الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

النظرة التي يعقبها الاحتراق بالعشق

النظرة التي يعقبها الاحتراق بالعشق
7 يوليو 2016 21:45
فاطمة عطفة (أبوظبي) أجمل ما في المحبة، أن تظل حلماً بعيد المنال في قلوب المحبين، عشقاً صوفياً يحلم بالوصال، لكنه لا يصل إلا إلى مزيد من الوجد واللوعة. وتصنيف الحب يحتاج إلى قاموس من المعرفة والبحث في علم النفس والروايات والقصائد والقصص والأساطير، وجميع أنواع الفنون من تشكيل وموسيقى وغناء، ويبقى الأساس الجوهري للحب في تبادل المشاعر وترسيخ التواصل العاطفي بين الناس، وتنامي العلاقات الإنسانية وتعميقها، لكن الحب في رواية عبد الرحمن منيف «قصة حب مجوسية»، لها دلالات روحانية تتجاوز حدود الأماني والرغبات لترقى إلى مستوى أقرب ما يكون من أفكار الصوفية ومشاعرهم. في لحظة استثنائية هاربة من رقابة الزمن، تبدأ قصة حب لا شبيه لها بين كل ما كتب من قصص وأساطير عن الحب. لذلك، قرنها الكاتب بوصف «المجوسية»، تلك النار التي يرفعها أتباعها إلى مستوى القداسة في عصر الأساطير. فالحب هنا هو السر الخفي الذي يحمل ذلك اللهب، والحبيبة أصبحت مزروعة في كل مكان وزمان من حياة عاشقها. يقول بطلها: «لم أرتب شيئاً. وقع الأمر دون أن أدري. وقع فجأة وأصبح شلالاً من الحمّى والحصار...»، ثم يتساءل: «هل أحنت رأسها بتحية صغيرة؟ هل رأيت ذلك أو توهمته؟ إن شيئاً ما وقع. وجدت نفسي أتكوم فوق الكرسي، أريد أن أغوص فيه». (ص 40) وحين عرف اسم الحبيبة من خلال لعبة الزهر، وزوجها يناديها «ليليان» توسعت أحلام العاشق، عصفت به النشوة من روعة الاكتشاف، وكأنه أدرك سر الوجود، وراح يناجي الطبيعة قائلاً: «عرفت إذن اسمها. وأنا أصعد باتجاه شجرة الصنوبر. بدأت أردد اسمها... تركت حروفه تنساب في أذني ودمي... كان يصعد من صوت الريح، من صوت الطيور الصغيرة (سمعت جندباً صغيراً يردده) سمعته أقرب إلى الوضوح عند الجدول... « (ص 43) القصة تثير من الأسئلة أكثر مما تجيب. وقراءتها بسرعة أو للتسلية لا فائدة منها، ويمكن أن تؤدي إلى انطباع سلبي، وربما شعر القارئ بشيء من النفور والاستنكار أن يحب رجل امرأة متزوجة. لكن القراءة المتأنية، وتلمس ما بين السطور والغوص إلى ما وراء الكلمات، في مواكبة هذه الرحلة الساحرة، نعرف أنها قصة تبشر بميلاد كون جديد.. ربما لم يحن موعده بعد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©