بعد نحو عامين على إلزام محال البقالة في أبوظبي بالاشتراطات الجديدة، التي حددها جهاز الرقابة الغذائية في الإمارة. وبعد فتور الحماس الذي واكب التجربة، يلاحظ المستهلك أن الأمور داخل هذه المحال قد عادت إلى سيرتها الأولى من حيث عدم الالتزام بكل تلك المعايير والاشتراطات التي وضعها الجهاز، ولم يبقَ منها سوى الالتزام الشكلي، خاصة ما يتعلق بالالتزام باللوحة الخارجية للمحل.
وفي مقدمة التجاوزات عدم الالتزام ليس فقط بالتسعير، وإنما في طرق تخزين وعرض المواد الاستهلاكية المعروضة للبيع، فتجد السلع متداخلة مع بعضها ومن دون أدنى ترتيب بحسب الاشتراطات المحددة من قبل الجهاز. وعدم وجود التسعير يترك البائع غير ملتزم بالسعر، الذي يجب أن يكون واضحاً للمستهلك، الذي يقابل اعتراضه على أي زيادة بارتفاع الإيجارات وتكاليف التجديد والديكورات الجديدة، التي ألزمهم بها جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية. ولا نتحدث هنا عن بقية الاشتراطات كالزي الموحد وصندوق الدفع المزود بأجهزة القراءة الذكية “البار كود” وغيرها من تلك الاشتراطات الملزمة.
قبل أيام تعرض ابني الصغير لجرح بسبب نتوءات ثلاجة في بقالة بحي الدانة في قلب العاصمة، بينما كان يبحث عن عصيره المفضل، بسبب تداخل العصائر مع الألبان مع غيرها من المياه الغازية والمعدنية. بينما كانت عبوات “الشيبس” والحلويات مخزنة تحت طاولات تفتقر لشروط التخزين الصحيحة.
وكان جهاز الرقابة قد نفذ حملات مكثفة لضمان التزام البقالات بتطبيق الاشتراطات التشغيلية والفنية الخاصة بمحال البيع بالتجزئة، التي تم الإعلان عنها، وإغلاق البقالات غير المستوفية للشروط.
وشملت المعايير الجديدة أكثر من 1300 بقالة في المدينة وضواحيها وتحقق أساليب صحية في حفظ المواد الغذائية، الأمر الذي يحفظ صحة المستهلكين، علاوة على النظام الآلي في تسعير المنتجات «الباركود» بما يحمي حقوق المستهلك.
كما أضفت المعايير الجديدة في قطاع البيع بالتجزئة، شكلاً متناسقاً للبقالات تروق للمستهلك، وتضمن عمليات تخزين سليمة وصحية للأغذية مع تفادي تكديس البضائع على الرفوف، وتوحيد زي العاملين في البقالات، فضلاً عن وضع علامة تجارية موحدة للبقالات كافة في إمارة أبوظبي ورفع مستوى الخدمة التي تقدمها للمستهلكين، والمجتمع بشكل عام.
وكان الجهاز قد أعلن أن الاشتراطات الجديدة وضعت بعد جهود امتدت على مدى عامٍ كامل، ودراسات معمقة لقطاع البقالة أجراها اختصاصيون من جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية وهيئات حكومية أخرى معنية، في خطوة مهمة لتنظيم القطاع في إطار تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي.
وقد أظهرت إحدى هذه الدراسات وجود حوالي ألف و300 متجر بقالة في مدينة أبوظبي، بمتوسط مساحة تقارب من 45 متراً مربعاً، تعمل على مدى الأسبوع بمعدل 16 ساعة يومياً، وتلبي حاجات ما يقارب 150 زائراً في اليوم من مختلف الجنسيات وشرائح المجتمع. وأن قرب البقالة من أماكن العمل أو السكن، إضافة إلى خدمة التوصيل للمنازل، يشكل ما معدله 35% من مبيعات البقالة، وهو ما يمثل عنصر جذب للمستهلك.
ومن هنا ندعو “الرقابة الغذائية” لمواصلة الجهد الكبير الذي بدأته لتحقيق البيئة الصحية الآمنة والصورة الحضارية، التي يجب أن تكون عليها خدمة البقالات، وذلك بالحملات التفتيشية المتواصلة لضمان الالتزام التام بالاشتراطات المحددة لمصلحة الجميع.
يعقوب خلفان - أبوظبي
عدد اليوم
