الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إبراهيم محمد: الشعر نافذتي على الكون وحدودي العاطفية لا تقف عند الجغرافيا

إبراهيم محمد: الشعر نافذتي على الكون وحدودي العاطفية لا تقف عند الجغرافيا
25 مايو 2010 21:13
منذ طفولته أخذت محاولاته تتكرر وتتنوع رغبة في كتابة الشعر النبطي، إلى أن ظهرت باكورة هذه الأعمال، وتم نشرها في الصحف المحلية، ومع انخراطه في عالم الشعر ومداومته على مطالعة دواوين كبار الشعراء العرب الأقدمين والمحدثين على حدٍ سواء، أخذت موهبة الشاعر الإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم بن عمير وقدراته الشعرية تتطور، حتى أتقن الشعر الفصيح واستطاع نظم القصيدة العربية العمودية وقصيدة التفعيلة، وبدأ يشارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية في الإمارات وغيرها من دول العالم. فقد حازت أشعاره إعجاب الجمهور والنقاد، وساعده معجمه اللغوي على اختيار مفرداتهِ العالية كان في شعره منشغلاً دوماً بقضايا وطنهِ وأمتهِ، وهو ما جعله يحقق مكانة متميزة في سماء الشعر العربي توجت أخيراً بتكريمه من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، يقول عن فوزه بجائزة الإمارات التقديرية في مجال الشعر، إنَّه التكريم الأرقى والأكثر سمواً في مسيرته الشعرية الحافلة. عن هذا التكريم يقول بن عمير: إن أجمل ما في هذه الجائزة هو ارتباطها باسم الإمارات، الوطن الذي ربيت فيه صغيرا وحرضني على اقتراف كل ما هو جميل ومختلف، وعلمني أن حدودي العاطفية والشعرية لا تقف عند حدودي الجغرافية بل تتعداها إلى وطني الأكبر وأمتي العظيمة التي لا يحد عظمتها في قلبي حدٌّ. كما أن أجمل طريقة يمكن أن تقدم بها جائزة في الإمارات هي الطريقة التي قدمت بها هذه الجائزة، كونها جاءت من خلال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، هذا الرجل الأب صاحب الوجه البشوش والقلب النابض بمحبة الناس، إن سعادتي بهذا الموقف لا تشبهها سعادة. وقد أضافت الجائزة الكثير لي على المستوى الشخصي والمجتمعي، وجعلتني أشعر أن تعبي لم يذهب هباء. بوصلة الشعر عن خطواته القادمة في عالم الشعر، يقول بن عمير: «أنا لا أضع هذه الجائزة، مهما كان وقعها المعنوي على نفسي رائعا وكبيرا، لا أضعها نقطة تحول كأن أقول مثلاً: مرحلة ما قبل الجائزة ومرحلة ما بعد الجائزة، فقد كنت أكتب الشعر قبل الجائزة ولم أتوقف عن كتابته يوماً، وسأبقى أكتبه ما حييت. ولم أكتب الشعر في حياتي من أجل مال أو جاه أو سلطة أو منصب اجتماعي، فالشعر، كما أقول دائما، هو نافذتي على الكون، وهو الهواء الأنقى الذي أتنفسه وأحيا به، وهو بوصلتي التي ما خانتني يوما وصديقي الذي لم يتخلّ عني لحظة. أما إن كان ثمة تأثير للجائزة ولهذا التكريم الذي أعتز به، وهو كبير بلا شك، فإنه سيجعلني أكثر حرصا وأمانة وحذرا في تعاملي مع الكلمة التي كنت أعطيها الكثير من الاهتمام والرعاية والمداراة، أجل لن تكون المهمة سهلة فلسوف تزداد جرعة الحذر لدي في التعامل مع الجمال، وأنا الحذر أصلا. تحقق الأمل بخصوص النهضة الثقافية في أبوظبي، ومدى مواكبتها للنهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في كافة المجالات، ذكر ابن عمير أن ما تقوم به أبوظبي وترعاه من مشاريع وبرامج ثقافية على صعد متعددة، لهو بداية تحقق الأمل الذي كان يراودنا نحن الشباب في إيجاد مؤسسات ثقافية ترعى الشأن الثقافي وتساند المبدع والكاتب في الإمارات. ولا ننسى في هذا الصدد ما تقوم به دبي