الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحلة في مأكولات العيد وأطباقه الشعبية

رحلة في مأكولات العيد وأطباقه الشعبية
22 سبتمبر 2009 01:26
عندما تقترب أيام العيد من الوصول إلى ذروة الانبلاج مع الصباح، تكون الحياة في داخل البيوت قد بلغت أوج النشاط، وأنهت كافة الترتيبات الخاصة بالعيد، وبعد أن تنقضي صلاة العيد ويهم الجميع بالعودة نحو منازلهم لا ينسى المصلون السلام على بعضهم، ومن ثم توجيه الدعوة والتشديد على من تتم دعوتهم، حيث تنتظرهم فوالة العيد، التي لا تعتبر مجرد مائدة تضم كل ما تشتهي النفس التي كانت صائمة طوال شهر عن كل شيء، وإنما وسيلة للتقارب الاجتماعي والتواصل. مظاهر متغيرة فاطمة عيسى أحمد، من مدينة كلباء، تعتبر من السيدات الراعيات للتراث في الإمارات، وهي خبيرة بفن إعداد الأكلات الشعبية، تقول: «إنَّ الفوالة ليست المظهر الوحيد من مظاهر العيد التي لم تعد كما كانت، وإنما هناك مظاهر أخرى لحقها التغيير بفعل التطور والرفاهية اللذين سادا مجتمع الإمارات، حيث أدى ذلك إلى اتباع أنماط حديثة تواكب الحاضر المعاصر، ومن الأسباب أيضاً أنَّ الناس في الماضي لم يكونوا يملكون الكثير، لذلك كانت أكلاتهم الشعبية بسيطة للغاية، وربما لم تتعد في بعض البيوت قليلاً من منتجات الألبان مع التمر حتى خلال فترة العيد. ولكن ولأن الغالبية كانت تملك الخير، فإنَّ من لا يملك كان يستدين أحياناً ليدخل السرور على أهل بيته، فيأتي بما يمكن أن يصنع طبقاً من الحلوى مثل الخبيصة أو العصيدة، أيضاً لأنَّ الناس يبتعدون عادة في رمضان عن الأسماك، وهي متوافرة بشكل يومي خلال أيام الفطر، فإنَّ وجبة المالح تكون غداء العيد عادة». المالح سيد المائدة تضيف فاطمة: «كان الناس يعدون طبقاً من سمك المالح وأرز(مشخول) مسلوق، ويكون الجميع فرحين بذلك، ولكن الكثيرين كانوا يجدون أن ما تناولوه صباح العيد يعوضهم عن وجبة الغداء، وفي سنوات الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، بدأت أطباق أخرى تطل على الموائد، مثل معلبات الفواكة التي وردت من الخارج، وكانت مفضلة ومشتهاة لأنَّ الناس لم يكونوا يملكون كهرباء لاستيراد الفواكة وحفظها في برادات، ولذلك كانت المعلبة مفضلة لديهم، من أشهر تلك الأطباق الخوخ والكرز والأناناس». وتتابع محدثتنا رحلتها في عالم الأمس: «أيضاً دخلت الحلويات الهندية مع جاليتها، فأصبح الأهالي يرون الزلابية، ونوعاً حاراً من الحلو كان يسمى(جرم جريم- بتعطيش الجيم)، كما أتت معهم بعض المشروبات التي كانت تصنَّع محلياً من روح الورد، والأجمل من كل هذا في العيد أن يتشارك الجميع في تناول مأكولات العيد من خلال التزاور». تكافل غذائي مريم خلف سالم من رأس الخيمة، وهي عضو في مركز التنمية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، تقول: «أهل رأس الخيمة مشهورون بمنتجات الألبان بسبب كثرة المراعي، ولذلك فإن المأكولات التي تتوافر خلال أيام العيد لا بد أن يوجد إلى جانبها شيء من اللبن الحامض أو (الكامي)، وهو يشبه الجبن القريش الذي يباع اليوم ولكن بشكل أطيب مذاقا، وخصوصاً عندما يصب عليه شيء من الدهن المحلي، وكذلك لأنّ القمح كان من النباتات المحلية التي كانت تزرع في الجبال، كان الأهالي يعدون أطباقاً مختلفة، ومنها الجريش مع اللحم أو الهريس. كان البعض يصنع أطباقاً مثل المضروبة، ومن لا يملك ذبح رأسا من الماعز كان يشتري كمية من اللحم، أو كان يذبح ديكاً أو دجاجة، وغالباً ما كان يفكر بالأمر ثم يتراحع عنه، لأنَّ سرعان ما كانت البيوت تمتلئ باللحم الذي يتم توزيعه من قبل الموسرين». فتش عن