الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السيناريوهات «المستحيلة» لانهيار شبكة الإنترنت العالمية

السيناريوهات «المستحيلة» لانهيار شبكة الإنترنت العالمية
20 سبتمبر 2009 23:54
هل يمكن تصور العالم دون إنترنت ولو لأيام معدودات أو ليوم واحد أو حتى لعدة ساعات؟ وما هي عواقب كارثة طبيعية أو عبث العابثين المتعمد وآثارها على شبكة الإنترنت العالمية؟ هذه الأسئلة تثار اليوم مع تزايد أهمية الإنترنت في الاقتصاد العالمي. فاليوم، يعتمد كثير من الأفراد والعديد من الشركات والمؤسسات وجميع الحكومات والدول إلى حد كبير على استخدام شبكة الإنترنت، وهي ظاهرة لم يمر عليها سوى عدد قليل من العقود. فالكبار والصغار في المكاتب والمنازل والبنوك والمدارس يستخدمون الإنترنت سواء في الإمداد والتموين والبيع والشراء وحجز التذاكر وطلب البضائع والبريد والتراسل والتسلية ودفع الفواتير والمضاربة في البورصة وغيرها الكثير. ورغم أن سقوط الشبكة تماماً أو انهيارها شيء يكاد يكون مستحيلاً إلا أن الخبراء يقولون إن لا ينبغي مطلقاً استبعاد شيء مطلقاً، خصوصاً فيما يتعلق بالمسائل التكنولوجية، حيث إن شبكة الإنترنت تتميز بالمرونة وبالتراكب المعقد، فإن احتمال انهيار الشبكة قليل للغاية. نموذج سباعي الطبقات وتتشكل شبكة الإنترنت ما يعرف بنموذج سباعي الطبقات من ترابط النظم المفتوحة OSI وتتألف الطبقة السفلى من هذا النموذج من الأسلاك والكابلات التي تربط أجهزة الكمبيوتر بعضها مع البعض في شبكة معقدة يصعب تعطيلها برمتها. فعلى سبيل المثال، أدى إتلاف كابل إنترنت مغمور تحت سطح مياه البحر بفعل مرساة إحدى السفن العام الماضي إلى تعطل جزئي للشبكة إلى ومن الهند وباكستان وسريلانكا والشرق الأوسط، ولكنها لم تتوقف أبداً. فقد تم ببساطة إعادة توجيه الرسائل عبر أجزاء أخرى من الشبكة واستغرق الأمر عدة أسابيع لإصلاح الكابل التالف. في أعلى هيكل «OSI» توجد مجموعة خوادم «Servers» هي DNS المؤلفة من 13 كمبيوتر ضخماً مزوداً بأجهزة حفظ احتياطي back up مركبة جميعها بإحكام في مواقع محصنة في الولايات المتحدة. ومنظومة أسماء المجال تعتبر بمثابة دليل هواتف شبكة الإنترنت المسؤولة عن متابعة نمو الشبكة وعن تحويل عناوين الإنترنت المعتادة الاستخدام إلى رموز رقمية في وسع أجهزة الكمبيوتر فهمها. هذه الكمبيوترات الضخمة تمثل الحلقة الأضعف، وقد يكون من الممكن تعطيل هذه الأجهزة الثلاثة عشر جميعاً جراء نشاط إرهابي أو كارثة طبيعية ومع ذلك يظل ذلك أمراً مستبعد الحدوث. وكادت شبكة الإنترنت العمومية تصاب بعطل كارثي في يناير 2001 حين تسببت هجمات «رفض خدمة» DOS على نطاق واسع (وهي الهجمات المنطوية عادة على قصف الخادم المستهدف باستفسارات معلومات زائفة بغرض إبطائه أو إيقافه) في تعطيل 10 خوادم من الثلاثة عشر خادماً المذكورة. ومع ذلك استمرت الشبكة ذاتها في العمل، وذلك بسبب أن الخوادم المخفية (وهي عبارة عن أجهزة كمبيوتر موجودة عادة عند مقدمي خدمة الإنترنت ISPS أو عند الشركات الكبرى والتي تشغل مجموعة فرعية من وظائف منظومة أسماء المجال) لم تتأثر، علماً بأنه في وسع الخوادم المخفية أن تعمل ذاتياً لفترة ما. ولكن كان لابد في نهاية المطاف الرجوع إلى خوادم منظومة أسماء المجال الرئيسية بغرض تحديث بيانات النظام وهو ما يتسبب على كل حال في تعطيل الخدمة. هجمات 2001 ونتيجة لهجمات 2001 تم نشر تقنية موازنة الأحمال والتي توجه المرور إلى أقرب خادم متاح. وقد ثبت نجاح ذلك في التصدي لهجمة (رفض خدمة) ثانية عام 2007، حيث استهدفت الهجمة ستة خوادم من الثلاثة عشر خادماً ولكن لم تتعطل سوى ثلاثة خوادم فقط بفضل تقنية موازنة الأحمال المذكورة. وهناك إجماع في الآراء على أنه من غير المرجح أن يستطيع أي شخص