السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طفل من ورق

23 ابريل 2018 01:42
كل هذه الحقائب التي جمعتها... كأنني لن أعود ثانية... لحظة الطيران راسخة في روحي... رحلت معتقداً أنني أبحث عن وطن... مضى عام.. سيارة بيضاء تنتظر يومياً أمام الباب... وشارع غارق من دموع المطر عبرت الخريف والشتاء والصيف والربيع... كتبت رسائل مؤجلة لم أرسلها لساعي البريد... من أجل لحظة مع حبيبتي كتبت سطوراً وقصائد.. تجاهلت حماقة الأشخاص... وضعت في غرفتي سجادة قديمة وسريراً من حديد ووردة في حوض تكبر كل يوم... لم أخف من الظلام وحيداً.. فالقمر يتسلّل من النافذة كل يوم... أصوات رخيمة أسمعها يومياً على هاتفي.. حياة كأي حياة... اكتسبت صيغة المفرد في الوحدة والحب والأصدقاء... الشبه الهائل فيما كنت وما أصبحت أنني كما أنا... لم أحقق ثراء... أو أصنع شيئاً جديداً ربما انحنت روحي ونظرتي... سقط قليل من الشعر.. تغيّرت الملامح قليلاً تمضي الليالي والأيام.. وأعثر على ظلي مرة واثنتين... جعلت لي نافذة للتذكر ونافذة للنسيان... تأخر الوقت كثيراً وأنا أنتظر.. مضى العمر.. مضى أوان الورد... حتى الفراغات التي أحدثتها في روحي عالجتها برقع صغيرة من الوهم ... أنا مؤمن أن الفصول الأربعة، ستظل دومًا أربعة، وبأن شمسًا واحدة، وبأن قمراً واحدًا، لكنني حين اغتربت عن وطني اكتشفت، أن كل الأمور تغيرت، فأضفت قمراً غريباً، وأضفت شمسًا ثانية، وأضفت فصلًا خامسًا، وهو فصل للغربة. ما أصعبه. هنا لا شيء يتغير تقريباً ... تبدل حالي من النقيض إلى النقيض ... أيام تمتص ما تبقى من رحيق الحياة ... داخل أسوار الغربة ، سرٌ وحيد، لنعرفه علينا أن نتعلم فنون الغربة المجنونة. داخل ذاكرتي ... الشوارع والطرقات القديمة .. أزقة المتاجر .. دموع المطر على أرصفة الطرقات ... ضحكات الأصدقاء ... أحفظ أسماءً وأرقاماً قديمة ما زالت في روحي... ما زال بداخلي طفل من ورق. عمرو أبوالعطا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©