الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أي خادع لنفسه كنت أنت؟

25 مايو 2010 21:44
المشكلة عزيزي الدكتور: أنا شاب جامعي عمري 26 سنة، وأعمل في وظيفة جيدة، ومنذ حوالي سنتين تعرفت بفتاة في حفل زفاف ابنة الجيران، وأحببتها لأنها أحبتني ووقع حبها في قلبي، ولكي نضفي على علاقتنا نوعاً من الشرعية طلبت منها أن تخبر والدتها وأخاها الأكبر، لأن والدها متوفى، وبالفعل أخبرتهما ورحبا جداً، وقمت بزيارتهم وجلست معهم وأبلغتهم برغبتي في الزواج بها، ووعدتهم بأن أخطبها رسمياً عندما أنهي بعض الالتزامات الأسرية، وأن ابنتهم إن شاء الله ستكون من نصيبي، وبالفعل تم الاتفاق على الأساسيات. لكنني لم أخبر أحداً نهائياً من أهلي، وبقيت أنا والفتاة على علاقة وطيدة هاتفياً، وأحياناً أزورها في بيتها بعلم والدتها فقط دون أخيها، ونتيجة لكثرة ترددي عليها ولثقة والدتها بي وقعت بيني وبينها بعض التجاوزات غير الشرعية البسيطة لمرات عديدة، وبعد سنة ونصف السنة طلبت من أهلي أن أخطبها، لكنهم رفضوا قطعياً لأسباب منطقية ومقنعة ليس لها دخل فيها، وبالفعل اعتذرت لأم الفتاة وأخيها وصعقوا من المفاجأة وخاصة هي بسبب ما حدث بيننا، وحاولت أن أشرك أمها لإقناع أهلي حتى تتيقن أن سبب الرفض ليس مني، لكنهم تمسكوا بالرفض، ومن ثم فالفتاة مرت بحالة نفسية سيئة جداً لمدة طويلة إلى أن تمت خطبتها والحمد لله فتأقلمت مع الوضع الجديد. المشكلة تكمن في أنها لم تسامحني حتى الآن رغم أنه مرّ على خطبتها ستة أشهر. وتدعو عليّ ولا تطيق أن تسمع صوتي أو حتى اسمي.. ولا أعرف كيف أكفر عن ذنبي تجاه هذه الفتاة، أنا بالفعل لا أنام الليل بسبب إحساسي بظلم هذه الفتاة، لكن لا أعرف كيف أكفّر عن ذنبي وكيف تسامحني هذه الفتاة التي ما زلت أكنّ لها أعز تقدير واحترام. أمير س. النصيحة ما أقبح أن يخدع الإنسان نفسه.. فأي خادع لنفسه كنت أنت؟ عد إلى سطورك لتجد عجباً! أنك أحببتها لأنها أحبتك! وترى أنك أردت رضاء الله ودخلت بيت فتاتك من بابه رغم أنك استحللت ما فعلت! وفجأة صار للأهل وجود ومرجعية رغم أن قصتك قد أخذت من عمرك سنة ونصف السنة، استطعت خلالها أن تتحدث مع أمها وأخيها وأن تعطي عهوداً ووعوداً بمفردك، وتعيد كرة خداعك لنفسك المرة تلو الأخرى فتجددها -حتى إن كان من دون وعي منك- بمسكنات أحدها أنها الحمد لله تأقلمت مع خطيبها، والآخر بأنك ظلمت كما ظلمت هي!. الحق أنك قد أعدت حساباتك من جديد في شأن ارتباطك بها حتى وإن لم تعترف بذلك لنفسك التي بين جنبيك ووجدت رفض أهلك لزواجك بها أمراً «مقبولاً» تقدمه لنفسك أمام أهلها، بل وأرحت ضميرك حين أشركت والدتها في معركة التفاوض لإتمام الزواج إلا أنها هزمت أمام قوة الأسباب «المنطقية»!. أعرف أن الرجل حين يقرر بحق أن يفوز بمن اختارها لنفسه زوجة وأما لأبنائه -خاصة وقد عرفها عن قرب- فإنه يتقمص شجاعة عنترة ورومانسية جميل بثنية وتهور روميو، حتى إن كان في القرن الواحد والعشرين! ما أجمل أن يواجه الإنسان نفسه ويقف أمام المرآة يعلوه نور كاشف ليرى ما قدم ويقيّمه ويعترف بزلاته وخطئه في حق الله وحق نفسه وحق الآخرين، لا من أجل أن يظل يبكي أو يجلد ذاته وإنما من أجل «نقطة نظام» يستفيد منها للحاضر والمستقبل. ومن الرجولة الاعتراف بالخطأ أمام نفسك قبل الآخرين. واعلم أنه يمكن أن تجرحنا سكين أو تغدر بنا حيّة، لكن جرح المشاعر أنكى والغدر بالنفس أشد ألماً. ياأخي، رغم أن فتاتك قد أخطأت وتخطت الخطوط الحمراء، فإنك أخطأت مثلها تماماً، وإن الله الحق هو الوحيد الذي يغفر ويسامح، وهو الغفور الرحيم يفتح صفحة بيضاء من جديد مع عبده، مادام قد اعترف وتاب وندم وأخذ على نفسه عهداً بألا يعود.. ترى هل أجبتك على سؤالك كيف تكفر عن ذنبك؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©