والشارقة وعجمان وباقي الإمارات، فكل هذا الحراك والفعل الثقافي إنما يصب في بوتقة واحدة هي الوعي والإدراك لأهمية هذا الجانب في حياة الأمم. وأنا مستبشر خيراً في القادم من الأيام، فهذا التنافس الإيجابي في الإمارات على الصعيد الثقافي سوف يؤسس لظاهرة ثقافية متميزة على مستوى الوطن العربي، شريطة أن يأخذ المسؤولون بعين الاعتبار ضرورة التكامل الثقافي والبعد عن التكرار، وذلك لا يتأتى إلا بالتنسيق الجماعي في إدارة وتنفيذ المشاريع والبرامج الثقافية على مستوى الدولة. وأتمنى أن يصل المنجز الثقافي في الإمارات إلى مستوى المنجز الاقتصادي والعمراني ويتعداه لأن معيار تقدم الدول الأول هو ثقافة أبناء هذه الدول. بداية مبكرة عن بدايته مع عالم القصيد، يوضح محدثنا أنه ارتبط بالشعر منذ طفولته المبكرة، حيث كان يحفظه ويردده ويلقيه بصوته ويسجله في أشرطة كاسيت، ويعود للاستماع إليه بين الحين والآخر ليعيد تسجيله بطريقة أفضل، وكان يغنيه أحيانا عن طريق تركيب القصيدة على لحن أغنية قديمة لفيروز وغيرها من المطربين العرب. ويتابع: ثم بدأت كتابة الشعر الشعبي أو النبطي وأنا في الصف السادس الابتدائي، ونشرته في صفحات الشعر الشعبي في بعض الصحف المحلية في مراحل لاحقة كالبيان والوحدة. في المرحلة الثانوية بدأت تجربتي في كتابة الشعر الفصيح مقرونة باقتناء الدواوين الشعرية لأبرز شعراء العربية منذ العصر الجاهلي حتى العصر الحديث، كما ازداد إحساسي بالحاجة إلى تكوين مكتبة صغيرة تحتوي على بعض كتب اللغة والقواميس والنحو، فكانت بمثابة المقوم لكل ما أكتب من شعر. وبالنسبة لأهم المحطات في مسيرة ابن عمير الشعرية حددها فيما يلي، كانت البداية مع الشعر الشعبي ثم الفصيح العمودي، وأخيرا شعر التفعيلة الذي ما أزال ملتزما به حتى الآن، ولا أدري إن كنت سوف أغامر في الآتي من الأيام باقتراف قصيدة النثر. مستفزات داخلية وخارجية بالحديث عن الأشياء التي تستفز ابن عمير وتجعله يكتب الشعر، هل هي التجربة الشخصية أم القضايا والهموم المجتمعية، يجيب قائلاً: لن أبالغ إن قلت لك كل شيء، أجل كل شيء في الحياة جمادا كان أو نباتا أو حيوانا أو إنسانا، الكون كله محرض على كتابة الشعر، إلا أن الأمر في ذات الوقت ليس بهذه السهولة، حيث إن كتابة الشعر (عملية الكتابة) مرتبطة ارتباطا مباشرا بالحالة التي يعيشها الشاعر أثناء الكتابة، وهذه الحالة هي التي توجهه نحو موضوع أو قضية ما، فليست رؤية الطفل الباكي مثلا تحرض دائماً على كتابة قصيدة حزينة أو عن الطفولة البائسة أو الألم أو الحرمان، وهكذا بالنسبة إلى جميع المستفزات الخارجية الأخرى، وتوجد أيضاً مستفزات داخلية ذهنية ونفسية تستدعيها الأفراح والأحزان وما بينهما من اختلاجات وأحاسيس مدركة السبب وغير مدركة السبب، بالإضافة إلى عمل الذاكرة العجيب الذي يجول بك عبر السنين لتزور محطات ومواقف لم تحسب لها حسابا. كل ذلك يحرض على كتابة الشعر. ومهما تعدد المحرضات والمستفزات الخارجية منها والداخلية لا تكون ذات فعل حقيقي إلا إذا توفرت النفس الشاعرة الشفافة القادرة على تحويل الأشياء من طبيعتها إلى طبيعة أخرى لا يمكن الربط بينهما ربطا منطقيا في بعض الأحيان. ليست التجربة الشخصية والهموم المجتمعية إلا جزء من تلك المستفزات التي تنتهي في نهاية المطاف إلى النفس الشاعرة التي تعيد صياغة تلك التجارب أو الهموم وفق أشياء أخرى تشير إليها ولا تفسرها أو تصفها. آمال وآلام المجتمع وحول سؤال عن القيمة التي تمثلها جائزة الإمارات التقديرية في الشعر لتكون محفزاً للشعراء على التجويد في أعمالهم، ودافعاً لهم لمزيد من العطاء في عالم الشعر؟ يقول ابن عمير: الجوائز من وجهة نظري هي أداة تحرض الصانع على تجويد صناعته، أما الشاعر المطبوع فلا يحتاج إلى جوائز تغريه لتجويد شعره لأنه حريص على تجويده بالفطرة، وحين ينال جائزة فهي عبارة عن اعتراف ضمني بجودة ما يكتب. وعن الدور الذي يقوم الشعراء وأهل الفكر في التعبير عن هموم وقضايا وآمال وآلام مجتمعاتهم، يؤكد أن هؤلاء شريحة من أفراد المجتمع، وهي بالضرورة أكثر وعيا ومتابعة وتحليلا لمجريات الأمور وشؤون المجتمعات التي ينتمون إليها، وهم من تقع على عاتقهم مسؤولية إيصال الرسائل المختلفة بطرق مختلفة كل حسب مجال اهتمامه إلى أفراد المجتمع، إلا أن الأمر بالنسبة إلى الشاعر مختلف بعض الشيء، فبينما يقدم المفكر للناس التحليلات والمعلومات والأفكار، يقدم الشاعر رؤاه ويدفع بقلبه وأحاسيسه لقراءة واستشعار المستقبل، مصوراً ما لا يُرى ومجسداً ما لا يتجسد. وبينما هدف المفكر عقل المتلقي فإن هدف الشاعر قلبه. مشاركات عديدة رداً على سؤال حول سعيه إلى تحقيق انتشار في ساحة الشعر في العالم العربي، وإلى أي مدى نجح في هذا المنحى، يقول: أنا لا أسعى إلى ذلك لأنني متواجد فيه فعلا، فمشاركاتي كثيرة في معظم الدول العربية فقد كانت لي مشاركات في أمسيات ومهرجانات شعرية في كل دول الخليج ما عدا السعودية، وفي المغرب والجزائر ومصر وسوريا ولبنان والأردن. أما على صعيد النشر فإنني أخطط في المرحلة القادمة لإعادة طباعة 10 دواوين في دول عربية موزعة بين بلاد الشام ومصر والمغرب العربي، وهي الدواوين التي قمت بطباعتها في الإمارات. وحول علاقة الإعلام بأهل الشعر والأدب، وهل يعطي الشعراء والأدباء حقهم أم أن هناك حاجة لمزيد من التسليط الإعلامي على إبداعاتهم ونتاجهم الفكري والأدبي، يشير إلى أن وسائل الإعلام لا تقوم إلا بالحد الأدنى من دورها في دعم الأدب والشعر، وهو دور يكتفي بملامسة سطوح الظواهر والمنجزات الأدبية كما نرى في تغطيات الأمسيات والندوات في هذا المجال، أما الحوارات فأسئلتها مكررة إلى حد السأم دونما محاولة للغوص في أبعاد وتفصيلات العمل الشعري والتجربة الإبداعية. قصائدي أبنائي عن أفضل الأوقات التي تكتب فيها الشعر، يلفت محدثنا إلى أن الشعر كالتنفس ليس له وقت، وأنا أتنفس في كل الأوقات إلا وقت النوم طبعا حيث إن الأحلام الليلية قصائد في حد ذاتها. وحول القول بأن الطبيعة لا زالت مصدراً لإلهام الشعراء كما كان في الماضي.. أم أن الحياة العصرية تركت آثارها على عالم الشعر، أوضح أن الطبيعة مسرح كتابة الشعر وليس موضوعه في هذا الزمن، ولكن في العصور القديمة كانت الطبيعة موضوعا للقصيدة. وفي هذا السياق عبر عن علاقته بالصحراء واصفاً إياها بأنها مسرحه الحقيقي الذي يجيد فيه تمثيل كل الأدوار، وساحة للصفو والسلام والحرب والحب والصبر والبصر والبصيرة والتأمل والشعر والحياة والموت. وعن أهم القصائد لديه يقول: كل قصائدي مهمة وغالية على قلبي، وهي كأبنائي لا أفضل أحدا منهم على أحد، رغم أنهم يتمايزون في الصفات والأشكال، ولكل منهم نكهته الخاصة. وبالنسبة للمواقف أو المرجعيات أو الناس الذين أثروا في تكوينه، بيّن أن كل من مر بهم في الحياة أو مروا به تأثر بهم بشكل أو بآخر، أما عن التغييرات المفصلية والانعطافات الحادة فلا يوجد شخص أو حدث ترك مثل هذا الأثر لديه. الإرادة سر النجاح عن علاقته بالأصدقاء والناس، يؤكد ابن عمير أنه يحبهم جميعا على اختلاف مشاربهم وألوانهم ولغاتهم (إلا من أبى). أما أفضل الأماكن لديه، فهي الصحارى، ضفاف الأنهار، المقاهي. وبالنسبة للمدن التي زارها وأثرت فيه، لفت إلى أن كل المدن التي زارها في الشرق والغرب أثرت فيّه بشكل أو بآخر، أما القرى والأرياف فهي التي يجد بها نفسه ويستشعر راحة كبيرة لوجوده بها. وحول سؤال عن المواقف التي يكون صارما وكيف يحدد علاقته بالآخرين؟