الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعراء الإنترنت يبحثون عن الانتشار عند قارئ عابر

شعراء الإنترنت يبحثون عن الانتشار عند قارئ عابر
3 يناير 2008 00:37
المواقع الإلكترونية التي أنشأها شعراء أفراد أصبحت ظاهرة في ساحة الشعر العربي، وصارت الوسيلة الأسرع والأسهل والأوسع انتشاراً في نشر الشعر ونقده وأخبارة، ونتساءل عن المعايير التي تحكم النشر فيها، وقيمة ما تقدمه وتأثيره وما اذا كانت تحقق حضوراً على النطاق المحلي والعربي والعالمي، ومدى إسهامها في ترويج الأعمال الهزيلة الخالية من الإبداع· إسعاف تكنولوجي يقول الشاعر أمجد ريان: ليس هناك صراع بين التكنولوجيا والإبداع، وتستطيع التكنولوجيا أن تسعف المبدع وفي عصر الكتابة ظلت الفنون التي يتم إبداعها بالحبر تتطور في شكل ريشة حتى صنعت لها الدواة لتوضع في ثقب مستدير مخصص لها، بل أن الكتابة بشكل عام كانت فرصة ذهبية للانتقال من المرحلة الشفاهية إلى مرحلة التدوين، وهذا يعني تطورا هائلا لأن المرحلة الشفاهية لها عيوب كثيرة أهمها النسيان واستحالة الحفظ، وهناك درر وأعمال قيمة فقدت على امتداد التاريخ البشري قبل اختراع الكتابة· والكتابة منذ بداياتها المتمثلة في الأدوات البدائية الأولى كالحجارة والجلود كانت تمثل تطورا هائلا له الفضل الأول في تدوين أمهات الكتب وروائع الإبداعات الخالدة التي لاتزال تعيش حتى اليوم ثم تطورت الكتابة بأدوات أكثر حداثة وبأقلام من البلاستك والباغ والزجاج لكي تعبأ بالأحبار على النحو الأجود والأمثل، وانتقلت صناعة الورق من لفائف البردي الخشنة إلى لفائف مسطحة ناعمة ومتنوعة من الأوراق، وهذا كان قمة التكنولوجيا في عصور طويلة، ومكن الأدباء والمبدعين من تطوير ابداعهم من خلال تدوين ارقى إنجازات العقل البشري· ومنذ عقود واكبت التكنولوجيا تدوين الإبداع وتطويره وتخزينه من خلال أجهزة الكمبيوتر والأسطوانات اللدنة "c.d" فحدث انقلاب جذري لم تشهد البشرية مثيلا له، وأصبح أي كاتب قادر على نشر وتخزين كتاباته ودراساته وابداعاته وأن يتعامل معها بالإضافة والحذف كما يحلو له خصوصا وأن جهاز الكمبيوتر يمكنه تخزين ألوف الملفات المعبأة· أما بالنسبة للإنترنت فقد حقق خاصية أتاحت امكانية الاطلاع على المعلومات ونقلها بلا عناء، وهذا يؤكد أن التكنولوجيا لم ولن تتوقف عن خدمة الإبداع، وهناك تطورات ستحقق المزيد ومنها الاسطوانة اللدنة التي يمكنها حفظ مئة الف كتاب كاملة أي ما يوزاي طابقين في مكتبة عامة· وأنا من اؤلئك الذين يؤمنون ايمانا مطلقا بقيمة التكنولوجيا واهميتها في مساعدة المبدعين بصور كثيرة ومتجددة وأرى في الكمبيوتر مستقبل وحاضر الكتابة والنشر، ولك أن تتخيل وضع كاتب لا يمتلك جهاز كمبيوتر الآن، ومدى الصعوبات الهائلة التي ستواجهه لو أراد الاستمرار في عملية الكتابة والنشر واستقاء المعلومات دون الكمبيوتر وشبكة الإنترنت· هناك بالتأكيد مواقع شعرية على قدر كبير من الأهمية ومنها على سبيل المثال موقع ''جهات