الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش نموذج رأسمالية الدولة في الاقتصادات الناشئة

26 مارس 2012
غيَّرت المقرات الرئيسية للشركات العملاقة، أوجه المدن في الدول الناشئة حيث يشابه مبنى التلفزيون المركزي في بكين مخلوقا فضائيا عملاقا، بينما يرتفع مقر شركة “بتروناس” للنفط في العاصمة الماليزية كوالالمبور 88 طابقاً. وترمز هذه البنايات إلى بروز هجين جديد من الشركات المدعومة من قبل الحكومات التي تمارس نشاطها كأنها شركات قطاع خاص. ومن المؤكد أن فكرة رأسمالية الدولة ليست بالجديدة، إلا أنها خضعت لعمليات تغيير جذرية. وكانت معظم الشركات المملوكة من قبل الحكومات في تسعينات القرن الماضي، شبيهة بالدوائر الحكومية في الأسواق الناشئة، بينما تقوم هذه الحكومات إما بإغلاقها أو تأميمها حال وصول الاقتصاد لمرحلة النضوج. ومع ذلك، لا تعكس هذه الشركات أي مؤشر يدل على تخليها عن قمة الريادة سواء كانت في القطاعات الكبيرة حيث تعود ملكية 10 أكبر شركات للنفط والغاز في العالم لبعض الحكومات، أو في الأسواق الكبيرة حيث تشكل 80% من قيمة سوق الأسهم في الصين ونحو 62% في روسيا. ولا تزال هذه الشركات تسير على ذات النهج ليبرز عملاق منها في كل قطاع جديد، حيث تملك مثلاً “شركة اتصالات الصين” نحو 600 مليون مشترك. كما تشكل الشركات المدعومة من قبل الحكومات نحو ثلث الاستثمارات الأجنبية العالمية المباشرة في الفترة بين 2003 -2010. وبالمعاناة التي تمر بها الدول الغربية والانتعاش الذي تعيشه الدول الناشئة، لم تعد الصين ترى في المؤسسات المدعومة من قبل الحكومات محطة في طريق الرأسمالية الليبرالية، بل نموذج يتسم بالاستقرار. ويعتقد الصينيون أنهم أعادوا تصميم الرأسمالية لتصبح أكثر فعالية، الشئ الذي يتفق معهم فيه العديد من قادة الدول الناشئة. وتتدخل البرازيل التي تبنت منهج التأميم في تسعينات القرن الماضي، في شركات مثل “فيل” و”بتروبراس” كما تعمل على إرغام الشركات الصغيرة على الاندماج لتشكل شركات وطنية كبيرة. ويثير هذا النهج أسئلة مثل، مدى النجاح الذي يمكن أن تحققه مثل هذه النماذج، وما ينتج عن ذلك داخل الأسواق الناشئة وخارجها. ويرى المدافعون عن رأسمالية الدولة أنها قادرة على توفير الاستقرار والنمو معاً. وكانت موجة التأميم التي قامت بها روسيا في تسعينات القرن الماضي بمثابة جرس الإنذار للعديد من الدول الناشئة، كما شجعت وجهة النظر الرامية إلى إمكانية تخفيف الحكومات لضغوطات الرأسمالية والعولمة ليس من خلال توفير البنية التحتية من طرق وجسور فحسب، بل بنية تحتية من الشركات الرائدة أيضاً. وهذا ما شجع حكومة سنغافورة على السماح للشركات الأجنبية وتبني أفكار الإدارة الغربية، بالإضافة إلى امتلاكها لعدد كبير من الشركات. وتعتبر الصين من أكبر المتبنين لهذا التوجه حيث يوجد رباط قوي بين الحكومة والأعمال التجارية. ويشابه النموذج الجديد لحد ما، موجة التأميم التي سادت بريطانيا ودول أخرى قبل نصف قرن. وتفوز شركات البنية التحتية الصينية بالعديد من العقود حول مختلف أنحاء العالم في حين خففت الحكومة الصينية من إحكام قبضتها على الاقتصاد. ومع ذلك، وبإلقاء نظرة فاحصة على هذا النموذج تتضح بعض نقاط الضعف، عندما تفضل الحكومة نوعاً معيناً من الشركات يبدأ النوع الآخر في المعاناة. وفي العام 2009، حققت “شركة الاتصالات الصينية” و”شركة النفط الوطنية” أرباحاً قدرها 33 مليار دولار، ما يفوق أرباح أكثر من 500 شركة من القطاع الخاص مجتمعة. وامتصت الشركات الحكومية الأموال والخبرات التي يمكن استغلالها بصورة أفضل في القطاع الخاص. وتشير الدراسات إلى أن الشركات الحكومية تفتقر للكفاءة في إنفاق رأس المال مقارنة بالشركات الخاصة، بالإضافة إلى بطء نموها. كما تنفق الشركات الحكومية أموالاً طائلة على البنايات الفاخرة في وقت يعاني فيه رواد الأعمال في جمع الأموال. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©