القوانين وتعديلها واستحداث بعض منها بوتيرة تواكب التغيرات في الإعلام، بل إنها ما تنفك تعدل وتطور فيها باستمرار: من أجل لحظ التكنولوجيا الجديدة، ولاستيعاب ما تظهره بعض ضرورات تطبيق القوانين السارية. وفي هذه ثمة حلقة مفقودة: فالمؤسسات التشريعية في بعض الدول تبدو غائبة عن الوعي تماما. فما معنى أن بلدا قد يكون من أعرق “الديمقراطيات العربية” وكثافة في النشاط الإعلامي (مثل لبنان) ما زال حتى الآن من دون قانون ينظم الإعلام الإلكتروني. ومن جهة ثانية، ما معنى أن يكون الخريجون الجامعيون من كليات الحقوق والمحاماة من الفئات الأكثر بطالة في بعض دولنا في وقت لا تجد في معظم المؤسسات الإعلامية العربية مختصين قانونيين يتابعون قضايا النشر ومستجداته! هذه الحلقة مربوطة بمشاكل بنيوية عامة ، ومن غير المعلوم متى يتم العثور عليها ، لهذا فإن الأمل الباقي الوحيد هو الجهود الفردية والمبادرات الخاصة مثل تلك الدورة التي تشرف عليها” الشركة الدولية للمعلومات” لمصلحة إحدى مؤسسات المجتمع المدني، والتي تمنيت- بدوري- المشاركة فيها قبل أن يتفاقم لدي هذا النقص في القانون والإعلام المعاصر. إلا أن التنويع المطلوب في جنسيات المشاركين. ومشاغل أخرى حالت دون ذلك. د.الياس البراج barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©