الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النصب البديل!

24 مايو 2010 20:21
كنت قاب قوسين أو أدنى من أن أرتدي الكيمونو الياباني، والأكل بـ”الهاشي” أو الـ HASHI عوضاً عن الملعقة، والترفع عن لعق أصابع يدي كعادة طفولية بعد وجبة لذيذة ساخنة! حينما أخضعت نفسي بنفسي إلى نظام غذائي جائر، يُسمى بـ”الماكروبيوتيك”، أو نظام الحياة الشامل، على حد قول مكتشفه الياباني “جورج أوشاوا”، وأعتقد، وبعد تجربتي، وخبرتي المتواضعة بهذا النظام، أنه نظام للدمار النفسي الشامل، قد تأسس على ثقافة الفكر النازي! تزامنت تجربتي مع “هبّة” العالم بالطب البديل، ومع كثرة القنوات والبرامج التي روّجت له، فطلعوا علينا من قماقمهم اختصاصيو الطب الجديد، والكثيرون من المدعين والدخلاء أيضاً، فانصرف البعض منّا وراءهم بلا دراية، ظناً بأنهم يملكون العلاج السحري للكثير من الأمراض المستعصية، ومما يعانون، وسُيغنيهم عن الطبابة التقليدية في كل الأحوال! بترشيح من إحدى الصديقات الإعلاميات، بعد استضافته في برنامجها، تواصلت مع أحد اختصاصي”النصب البديل”، فعرضت عليه حالتي، وشاركتني صديقتي التجربة، إذ كانت تشتكي من عارض أرق مزمن، يمنعها من النوم، وامتثالاً لأوامره، امتنعنا عن تناول أي عقاقير طبية وخلافه، وهرولنا لشراء كتبه من المكتبة، وتأمين كافة التموين “الأورجانك” كل ثلاثة أسابيع، الذي طلع علينا أغلى من بيع السوق وزيادة! فكان مقتصراً على الأرز الأسمر الكامل غير المقشر، وأنواع محددة من الخضار، وشوربة الميزو، وشاي الكوكيشا فقط، مع تركيب جهاز خاص لشرب الماء “المُؤين”، أو “آيونايزر ووتر”، وهذا كله من “دكان” الدكتور! بعد مرور سنة على اتباعنا ذلك النظام، حالتانا لم تتحسن أنا وصديقتي، غير أننا فقدنا بضع كليو جرامات من أوزاننا بلا داع! فقرر الطبيب أن يخضعنا لجلسات تنويم مغناطيسي عبر الهاتف، ولرغبته أكثر في استحواذنا، أراد أن يستعرض بعضاً من نظرياته و”خوارقه” الفريدة علينا. فهاتف صديقتي وقال لها:”الآن أنتِ ستنامين، أغمضي عينيك، وحاولي الاسترخاء، وبعد دقيقتين فاجأها بقوله: “الآن فكريّ فيني يا (....)!، فردت بغضب: شووووو؟!، تخسْى وتعْقب، وأغلقت الهاتف”، وأخفت عني الحادثة! وبتناص لفيلم رواية إحسان عبد القدوس “الرصاصة لا تزال في جيبي”، ولإن الإنسان عدو ما يجهل، قمت بوضع قطعة مغناطيس في جيبي، كإجراء احترازي قبل أن أباشر جلسة التنويم الهاتفي!، فقال لي: “فكريّ في أي شي تحبينه، ففكرت في الحالة التي أنا فيها، متحفزة لأن أعرف ماذا يمكن أن يحدث! بعدها أردف قائلاً: “أطلقي العنان لخيالك وفكري فيّ! فأجبته على الفور: “دكتور إنت قليل الأدب”! (انتهى). بقي أن تعرفوا أنّ سبب أرق صديقتي هو، أنها كانت تتناول أقراص الفيتامين “C” ليلاً بشكل يومي، لظنها بأنه يصفيّ وينقيّ ويبيّض البشرة، ليمنحها إشراقة صباحية قبل ذهابها إلى العمل، ونسيت أنه منشط فعّال، لذلك كانت تداهمها نوبات النوم الساعة التاسعة صباحاً! أما الدكتور فأغلقوا عيادته ومتجره، بعد عدة شكاوى أخلاقية ضده، فانتقل من “تجارة” الطب البديل إلى تجارة بيع “الزّل”، أو السجاد!.. وسلامتكم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©