الشعر'' للشاعر قاسم حداد وموقع ''ديوان'' الذي كان يشرف عليه الشاعر المصري عماد فؤاد وموقع ''كيكا'' الذي يحرره من لندن الشاعر والكاتب العراقي صموئيل شمعون وهي مواقع لا يمكن للمبدع العربي الا أن يمّر عليها يوميا لو أراد التمكن من التواصل السريع مع آخر ما تم انجازه من ابداعات شعرية عربية وأجنبية وآخر ما نشر من دراسات واخبار· وهذا لا ينفي ظهور عشرات المواقع غير المسؤولة والتي يشرف عليها اناس غير مدركين لما يفعلون ويتخبطون ولا تحكمهم رسالة أو هدف الا الجري وراء الشهرة المجانية· غير ان المواقع الشعرية بحلوها ومرها تشكل ظاهرة في غاية الأهمية حتى لو كان بعضها يتصف بالسلبية او الفوضوية، لأن الظاهرة تصلح نفسها يوما بعد يوم، والمواقع غير المسؤولة سينفر منها الناس وتتوقف تلقائيا والشيء المؤكد أن المواقع الشعرية والأدبية عموما طرحت روحا ونكهة جديدة للكتابة بل وحياة مختلفة في الفكر والثقافة والإبداع· وبالتأكيد قارئ الإنترنت لديه قدرة فائقة على اختيار قيمة أي موقع إلكتروني من النظرة الأولى، صحيح أن هناك الكثير من القراء الذين يدخلون ويستعملون شبكة الإنترنت بطريقة غير مسؤولة، ولكنهم قراء مؤقتون سرعان ما يختفوا بازدياد المواقع الشعرية المهمة والكبيرة ''والمستخدم'' المسؤول القادر على اختيار المادة المنشورة إلكترونيا والاستفادة منها· منذ البداية كانت فكرتي في إنشاء الموقع هي الاستفادة من هذا الأسلوب الجديد في التواصل والقدرة على سرعة الوصول، وبالفعل وجدت من خلال موقعي تفاعلا لم اكن اتوقعه او احلم به، ففي الشهور الأولى زار الموقع أكثر من عشرة آلاف، وهذا نجاح كبير خصوصا أن توزيع دواويني المطبوعة ورقيا لم يتجاوز المئتي نسخة! اختراق الحواجز وتقول الشاعرة فاطمة ناعوت: التكنولوجيا تطور حتمي، وكان لها الفضل في تحقيق التواصل بين البشر، كما حدّت كثيراً من الفواصل والعوائق الجغرافية والزمنية واصبح بوسعك الآن استدعاء اعمال أي كاتب خلال لحظة ودون الخروج من بيتك· وهناك مواقع شعرية عربية كثيرة بعضها قوي مثل موقع ''اكسوجين'' و''كيكا'' ولكن بينها الكثير من المواقع الضعيفة المليئة بالأخطاء اللغوية والأعمال الساذجة التي لا تزيد على كونها خواطر لمراهقين مقموعين ويجدون في الشبكة العالمية متنفسا لرغباتهم المكبوتة· والمشكلة ن قارئ ''الإنترنت'' لا يعول عليه كثيرا في مسألة الفرز وانا منذ زمن لا اعول عليه، ولا اثق به، فهو قارئ بالصدفة لا يشغله في الغالب الا محادثات ''الشات'' والمواقع المسلية كمواقع الأزياء والموضة والمواقع الاباحية، واذا مر على المواقع الأدبية فبالصدفة وانا لا اريده ولا اثق به، ومازال النشر المعترف به بالنسبة لي هو النشر الورقي· وموقعي صغير ومجاني وانشأته للأرشفة وحفظ الأعمال من الضياع ولا انشر فيه الا المواد التي سبق نشرها ورقيا، أي في كتاب أو جريدة لأني لا أرى في الإنترنت الا نشرا افتراضيا لا قيمة له ولا تأثير·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©