حسين بوقبرين يبرز رموز الحضارة الرومانية في الجزائر

أقام الفنان التشكيلي الجزائري حسين بوقبرين مؤخراً معرضاً بقاعة''الموقار'' في الجزائر العاصمة ضم 42 لوحة وهو بعنوان '' سمو الرمز الروماني''· وتميَّزت رسومُ الفنان الشاب 34 سنة بدرجةٍ عالية من التجريد والرمزية، ووظف فيها الألوان بشكلٍ متناسق مع تأطير كل اللوحات باللون الأسود، في إشارة إلى المغارات والخنادق التي كانت الجيوش الرومانية تستعملها لحفظ الأسلاب والغنائم· وقد أبدى بوقبرين في لوحاته ولَعه بالحضارة الرومانية التي بلغت درجة عالية من التطور، ولا تزال الآثار المنتصبة بشموخ في عدة مدن جزائرية، ومنها تيبازا وتيمقاد وجميلة، تؤكد مدى تطور هذه الحضارة في مختلف المجالات، وبخاصة في الجانب المعماري، إلا أن بوقبرين لا يلجأ إلى توظيف ذلك بشكل مباشر في رسومه، فلا تظهر الأقواس والأعمدة المنحوتة والمباني الفخمة في رسومه، بل اكتفى بتوظيف رموزٍ فُسيفسائية رومانية مع إعادة تشكيلها لتتعانق مع رموز جزائرية قديمة؛ نوميدية حيناً وأمازيغية حيناً آخر؛ إذ تتعانق الحروف اللاتينية والأمازيغية في الكثير من اللوحات في أشكال مختلفة وبديعة مما يعني أن وضعية الرومان كمحتلين للبلد قرابة 5 قرون لم تُثِر الجانب المختلف السلبي في الفنان الذي فضَّل الالتفاتَ إلى الجانب الإيجابي، خُصوصاً حينما يضع في وسط المعرض، تمثال الملك الروماني سيزار جنباً إلى جنب مع تمثال الملك''النوميدي'' يوبا الثاني الذي وضعه الرومان ملكاً على ''أيُّول'' أي منطقة ''شرشال'' حالياً والتي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 97 كيلومتراً، وهو أمرٌ له دلالة واضحة على أن العلاقة بين المحتلين الرومان والأمازيغ لم تكن دوماً قائمة على النزاعات والحروب والعداء· وبرغم أن التمثالين لا يشبهان كثيراً التمثالين الأصليين الموجودين في متحف ''شرشال'' واللذين أبدعتهما أيادي الفنانين الرومان قبل قرون طويلة، إلا أن تمثالي حسين بوقبرين المصنوعين من الحجر كانا جميلين ويكشفان موهبته في فن النحت أيضاً· وعن سرِّ اختياره لهذا الموضوع، قال بوقبرين لـ''الاتحاد'': إن الحضارة الرومانية بلغت درجة كبيرة من التطور والرقي، وبرغم أن طابعها كان واقعياً كما يظهر من بناءاتِ الرومان ونمط معيشتهم فإنهم كانوا سيصلون حتماً إلى الرمزية وهذا كان انطلاقاً من مؤشرات عديدة رأى أن يُبرزها في معرضه، فضلاً عن رغبته بتوجيه رسالة وهي أن الفنان يجب أن يعتمد في أعماله على مراجعَ تاريخيةٍ وبخاصة الحضارات المذكورة في القرآن الكريم، والحضارات المنسية· المعرض ترك أثراً طيِّبا في نفوس الزوار إذ أكدوا أن الفنان الشاب يتميز بالموهبة والذكاء ويحسن اختيار المواضيع والألوان، ورسومه تعبِّر بعمق عن خلجات النفس وقد قدم مجموعة فنية تجريدية ثرية وذات عمق إنساني وحضاري