السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلفيات مصالحة أردوغان وبوتين

9 يوليو 2016 22:25
تُعتبر جهود أنقرة الرامية إلى التصالح مع روسيا، على غرار ما فعلت مؤخراً مع إسرائيل، جزءاً من حملة تركية تروم تقوية وتدعيم أكبر عدد ممكن من الصداقات عبر منطقة مضطربة بسبب الحرب الأهلية السورية وتدخلات إيران الشيعية. وعلى غرار مصالح تركيا مع إسرائيل، فإن تحسين العلاقات مع روسيا يمكن أن يعيد أيضاً إحياء مشاريع طاقة متوقفة في تركيا، من خط أنابيب ضخم لنقل الغاز الطبيعي إلى محطة للطاقة النووية بتكلفة 20 مليار دولار. كما أبرز الهجوم الانتحاري المميت الذي استهدف مطار أتاتورك في إسطنبول مؤخراً، الذي يحمِّل الخبراء مسؤوليته لتنظيم «داعش»، وأسفر عن مقتل 44 شخصاً وجرح المئات، حاجة تركيا إلى إعادة بناء صداقات من أجل تقوية أمنها الداخلي. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول سونر كاجابتاي، مدير برنامج البحوث التركية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «أعتقدُ أن هجوم إسطنبول يزيد من الطابع الاستعجالي لتطبيع العلاقات بالنسبة إلى تركيا». والعلاقات بين تركيا وروسيا -التي كانت قبل سنتين فقط في طريقها للتحول إلى «علاقة استراتيجية»، مستفيدةً من صفقات ضخمة في مجال الطاقة بمليارات الدولارات- تعرضت للتجميد في نوفمبر الماضي، عندما أسقطت مقاتلتان تركيتان طائرةً حربية روسية انتهكت مجال تركيا الجوي بالقرب من الحدود مع سوريا. ومنذ ذلك الوقت، تركت القيود الروسية على التجارة والسفر تأثيرها على الاقتصاد التركي، وجُمِّدت مشاريع الطاقة، ولم يعد بإمكان الجيش التركي القيام بعمليات في شمال سوريا، الذي ما زال لدى «داعش» معقل فيه. ومؤخراً، قدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتذاراً مكتوباً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حادث الطائرة؛ وبعد ذلك بيومين، ردّت روسيا على الاعتذار بأن ألغت حظرها على السفر، وهو ما يضع البلدين على طريق تطبيع العلاقات، على غرار ما فعلت تركيا مؤخراً أيضاً مع إسرائيل بعد خصام دام ست سنوات على خلفية هجوم هذه الأخيرة على سفن إغاثة تركية كانت متوجهة إلى غزة. وقد وصف أردوغان مد غصني الزيتون لكل من إسرائيل وروسيا بأنه «فوز للجميع» ولكل البلدان. والدافع وراء جهود أنقرة الدبلوماسية هو الوضع الأمني المستفحل في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام، والحاجة إلى تجميع بلدان مستقرة وذات مواقف ورؤى مماثلة تستطيع أن تعمل معاً كشركاء، بحكم الواقع، في القتال ضد المتطرفين الذين ينشطون عبر المنطقة. ذلك أن الحرب السورية، التي زاد عمرها على خمس سنوات، خلقت ملاذاً آمناً لتنظيم إرهابي استهدف بشكل متكرر أهدافاً رخوة في تركيا، وكذلك في مدن أخرى في أوروبا. كما تسببت الحرب في تدفق مئات الآلاف من النازحين السوريين على تركيا وبلدان أخرى في أوروبا والشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، تخلصت إيران من العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية -بفضل اتفاق نووي وقّعته مع إدارة أوباما- وتسعى إلى توسيع دورها الإقليمي. ومعلوم أن إيران تدعم بشكل فعلي نظام بشار الأسد في الحرب السورية، كما تدعم بعض المجموعات المتمردة في اليمن. وفي الوقت نفسه، تسابق طهران الزمن من أجل إعادة قطاعها النفطي إلى أيام المجد، ما يرفع الإنتاج والصادرات في تحدٍّ صريح للسعوديين لزعامتهم لمنظمة «أوبك». وفي هذا السياق، يقول الخبير في الطاقة والشؤون الجيوسياسية في المنطقة مايكل تانشم: «إن دافع تركيا الرئيسي للمصالحة هو الحاجة إلى احتواء توسع هيمنة إيران في الشرق الأوسط». ويضيف قائلًا: «إن المصالحة مع روسيا تمثل عنصراً واحداً من استراتيجية تركية أكبر تشمل استعادة التعاون مع إسرائيل، وتعميق التعاون الاستراتيجي مع دول إقليمية أخرى». ولكن تركيا لديها أيضاً بعض الأسباب الداخلية لطي صفحة الخلاف مع موسكو. فأردوغان، الذي يتطلع إلى أن يصبح زعيماً وطنياً قوياً، يكافح من أجل تأمين 50? في أي انتخابات وطنية؛ وتلميع مؤهلاته كرجل قوي يتطلب القضاء على كل من التنظيمات الإرهابية الدولية والداخلية التي تسببت في القتل والدمار في تركيا خلال السنين الأخيرة، وخاصة تنظيم «داعش» وحزب العمال الكردستاني. والواقع أن مشكلة أنقرة الكردية التي يبلغ عمرها عقوداً لم تزدد إلا سوءاً بسبب الحرب الأهلية السورية والخصام مع روسيا الذي دام سبعة أشهر. ذلك أن موسكو تقوم بتسليح بعض المجموعات الكردية التي تقاتل في سوريا، وكثيرون في تركيا يشعرون بأن حزب «العمال» الكردستاني، ذا الجذور الماركسية، يمكن أن ينتهي به المطاف وكيلًا لروسيا، وهو ما سيزيد من صعوبة القضاء عليه في الداخل. وفي هذا السياق يقول كاجابتاي: «لقد أرادت تركيا فصل الأكراد عن روسيا؛ وللقيام بذلك، كان لابد لها من التصالح مع موسكو». * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©