السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلطة الفلسطينية... مشكلات اقتصادية وتسوية متعثرة

السلطة الفلسطينية... مشكلات اقتصادية وتسوية متعثرة
28 مارس 2012
رغم تباطؤ محاولات إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، فإن الفلسطينيين وداعميهم الدوليين يصفون اقتصاد الضفة الغربية الآخذ في التوسع باعتباره خطوة حاسمة على طريق قيام الدولة. إلا أن السلطة الفلسطينية تبدو اليوم غارقة في أزمة مالية، وهناك شعور متزايد بأن جهود التنمية الاقتصادية التي يُهدف من ورائها إلى وضع أسس استقلال الدولة المنشودة قد أتت بنتائج عكسية. هذا الشعور تكرس أكثر هذا الشهر بعد أن حذر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أن عجزاً متزايداً بدأ يعرِّض مكتسبات السلطة الفلسطينية للخطر، وعابا على إسرائيل عدم قيامها بما من شأنه تسهيل الأعمال والتجارة في الضفة الغربية. ويتزامن هذا مع تعهد مانحين دوليين بدعم السلطة في اجتماع عقد في بروكسل الأسبوع الماضي، وإفراج المشرعين الأميركيين عن 88?6 مليون دولار من مساعدات التنمية التي كانت مجمدة منذ أغسطس الماضي. إلا أن ثمة تخوفات من أن تستمر المساعدات الخارجية في الانخفاض، بينما يركز الغرب على متاعبه الاقتصادية وينشغل الجيران العرب باضطرابات سياسية. في الضفة الغربية، حيث تباطأت طفرة سابقة في أعمال البناء وارتفعت البطالة، تركزت مشاعر الاستياء على قيادة السلطة الفلسطينية، بما في ذلك رئيس الوزراء التكنوقراطي سلام فياض، الذي أدخل زيادة في الضرائب وتدابير تقشفية أخرى. خطوات يقول بعض المحللين إنها ساهمت في انخفاض معدلات التأييد الشعبي لفياض وعباس. وتضاف مشاعر الغضب من هذه التدابير إلى انتقادات طويلة ترى بأن استراتيجية فياض القائمة على بناء المؤسسات وتحسين القانون والنظام -والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها ناجحة- لم تقرب الفلسطينيين من هدف قيام الدولة. ذلك أن محاولة الحصول على الاعتراف في الأمم المتحدة فشلت، ومخططات تحقيق المصالحة بين الفصيلين السياسيين الفلسطينيين الرئيسيين جمدت، ومحادثات السلام مع إسرائيل تعثرت، وإدارة أوباما لا تقوم بدفع الموضوع علناً. ويرى منتقدون أن زيادة الضرائب والتدابير الرامية إلى كبح الإنفاق على موظفي القطاع العام - المتمثل في قوة عاملة قوامها 165 ألف شخص وتشكل العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني - تبدو مثل إهانة. وفي هذا السياق، يقول "بسام زكارنة" رئيس نقابة الموظفين العموميين في السلطة الوطنية الفلسطينية "إن معظم المال ينفق على الأمن، علماً بأن الأمن ليس من أجل الشعب الفلسطيني، بل من أجل العالم، وخاصة إسرائيل"، مضيفاً "إذا قالوا لنا إننا سنخفض رواتبكم بخمسين في المئة من أجل خلق دولة ذات سيادة، فإننا سنوافق". ولكن ذلك لم يحدث، واليوم أخذ البعض يدعو صراحة إلى تفكيك السلطة الفلسطينية -التي أنشئت كهيئة مؤقتة قبل أكثر من 16 عاماً- غير أن فياض، وهو خبير اقتصادي كان قد حدد في 2009 استراتيجية لبناء الدولة تقوم على التنمية الاقتصادية والحكامة الجيدة، يرى أن ذلك سيشكل خطأ فادحاً. وفي هذا السياق، قال "فياض" في حوار معه: "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي كان أحد الدوافع الأساسية"، مضيفاً "الجزء الآخر كان بديهياً... وأعني بذلك خلق وقيام دولة فلسطينية تشتغل على نحو جيد. ولكن إذا كان ذلك هو الهدف، فعلى المرء في تلك الحالة أن يستعد له". فياض اعترف بأن الاقتصاد لا يبدو في حالة جيدة؛ حيث تباطأ النمو في الضفة الغربية بشكل معتبر في 2011، وارتفع عجز الميزانية إلى 1?1 مليار دولار، حسب صندوق النقد الدولي. وأحد الأسباب الرئيسية هو نقص في المساعدات يعادل 500 مليون دولار من المانحين الأجانب الذين يمولون السلطة الفلسطينية، وبخاصة البلدان العربية. ويقول فياض في هذا الصدد:"إن حالة التهميش التي نعاني منها غير مسبوقة"، مضيفاً "الجميع منشغل بأمور أخرى". وإضافة إلى زيادة الضرائب، فإن السلطة الفلسطينية تعتزم أيضاً خفض الإنفاق على رواتب الموظفين، التي تلتهم أكبر جزء من ميزانية السلطة، وذلك عبر خفض التوظيف والتشجيع على التقاعد، كما يقول المتحدث باسم الحكومة غسان الخطيب. غير أن تقرير البنك الدولي، أشار إلى أن توسيع قطاع التجارة والأعمال الفلسطيني، وهو مصدر رئيسي للعائدات الضريبية، يعتمد على إسرائيل التي تسيطر على 60 في المئة من الضفة الغربية، إضافة إلى حدودها والموانئ التي تدخل منها السلع؛ حيث اعتبر التقرير أن إسرائيل لم تقم بتخفيف "مهم" للقيود في 2011. إسرائيل ترد على ذلك بالقول إنها ساعدت الاقتصاد الفلسطيني العام الماضي من خلال إجراءات مثل إزالة ثلاث نقاط تفتيش في الضفة الغربية والموافقة على أكثر من 5 آلاف رخصة عمل إسرائيلية للفلسطينيين. وفي وقت تهدد فيه المخاوف، بشأن الميزانية، الثقةَ في مشروع بناء الدولة، فإن السؤال الذي يتردد في رام الله حالياً هو: ما هي الخطوة التالية؟ والواقع أن قلة قليلة من الناس تعتقد أن السلطة الفلسطينية توجد على شفا تفكيك نفسها حيث يقول البعض إن عباس يفضل أن يمني النفس بأن يقوم أوباما، في حال أعيد انتخابه، بإيلاء الأولوية لجهود تسهيل حل الدولتين. الخيار الآخر، كما يقول مسؤولون فلسطينيون، هو مواصلة الدفع بالقضية على الصعيد الدولي. فنزولاً عند طلب من السلطة الفلسطينية، وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً على إرسال بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في تأثيرات المستوطنات الإسرائيلية على الفلسطينيين. وعلى غرار محاولة قيام الدولة الفلسطينية قبل ستة أشهر، فإن إسرائيل انتقدت هذه الخطوة باعتبارها جهداً يروم تجنب المفاوضات، كما أشار مسؤولون إسرائيليون إلى أنهم قد يتخذون إجراء عقابياً قد يشمل حبس عائدات الضرائب التي تُجمع نيابة عن السلطة الفلسطينية. وفي هذه الأثناء، يبدو أن مشاعر الحماس والتفاؤل، التي أحاطت بتلك المحاولة قد خبتت وتلاشت في شوارع رام الله. وفي هذا السياق، يقول إبراهيم حرباوي، 41 عاماً، إن السنوات الثلاث الماضية كانت الأسوأ من بين السنوات الاثنتي عشرة التي عمل فيها كبائع في متجر. كارن برويارد - رام الله ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©