السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب باردة بين روسيا وأوكرانيا

حرب باردة بين روسيا وأوكرانيا
16 سبتمبر 2009 01:59
بعد مضي خمس سنوات على قيام أوكرانيا بثورتها السلمية والديمقراطية، التي تحدت من خلالها روسيا بجنوحها نحو الولايات المتحدة وأوروبا، يبدو أن موسكو تستعد للعودة مجدداً إلى هذه الجمهورية السوفييتية السابقة، فالرئيس الأوكراني الحالي الموالي للغرب، والذي جاء إلى السلطة باعتباره أحد أبطال «الثورة البرتقالية»، يعاني من تراجع كبير في شعبيته قبل أشهر قليلة فقط على موعد الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد، كما أن الرجل الذي دعمته روسيا في الانتخابات السابقة وفشل في الوصول إلى السلطة، يتقدم السباق الانتخابي، هذا فيما يبدو المرشح الثاني الذي يتبعه مباشرة مقبولا أيضا لدى الكريملن. لكن بدلا من الاكتفاء بهذه المكاسب الواضحة التي تصب لصالح مرشحين تنظر إليهم موسكو بعين الرضا، ضاعفت روسيا من جهودها لتصوير أوكرانيا على أنها جار معاد، موجهة لها في الوقت نفسه مجموعة من الشكاوى والاتهامات بشأن سياساتها لتتدهور العلاقات الثنائية بين البلدين إلى أدنى مستوى لها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. وفي هذا الإطار يقول «فاليري شالي»، الباحث في السياسة الخارجية بمركز «رازمكوف» في كييف: (تبدأ الحروب والصراعات بمناقشها كبدائل، واليوم ولأول مرة خلال سنوات تستخدم كلمة «حرب» لوصف الصراع، كما لم تستبعد باعتبارها مستحيلة). ويبدو أنه حتى بعد مرور ثمانية عشر عاماً على انهيار الاتحاد السوفييتي لم يستوعب العديد من الروس استقلال أوكرانيا، فهم مازالوا يكنون مشاعر قوية تجاه العلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين، ومع أن تلك العلاقات كان متوترة على الدوام إلا أنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور، لا سيما بعد الثورة البرتقالية عندما نزلت حشود كبيرة من المتظاهرين إلى الشارع احتجاجاً على تزوير الانتخابات ورافضة المرشح المدعوم من قبل روسيا لتنجح في النهاية في إيصال حكومة موالية للغرب إلى السلطة. وكان لهذه الانتفاضة الديمقراطية وما صاحبها من محاولة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي دور في إذكاء مخاوف المسؤولين الروس ليصبح تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف أمراً مألوفاً، لا سيما بعدما بلغت النقاشات بين البلدين حول إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي التي تمر عبر الأراضي الأوكرانية طريقاً مسدوداً. والأكثر من ذلك صعد المسؤولون الروس في الأسابيع الأخيرة من نبرتهم تجاه أوكرانيا بعد اتهامها بإرسال قوات إلى جورجيا لقتل الجنود الروس وتعطيل عمليات الأسطول الروسي في ميناء «سيفاستبول» الأوكراني، وفي الشهر الماضي أصدر الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، رسالة يدين فيها نظيره الأوكراني، «فيكتور يوتشينكو»، وبدا وكأن الرسالة عرض موجز لأسباب حرب قادمة، حيث عددت الرسالة مجموعة من السياسات المناهضة لروسيا بما فيها سعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والمعاملة السيئة التي يتعرض لها المستثمرون الروس، فضلا عن تقييد استخدام اللغة الروسية، وتعزيز رواية تاريخية تتهم الاتحاد السوفييتي بارتكاب جرائم إبادة ضد الأوكرانيين في ثلاثينيات القرن الماضي. وزاد ميدفيديف على ذلك بأن امتنع عن إرسال سفير جديد لبلاده إلى كييف، واصفاً التوتر بين البلدين أنه وصل إلى حدود «غير مسبوقة»، وعن هذا الموضوع يقول «أوليكساندر تريتياكوف»، زعيم برلماني من حزب الرئيس الحاكم في أوكرانيا «إننا عمليا دخلنا حرباً باردة مع روسيا»، معتبراً أن موسكو تسعى إلى توظيف نفوذها الاقتصادي والإعلامي لتصوير أوكرانيا على أنها دولة فاشلة وإجهاض ما حققته «الثورة البرتقالية» من مكاسب بعدما وصفتها روسيا بالانقلاب الذي خططت له الولايات المتحدة في أوكرانيا. ويرى البعض الآخر أن الكريملن إنما يحاول صرف انتباه الروس عن المشاكل الداخلية، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن المواقف السلبية للروس تجاه أوكرانيا هي أكبر من مواقفهم تجاه أميركا، وتدرك روسيا أن حكومة أوكرانية صديقة، هي ضرورة ملحة لتأمين مرور أنابيب نقل الغاز الطبيعي عبر الأراضي الأوكرانية، ولضمان استمرار استضافة أوكرانيا للأسطول الروسي في ميناء «سيفاستبول» بموجب الاتفاق بين البلدين، والذي ستنتهي صلاحيته عام 2017؛ لكن عدا المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، هناك أيضاً الروابط الوجدانية، حيث يرجع الروس والأوكرانيون تاريخهم إلى مملكة موحدة تمركزت حول كييف. وقد صرح رئيس الحكومة «فلاديمير بوتين» في إحدى المرات أمام الرئيس بوش أن أوكرانيا لم تكن دولة حقيقية، وفي أواخر شهر مايو الماضي قرأ أمام الصحفيين مذكرات جنرال روسي سابق يصف فيها أوكرانيا بـ«روسيا الصغيرة». وفي هذا السياق أيضا يقول «ديمتري ترينين»، مدير مركز كارينجي بموسكو إن الكريملن لا يستطيع أن يتصور روسيا كقوة كبرى بدون أوكرانيا، مضيفاً أن النقاش بين صناع القرار الروس هو بين المعتدلين الذي يريدون منع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي وضمان استمرار نقل الغاز الروسي، وبين مسؤولين يدعون إلى اتخاذ زمام المبادرة وبسط «الهيمنة الناعمة» على البلاد، مؤكداً أنه في الفترة الأخيرة «بدأت الأمور تميل إلى الرأي الأخير الداعي إلى تبني سياسة هجومية». فيليب بان - أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©