يرد: أنا ممن يحسنون الظن بالآخرين إلى درجة الدفاع عنهم، فإذا ما اكتشفت سوءهم كففت عن الدفاع عنهم وعن التحدث عنهم أو إليهم دونما أذى. وعن الأشياء التي لا يمكن أن يتنازل عنها، فقد حددها في: الشعر، الحب، الصدق، مساعدة الناس، نقاء السريرة، نقد الذات. وحول هواياته وكيف يقضي يومه قال إنه يبدأ في الصباح بالعمل مرورا بالأسرة والأصدقاء، وينتهي ليلا بالتأمل والكتابة والقراءة. وفي ما يتعلق بالكيفية التي يمكن للإنسان أن ينجح بها في حياته، ونصائحه للشعراء الشباب، أكد أن من ينجح هو من أراد ذلك فقط، فالإرادة هي سر النجاح وكل العوامل الأخرى تابعة لهذا العامل. ونصيحتي للشعراء الشباب هي: اقرأوا كثيرا واكتبوا أقل مما تقرأون وانشروا أقل مما تكتبون. وبالنسبة لأكثر شيء يدخل الفرح على الشاعر ابن عمير، والشيء الذي يسبب له الحزن، قال، إنه يفرح عندما يتوغل في الحزن ويصل إلى حده الأخير الذي ليس بعده سوى الفرح. ويحزن عندما يتوغل في الفرح إلى حده الأخير الذي ليس بعده سوى الحزن. وعن المال في حياته، وصفه بأنه قاربٌ ينجو به العاقلُ، وبحرٌ يغرقُ فيه الجاهلْ. وفي ما يتعلق بالذي منحته له الحياة، والذي أخذته منه، قال إنها منحته نفسها دون مقابل.. لتأخذه دون مقابل. الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم في سطور ولد الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم بن عمير في دبي عام 1961م وأنهى دراسته الثانوية، بها ثم حَصَلَ على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة بيروت العربية. بدأ قرض الشعر مبكراً، وبدأ نشر قصائده في الصحف والمجلات منذ عام 1980م ويعدّ من الشعراء الشباب الذين اختزلوا الزمن فاستطاع بفضل تمكّنهِ من أدواتهِ وسعة أفقهِ أن يثبّت قدمهُ على خارطة الشعراء العرب. وعَمِلَ الشاعر إبراهيم محمد بمؤسسات مختلفة، وعَمِلَ متطوعاً في عدد من المؤسسات الثقافية مثل: رئاسة اللجنة الثقافية باتّحاد كتّاب وأدباء الإمارات لدورتين متتاليتين، رئاسة اللجنة الثقافية بنادي الشباب الرياضي بدبي، ورئاسة اللجنة الثقافية واللجنة الأدبية بالنادي الثقافي العربي، عضو باتّحاد كتّاب وأدباء الإمارات واتّحاد الأدباء العرب، وشارك في تحكيم عدد من المسابقات في الجوائز الأدبية. كما شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية بالإمارات وغيرها من دول العالم. وقد حاز إعجاب المستمعين في نظمه القصيدة العربية العمودية وقصيدة التفعيلة وبرز في اللونين. ساعدهُ معجمهُ اللغوي على اختيار مفرداتهِ العالية، وهو مشغول بقضايا وطنهِ وأمتهِ. يمنح من فكر فلسفي واعٍ، وينزع أحياناً إلى المذهب الصوفي. أنشأ موقعاً أدبياً إلكترونياً لرصد الحركة الأدبية باسم «أوتـاد» وهو من المواقع الإلكترونية الرائدة. أصدر مجموعة من الدواوين الشعرية: صحوة الورق، فساد الملح، هذا من أنباء الطير، الطريق إلى رأس التل، عند باب المدينة. لذلك استحـقّ تكريمهُ بجائزة الإمارات التقديرية فرع الآداب محور «الشعر» بالدورة الرابعة للجائزة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©