السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«طالبان» والقوات الأفغانية: تعايش استثنائي!

1 ابريل 2011 23:03
في منطقة ألاسي بمحافظة كابيسا الأفغانية الواقعة شمال شرقي العاصمة كابول، توجد ترتيبات أمنية غير عادية بين مقاتلي حركة "طالبان" والقوات النظامية الحكومية. وفي نظر البعض فإن من شأن هذه الترتيبات أن توفر نموذجاً عملياً لما يمكن أن تكون عليه التسوية السلمية النهائية بين الحركة المتمردة والحكومة الأفغانية. فعلى خلفية اعتراف كل طرف من الطرفين المتقاتلين بعدم إمكانية تحقيقه نصراً عسكرياً حاسماً على الطرف الآخر، قرر مقاتلو "طالبان" والقوات النظامية التعايش السلمي فيما بينهما في هذه الضاحية القريبة من كابول، متى ما سمحت الظروف بذلك. بل تتبادل عناصر "طالبان" وقوات الشرطة الأفغانية في ألاسي -وكلاهما طرفان مسلحان- التناوب على السوق الرئيسي للضاحية وفق ترتيبات واضحة بينهما. بل يعرف عن جنود كلا الطرفين حضورهما المشترك لمناسبات الزواج والمآتم التي تقام في الضاحية. ولضمان عدم حدوث أي مواجهات مسلحة بينهما، اتفق الجانبان على ترتيبات بشأن تسوق كل طرف منهما، على أن يتسوق مقاتلو حركة "طالبان" نهاراً، بينما يتسوق جنود القوات النظامية الحكومية ظهراً. "هكذا أفضل"، كما يقول "رضا"، أحد أصحاب المحال التجارية بسوق ألاسي الرئيسي. فقد اعتدنا على الخوف من احتمال وقوع اشتباكات ومواجهات مسلحة بين مقاتلي الطرفين في أي وقت، لذلك فإنه من الأفضل أن يخصص وقت منفصل لتسوق رجال كل طرف منهما الآن. وذكر ضابط شرطة، رفض ذكر اسمه، أنه يذهب في أي وقت يشاء إلى السوق عبر منطقة تسيطر عليها عناصر "طالبان"، ودون أن يتعرض لأي مضايقة كانت منهم. وقال الضابط إنه يغشى مقاتلي "طالبان" الموجودين لحظة مروره، ويتبادل التحايا معهم، بل ونتبادل النكات أحياناً فيما بيننا عن اختلاف طبيعة عملنا ومهامنا. فطالما نحن جميعاً من الأهالي المحليين، كان لابد لنا من الاتفاق على ألا نضايق بعضنا. وعليه فهناك اتفاق سلمي غير رسمي بيننا. وقد أكد "مير زمان مانجاريا" -رئيس شرطة منطقة ألاسي- أن الاتفاق على عدم اعتداء أي طرف من الطرفين على الآخر، إنما يمثل اعترافاً ضمنياً بعدم قدرة أيهما على تحقيق نصر عسكري على الطرف الآخر. وأوضح مانجاريا قائلاً إن قوة الشرطة المحلية التي يقودها تتألف من 20 شرطياً و20 ضابطاً من ضباط الشرطة، وإن هذه القوة تعمل على حفظ الأمن والنظام في المنطقة، غير أنه ليس بوسعها القيام بهذه المهمة عملياً. وفي الوقت نفسه ليس بوسع عناصر "طالبان" استئصال هذه القوة الشرطية المحلية. والواقع أن كل طرف من الطرفين لا يرغب في وجود الآخر، غير أن الاعتبارات العملية حتمت عليهما التعايش السلمي فيما بينهما على أية حال. والحقيقة أن هذا الاتفاق غير الرسمي بين الطرفين جاء نتيجة للتفاوض بين زعماء القبائل ومتمردي "طالبان" منذ بضع سنوات. وقد أمكن له الاستمرار على نحو أو آخر طوال هذه السنوات. كما لعب الزعماء المحليون دوراً رئيسياً في ضمان موافقة المسؤولين الذين يتم تعيينهم للوظائف الإدارية في المنطقة، ولرئاسة قوات الشرطة في ألاسي، على التزامهم بتطبيق هذا الاتفاق غير الرسمي. ومن ناحيته قال رئيس الحكومة المحلية، الملا محمد، إن إدارته تتسامح مع وجود عناصر "طالبان" في المنطقة، غير أنه يتبع سياسات الحكومة المركزية التي تلزمه بحث المتمردين على الاستسلام ونبذ العنف. ويقف المتمردون المسلحون على بعد أمتار فحسب من منطقة السوق المحلي الرئيسي، رغم أنهم يدخلونه أحياناً لشراء ما يلزمهم من احتياجات وأغراض. ونفى رئيس الحكومة المحلية وقوع أي مواجهات مسلحة بين الطرفين الحكومي والطالباني، بينما أكد في ذات الوقت استمرار جهود تهدف إلى إقناع المتمردين بإلقاء أسلحتهم والانخراط في العملية السياسية، وذلك بالتعاون مع زعماء القبائل والعشائر، وجهود عملية السلام الجارية الآن. وفي الوقت نفسه أعرب كثير من القرويين عن سعادتهم بترتيبات عدم العدوان هذه بين الطرفين. وعلى حد قول أحد الزعماء المحليين فإن موت جندي حكومي أو مقاتل من "طالبان" يسبب حزناً لجميع الأهالي هنا. وهذا ما دفعنا نحن زعماء ألاسي، للاتفاق فيما بيننا على أن يعيش جميع أبنائنا في سلام. ويذكر أن قوة الأمن الدولية لأفغانستان قد نفذت سلسلة من العمليات التي استهدفت استئصال المتمردين من منطقة ألاسي خلال السنوات الماضية، لكنها لم تسع إلى بسط هيمنتها على المنطقة مطلقاً. وفي الوقت نفسه أبدى جنود الجيش الأفغاني الذين تم نشرهم في المنطقة في إطار الجهود التي تبذلها القوة الدولية هذه، تمنعاً من المشاركة فيما يسمى مكافحة التمرد. وقال زعيم محلي رفض ذكر اسمه: مقاتلو "طالبان" هم أخوتنا أيضاً، ولهم مطالب محددة تستحق الاستماع إليها وتلبيتها. إلى ذلك قال مسؤول قيادي بالحركة في ألاسي: لقد قررنا عدم المساس بقوات الشرطة والجيش الحكوميين، بسبب علاقات الدم والقربى التي تربط بيننا جميعاً، ولكوننا أفغاناً ومسلمين. لكننا سوف نقاتلهم ونقتلهم فيما لو اعتدوا علينا. ميواند صافي باحث بمعهد الحرب والسلام - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©