الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصومال··· الإرهاب خلفها والمجاعة أمامها

الصومال··· الإرهاب خلفها والمجاعة أمامها
20 يوليو 2008 23:13
في زمن الجفاف، وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية، وتصاعد الاقتتال في الشوارع، يغادر الكثير من عمال الإغاثة، الذين يعتمد عليهم الملايين من الصوماليين من أجل البقاء على قيد الحياة، عملهم -والبلاد في حالات أخرى-، يحدث ذلك نتيجة ما يبدو أنها حملة ترهيب منظمة، حيث ظهرت مؤخرا في شوارع مقديشو، منشورات تصف عمال المساعدات بـ''المشركين'' وتهددهم بالملاحقة، ويذكر أن 20 عامل مساعدات قُتلوا منذ يناير الماضي، فيما تعرض آخرون للاختطاف· ويعد الهجوم المتعمد على عمــال الإغاثة والمساعدات بعدا جديدا مخيفا يضاف للأزمة التي تتخبط فيها الصومال منذ 17 عاما، والتي لم تزدد إلا عنفا وشراسة بعد أن حوَّلت قوى خارجية، مثل الجيش الأميركي، حربا أهلية إلى نزاع أكثر دولية، في هذه الأثناء، تثير الهجمات الأخيرة قلق مسؤولي الأمم المتحدة بصفة خاصة لأنهم يرون أن الصومال تسير نحو مجاعة أخرى حقيقية، إذ بدون عمال مهنيين لتوزيع الطعام والاعتناء بالمرضى، فإن البلاد يمكن أن تغرق في كارثة تذكِّر بأوائل التسعينيات حين لقي مئات الآلاف من الأشخاص مصرعهم بسبب المجاعة، وفي هذا السياق يقول ''بيتر سميردون'' -المتحدث باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة-: ''لا يمكن أن يوجد وقت أسوأ من هذا لحدوث المجاعة''· هذا الشهر بشكل خاص تصاعدت الهجمات التي تستهدف عمال الإغاثة والمساعدات -الغربيون منهم والصوماليون- الذين يعملون مع منظمات غربية ومحلية، فقبل أسبوعين تم إطلاق النار على مسؤول أممي رفيع أثناء خروجه من المسجد، ويوم الأحد الماضي تم قتل عامل مكلف بنقل المساعدات الغذائية العاجلة، ويوم الخميس قُتل ثلاثة من الأعيان الذين كانوا يساعدون عمال مساعدات محليين على توزيع المواد الغذائية في أحد مخيمات النازحين بعد أن أُطلق عليهم النار بينما كانوا يحتسون الشاي· وفي رد فعلها، عمدت الأمم المتحدة إلى سحب بعض موظفيها من المناطق الحضرية الخطيرة وقلصت أنشطتها في البلاد، وإذا كان الصومال في حاجة إلى مساعدات طارئة تقدر بملايين الدولارات، فإن القلق بدأ ينتاب المانحين لأن الهجمات التي تستهدف عمال المساعدات يهدد بشل مشاريع الإغاثة، فقد غادرت طائرة كان على متنها نحو عشرة عمال إغاثة على الأقل بسبب تلك المنشورات· وكانت هذه المنشورات قد عُلقت على الجدران ووزعت في الشوارع في مقديشو قبل نحو عشرة أيام، ومما جاء فيها: ''نعرف كل أولئك الذين يُدعون بعمال المساعدات، إننا سنقتلهم أينما وُجدوا''، هذا وتشهد عمليات الاختطاف ارتفاعا خطيرا بين عمال المساعدات· بعض التحذيرات وقَّعتها مجموعةٌ غير معروفة تطلق على نفسها اسم ''شهداء أبو مصعب الزرقاوي'' -الإرهابي الأردني المعروف الذي قتلته القوات الأميركية في العراق في 2006- وترى هذه المجموعة أن عمال المساعدات متواطئون مع ''المشركين''، هذا في حين يرى عدد من الدبلوماسيين أن الهدف من عمليات القتل تلك هو جعل الصومال تبدو في فوضى جد عارمة إلى درجة تتخلى معها البلدان الغربية عنها· بيد أن فصائل مختلفة من الحركة الإسلامية في الصومال، والتي تخوض حربا ضروسا مع الحكومة، تدين هذه الهجمات، وفي هذا الإطار قال شيخ ''مختار روبو أبو منصور'' زعيم منظمة ''شباب المجاهدين'' المتمردة، إن المحاربين الإسلاميين يقومون بحراسة قوافل المساعدات، غير أن مسؤولي الأمم المتحدة تنتابهم مشاعر مختلطة تجاه ''شباب المجاهدين''، إذ يقولون إن بعض الفصائل عنيفة ومناوئة للغرب، في حين قامت أخرى مؤخرا بالمساعدة على تحرير اثنين من عمال المساعدات المختطَفين· بيد أن بعض المحللين الغربيين، يعتقدون أن عناصر داخل الحكومة الصومالية تقوم -وسط ضبابية أعمال العنف التي تغشى البلاد- بقتل عمال المساعدات قصد الإساءة إلى سمعة وصورة المنظمات الإسلامية المعارضة، وجلب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي قد تمثل آخر أمل للحكومة في البقاء والاستمرار، ولئن كانت الحكومة تعترف بأنها في أمس الحاجة إلى قوات لحفظ السلام، فإنها تنفي أن تكون وراء الهجمات التي تستهدف عمال المساعدات من أجل بلوغ هدفها، وفي هذا الإطار يقول ''عبدي جاما'' -السفير الصومالي المتجول-: ''من الواضــح أن من يقــوم بهذه الأعمــال، هــم من الإسلاميين المتشددين الذين يكرهون الغرب، إنها قوات الظلام، وليست قوات النور''· ومهما يكن المذنب، فإن الثابت هو أن التداعيات كبيرة وعظيمة، فالصومال تعاني فقرا وعوزا كبيرين، وفيها بعض من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، بيد أن عمل عمال المساعدات لم يكن في يوم من الأيام مهمة سهلة، بسبب المشكلات الأمنية، كما أن عمال المساعدات الغربيين تفادوا الصومال لسنوات، موثرين تفويض أعمال الإغاثة والتنمية إلى الموظفين المحليين· فحتى قبل التهديدات بالقتل والاغتيالات، كان مهنيو المساعدات الصوماليون يكافحون من أجل الوصول إلى الـ2,6 مليون شخص الذين يحتاجون للمساعدة، إلا أن هذا العدد قد يرتفع بسرعة إلى 3,5 مليون، أي نصف عدد السكان تقريبا، فسقوط المطر كان قليلا هذا العام، ومحصول الخريف يُتوقع أن يكون كارثيا، ونتيجة لذلك، يتوقع بعض مسؤولي الأمم المتحدة مجاعة كبرى في غضون أسابيع، حيث يقول ''سميردون'' من برنامج الغذاء العالمي: ''ستكون هناك وفيات، والسؤال فقط هو حجم ونطاق هذه المجاعة، وليس ما إن كانت ستحدث''· جيفري جيتلمان - كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©