الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد كدار.. تجاربنا الكاريكاتيريّة مدجَّنة

خالد كدار.. تجاربنا الكاريكاتيريّة مدجَّنة
23 مايو 2017 19:06
جرأةُ رسّام الكاريكاتير المغربي خالد كدار واقتحامه أسوار المُحرّم، والدعاوى القضائية الكثيرة التي لاحقته، رفعت من منسوب شهرته في المغرب العربي وأوروبا عموماً، وزادت من تفاعل الناس مع رسوماته التي تتداولها وسائل التواصل المغربية على مدى النهار. لفت الانتباه أكثر من خلال موقعه «با بو بي» الذي أطلقه سنة 2012 إثر عودته من باريس، تحت شعار «لا وجود للممنوع ولا نؤمن بالخطوط الحمر ولا الخضر». أقام كدار في الخارج 12 عاماً، لم يتخلّ فيها عن الشأن المغاربي أبداً، مُواصلاً نهجه الذي بدأه في الصحف المحلّية، خصوصاً صحيفة «أخبار اليوم»، مُحمّلاً تجربته بالمزيد من الخبرات الفنّية الأنغلوفونية والفرنكوفونية، والتي اكتسبها من هجرته وعمله في الصحف الفرنسية والمواقع الإلكترونية العالمية. مع خالد كدار كان هذا الحوار: * هل تجد في موقعك «با بو بي» تفاعلاً أكبر وحرية أكثر من النشر الرسمي؟ ** مجال الحرية في مواقع التواصل عموماً أوسع بكثير، لكن حجم الحرية لا يمكننا أن نتحكّم به، هناك قوانين تُضيّق على هذه الحرية، وتفرض علينا التعامل بحذر مع ما نختاره للرسم، سواء أكان قضية أم شخصية أم مناسبة. الرسومات لها دلالات وحساسية عالية، ويبقى ذكاء الرسّام في كيفية التعامل مع الخطوط الحُمر التي نصطدم بها، والتي تعرّضتُ إثرها إلى محاكمات عدّة بسبب رسوماتي. سبب للحرج * لكن لماذا تُحرج رسوم الكاريكاتير المسؤولين والسياسيين أكثر مما تفعله الانتقادات الصحفية؟ * قوّة الكاريكاتير في كونه صورة وليس لغة، وهو غالباً يحملُ رسالة لاذعة تطالُ التابوهات في المجتمعات، ولأن الرسم هو الطريقة الأسرع لإيصال الفكرة، وبفعل قوّة وسائل التواصل الحديثة، ينتشرُ الكاريكاتير على نطاقٍ أوسع، فيكون الإحراجُ أكبر. من هنا تبدأ ردود الفعل والمنع والاستدعاء من قبل الشرطة، وتبدأ المتابعات القضائية وغيرها، علماً أن الكاريكاتير ليس إهانة ولا إساءة، وإنّما هو طريقة مختلفة في قول الأشياء. * هل ترك عملك في كُبريات الصحف والمواقع الفرنسية تأثيرات على توجّهاتك الأسلوبية والثقافية كرسّام؟ ** في الحقيقة أنا أُفضّل المدرسة الأنغلوفونية وليس الفرنكوفونية، لأنها تعطي أهمّية للصورة أكثر من اللغة، أي أنها رسومات من دون تعليقات، وهذا مهمّ جداً في الكاريكاتير، لأن الصورة تُبرز الجانب الفنّي والسيميولوجي، أيّ أنها تنقلُ مضمون اللسانيات للمساعدة على قراءة الرسم. نحن نستخدمُ الرموز الموحّدة دولياً، وأنا أوظّف هذه الرموز للتعبير عن واقع المغرب، لكني موضوعيّ وأترك الواقع يتكلّم. أساليب لا مدارس * برأيك هل توجد مدرسة فنّية كاريكاتيرية خاصّة بالمغرب العربي؟ ** توجد أساليب فنّية تختلف بين رسّام وآخر، وكل رسّام يختلف عن غيره في أصل المدرسة المُتأثّر بها. لدينا مزيج من الأساليب الفنّية، لكنها لم تُعطنا تجربة مغربية أو «ستايل» مغربياً خاصّاً، لذلك لا نزال في مرحلة التقليد، ولدينا جيل جديد من الرسّامين يُقدّمون نماذج متطوّرة، لكنها تجارب مُدجّنة وغير متمرّدة على واقعها إلّا أحياناً. ما هو واقع الكاريكاتير في المغرب اليوم؟ أعتقد أن الكاريكاتير بدأ يفرضُ نفسه بعد سنة 2010 عقب إقفال صحيفة «أخبار اليوم» ومنعها من الصدور، وذلك بسبب نشرها رسماً كاريكاتيرياً لأحد أفراد الأسرة الملكية. وقد تعرّض رئيس تحريرها حينها للملاحقة القضائية ودخل في حالة إضراب عن الطعام لأسابيع احتجاجاً، وأثارت القضية ضجّة كبيرة في وسائل الإعلام، بدأ الناس بعدها يلتفتون إلى الكاريكاتير كوسيلة جديدة لقول ما هو مسكوتٌ عنه. الكاريكاتير والصحافة * ماذا يضيف الكاريكاتير إلى المقال الصحفي؟ ** أشياء كثيرة لم يتجرّأ الكاتب الصحفي على قولها، يُمكن لرسّام الكاريكاتير أن يُمرّرها ويطرحُها على طريقته بأسلوب مُضمر. لذلك على الرسّام أن يقرأ المقال ويفهم مغزاه قبل أن يُقرّر ما سيرسمه، وعليه أن يُناقش الكاتب للإحاطة بجوانب الموضوع، وهذا ما أفعله دائماً. للرسم قوّة وأساليب تختلف عن سياقات اللغة والكتابة، وهو أحد أكثر الأدوات الحادّة التي يمكن الاعتماد عليها في ما يخصّ التعبير. * وكيف تبدو الصحيفة من دون رسم كاريكاتيري من وجهة نظرك؟ ** وجهٌ من دون عين، مثلاً، قد تكون الصحيفة مميّزة بإخراجها ومهمّة بمضمونها، لكنها من دون كاريكاتير تبقى ناقصة وتفقد مكوّناً أساسياً من مشروع اكتمالها. الكاريكاتير يرفدُ اللغة والمقال، ويُعزّز فكرة الكاتب واتّجاهات الصحيفة العامّة. طرفة ديغوليّة لطالما كانت شخصية الرئيس الفرنسي شارل ديغول، الأب الروحي للجمهورية الفرنسية الخامسة، مادة دسمة لصحيفة «لو كانار أونشينيه» الساخرة التي تأسّست سنة 1916، إذ كان الرئيس ضيفاً دائماً لدى رسامي الكاريكاتير، الذين تفنّنوا في تصويره بشكل يُثير السخرية والضحك غالباً. عندما سُئل الرئيس ديغول عن رأيه بالصحيفة، قال «لو كانار أونشينيه» هي الصحيفة الوحيدة التي تُضحكني».. وعن رؤيته للديكتاتورية قال: «سأكون ديكتاتوراً إذا تدخّلتُ ومنعت «لوكانار أونشينيه» من الصدور». إذ لم يجد الجنرال مُبرّراً للتدخل أو الضغط في اتّجاه منعها من الصدور، لأن ذلك كان سيُعتبر مساساً بالديمقراطية وحرّية التعبير، وتضييقاً على الصحافة وعلى الرأي الآخر في بلد الأنوار. وقبل ذلك، عندما فاز الرئيس ديغول في الانتخابات الرئاسية سنة 1958، عُرضت عليه صورة شخصية ليُسجّل ملاحظاته بشأنها قبل استخدامها كصورة رسمية للرئيس، فأجاب :»رسّامو الكاريكاتير سيتولّون هذه المهمّة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©