تعطيل شبكة الإنترنت برمتها غير أن هناك نقاط ضعف قد يستغلها ضعاف النفوس أو «الأشرار» عمداً في كل طبقة من طبقات نموذج ترابط النظم المفتوحة السبع. وبالطبع لا يعلم أحد شيئاً عن نقاط الضعف تلك. وفي ذلك الشأن نجد أن الشركات عرضة دائماً لتهديدات المخربين والعابثين. ففي الشهر الماضي تعرضت خدمة مدونات «تويتر» وموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك لهجمات «رفض الخدمة» DOS التي عطلتهما لفترة ساعة أو أكثر. بل إن الدول قد تتعرض لمخاطر حروب الشبكة. فمنذ عامين تعرضت أجهزة الكمبيوتر في استونيا (وهي دولة تعتمد كثيراً على الإنترنت في المراسلات الحكومية) لهجمة رفض خدمة شديدة كادت تخنق الدولة. حيث كان من ضمن الجهات المستهدفة وزارة الدفاع ووزارة الخارجية وأهم الصحف والبنوك واستمرت الهجمات أسبوعين. وشك البعض في أن وراء الهجمات مصالح روسية رداً على إزالة نصب تذكاري حربي سوفييتي من مدين تالين، غير أنه لم يثبت ذلك ولم يعلن أحد عن مسؤوليته عن الهجمات. فإذا حدث أن شلت دولة بكاملها جراء عطل الإنترنت فالعواقب ستكون أشد نسبياً على الشركات والأنشطة، حيث أشار استبيان أجرى مؤخراً إلى أن ثلاثة أرباع الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة لن تتحمل انقطاع الإنترنت أكثر من 24 ساعة. وأشار الاستبيان إلى أن 4 من كل 10 شركات تستخدم الشبكة في الإسناد ومواجهة الكوارث. ومن المرجح أن ينطبق ذلك على معظم الدول المتقدمة إن لم يكن جميعها. عواقب سقوط الشبكة ومع ذلك تظل الصورة العامة معقدة إلى درجة لا يمكن التكهن بعواقب سقوط الشبكة أو انهيارها. وسيتوقف الأمر على تصرف الأفراد والجماعات، فإن كانت التصرفات متعلقة ورشيدة فإن استعادة الوضع إلى ما هو عليه ستكون أسهل مما لو انتشر الذعر والهلع. ويشير بعض مسؤولي الأمن في بريطانيا إلى أن حرمان الناس «نظرياً» من 4 وجبات سيؤدي إلى فوضى وقلق مدني، غير أنه وفقاً لبحث نشر الشهر الماضي في مقدور خمسين في المئة من المستهلكين الامتناع عن الأكل في المطاعم وعن تجديد منازلهم وعن السفر والتنزه في العطلات الرسمية ولكن ليس في استطاعتهم الاستغناء عن نظم الاتصالات والإنترنت، ما الذي ينبغي على الشــركات فعله لحماية نفسها من احتمال انهيار الشبكة؟ لعل أهم شيء ينبغي على الشركات عمله لحماية نفسها هو مراجعة إجراءات أعمالها بغرض حديد نقاط الاعتماد على شبكة الإنترنت على سبيل المثال ستستخدم كبرى البنوك والبورصات على الأرجح خطوطاً خاصة بدلاً من استخدام شبكة الإنترنت العمومية ولن تتأثر مباشرة بالعطل. ولكن لن يتسنى ذلك للمؤسسات المالية الأصغر وقد تُشمل شركات التصنيع الكبرى المعتمدة على التوريد الموقوت إذا لحقت بمورديها المشكلات الناجمة عن انقطاع شبكة الإنترنت. ويشير خبراء الأمن إلى أنه رغم مرونة شبكة الإنترنت البالغة إلا أنها عرضة لانقطاع شريان حياتها وهي الكهرباء وسيكون أثر انقطاع الكهرباء إقليمياً وليس عالمياً ولكنه يظل بالغ العرقلة. وبالتأكيد لن يكون انقطاع الإنترنت في هذه الحالة هو المشكلة الأولى. فبدون الكهرباء سرعان ما تنقطع المياه عن المدن والبلدان، وما يستتبع ذلك من هرج ومرج، وهناك حل لهذه المعضلة هو مصادر الطاقة المستمرة التي تظل تمد الكهرباء في حال عطل شبكة الكهرباء العمومية، غير أن تلك المصادر لن تجدي في حال «انطلاق كتلة تاجية» وهي عبارة عن كرة من غاز بالغة السخونة تقذف من سطح الشمس العلوي أثناء الزوابع الشمسية الشديدة. فإن حدث أن وصلت كتل الغاز إلى جو الكرة الأرضية فستحدث تغيرات كهرومغناطيسية من شأنها أن تصهر أسلاك المحولات الكهربائية مما يطمس شبكات الكهرباء في كافة أنحاء المعمورة. عن فايننشال تايمز
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©