الحلوى تضيف مريم: «من المهم أن لا ينسى رب الأسرة البحث عن محل بيع الحلوى العمانية، ومنها السوداء والشقراء والحمراء، فهي تعد من أطباق الحلوى الرئيسية، ودخل بعد ذلك البسكويت المستورد، ثم معلبات الفواكه، ولاحقاً صار هناك مخابز أدخلت الكيك والبتي فور، ثم البقلاوة والبسبوسة إلى المنازل، لكنَّ رغبة الأسرة الإماراتية في المحافظة على مأكولاتها الشعبية ظلت قائمة، خاصة إذا كانت خبزاً محلى وإلى جانبه طبق من العسل، أو خبز خمير بالدبس، فهو أثمن من تلك الحلويات». لا يفوت محدثتنا أن تلاحظ: «اليوم أضيفت إلى المائدة أطباق الحلويات العربية التي وردت للبلاد، كما تعلمت السيدات والفتيات صناعة الكثير من الأطباق التي تقدم إلى جانب الهريس أو الثريد، ومنها المحاشي، والمكرونة وغيرها، وتوضع الفوالة للنساء في كل منزل، وتتكون من الهريس والخبيص والخبر الرقاق المدهون بالسمن، وبجانبة طبق عميق من العسل». يسر الجماعة من جهته يتحدث ابن عمير الكتبي عن المأكولات في عيد الفطر في المناطق الصحراوية، قائلاً: «حتى من يعرف ببساطة حالته المادية كانت تتوافر لديه ذات المأكولات الشعبية التي كانت متوافرة لدى الآخرين، ومن المأكولات الشعبية التي كانت توضع صباح العيد طبق هائل من الثريد، حيث يقوم كل رب أسرة بذبح رأس من الماعز، وإلى جانبه كمية من المرق تمثل نصف الطبق، وإن لم تكن تتوافر الخضروات الموجودة اليوم، كان يتم وضع عدة حبات من الليمون المجفف، وشيء من البهار والبصل يكفي لصنع مرقة تعدل رائحتها الرأس، وطبعاً يصب المرق على خبز الرقاق ويوضع اللحم، بجانب ذلك يتم صنع العصيد كطبق حلوى أو بثيث، وعند الغداء يتم صنع باقي لحم الذبيحة، وما كان يجعلهم يطبخون ذبيحة كاملة هو إن المنازل لم تكن تخلو من وفود المهنئين حتى يأتي المساء». القهوة أيضاً يتوسع الكتبي في الشرح موضحاً: «تضع كثير من العائلات الخبز الرقاق كما هو، أو مدهون بالسمن، وبجانب ذلك طبق من الكامي والتمر والعسل، واليوم هناك الكيك والمعجنات والحلويات الكثيرة، ومنها الحلوى العمانية التي كانت ولا تزال من الأطباق الهامة في العيدين، ولا بد من توفر دلة القهوة، وهي هامة جداً في كل المناسبات، وقد كان الرجال يشدون الرحال لمسافات تطول لأيام من أجل شراء حبات البن من دبي أو الشارقة. روعة السر بدوره يعيش خميس سعيد المزروعي في منطقة جبلية تابعة لإمارة رأس الخيمة، ويروي من ذكريات أيام العيد في الأيام الخوالي «إنَّ أجمل العادات المتعلقة بالمأكولات، كانت تتمثل بفراش مصنوع من سعف النخل (الحصير)، كان يوضع بقرب المسجد، وبعد انقضاء صلاة العيد يقوم كل منزل بإرسال الطبق الرئيسي الذي قام أهله بإعداده إلى تلك المائدة الجماعية، التي سرعان ما تصبح عامرة بكل ما لذًّ وطاب». ويتابع مشيراً إلى النقطة الهامة في تلك العادة :«بذلك إن كان هناك من لا يملك صنع أو إرسال طبق من مأكولات العيد فإن البقية لا يعرفون، ومن لا يملك الكثير كان يأتي بطبق من التمر تعبيراً عن مشاركته للآخرين، ومن أشهى أطباق العيد الخبز المصنوع من نبات الدخن، وحبات القمح التي كانت تشترى من مزارعي الجبال حيت يتم صنع الهريس منها، كما يتم وضع العسل والسمن، والحلويات الشعبية مثل اللقيمات. جاء بعد ذلك أطباق البلاليط، وكان الناس يشترون الفواكه والحلوى العمانية من أسواق المدن، ثم يتم ذبح رأس أو رأسين من الأغنام، تكفي للتوزيع على كل من بالجوار، ولو بنصف أو ربع كيلو للبيت الواحد، ولكن مع مرور الوقت ازداد الخير وعم الجميع، ودخلت أطباق جديدة هي الآن في كل منزل تقريباً.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©