الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاعرة آمال نوّار: رصد الومضة الأولى

الشاعرة آمال نوّار: رصد الومضة الأولى
24 يوليو 2008 00:21
ترى الشاعرة والمترجمة اللبنانية آمال نوار أن انتظار الشعر أجمل من الذهاب إليه· وهي إذ تقول: أنا لا أستجديه البتة، لأني أعرف أن ثمن ذلك ستتكبّده الكتابة نفسها عبر فقدانها تدفقها التلقائي، وذلك البرق المنبعث من لحظة إشراق سماوية في وجدان الشاعر، وهو ما لا يُمكن اختلاقه من لحظة كتابة مفتعلة يسيطر فيها وعي الشاعر على لاوعيه· في رأيي أن قوة الشعر تعتمد أولاً على أصالة انطلاقته، وعلى تلك الومضة الأولى التي تضمن لفعل الخلق دينامية عفوية تنطلق من اللاشعور لا من أي محفزّات خارجية· من هنا، على الشاعر أن يتمتع بجهوزية ذهنية عالية لاقتناص مثل هذه الإرهاصات الأولى واستخدامها كمفتاح لبابٍ يطلّ على فضاء شعري ساحر تتلهف الروح لملاقاته والتحليق فيه· ثقافة الشاعر، وعمق وعيه، وقدراته الدلالية واللغوية، وشساعة مخيلته، وطاقته الروحية، وأصالة موهبته، كلها مجتمعةً لا تستطيع اجتراح شعراً حقيقياً في غياب لحظة الإشراق الأولى تلك، التي ستجعله يرى في عمائه· وتتابع آمال نوار: رصد هذه الومضة الأولى والاستسلام لها بطواعية يضمنان للشاعر، آلية الكتابة بشكل حيوي، وانسيابية اللغة بشكل تلقائي، وللنص الشعري تدفقاً للصور والمعاني بشكل متساو، وفي نسق وجداني متناغم وحميم وغير متقطّع أو مبتور بفعل إعمال الفكر فيه كبديل لفقدان النداء الأصلي· علاوةً على ذلك، الومضة الأولى هي التي تحدّد موضوعة النص الشعري التي يأتي تناولها مبنياً على صدق الإحساس الأولي وعلى رغبة دفينة في استنطاق المخزون الدلالي والخيالي وفتح باب التأويل على مداه· وإنْ كنتُ لا أفتعل لحظة الكتابة، فإني أنفعل بها بشدّة حين تأتيني· أمنحها ذاتي كلياً ودون تحفظ إلى درجة أني أكتب غالباً وأنا مغمضة العينين وفي شبه غيبوبة· الكتابة تتدفق على السطح، إنما بلغة باطنية، تخرج من مناجم سحيقة، وتعبر أنفاق طويلة وضيقة، ومع هذا فهي تحضرني بسرعة البرق كما لو جِنّي يخرج من قمقم، مشعّة في كياني ومتوهجّة، مثل كل ماسة ربّتها العتمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©