السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحافظ العراقي إمام الحديث وقاضي المدينة المنورة

الحافظ العراقي إمام الحديث وقاضي المدينة المنورة
16 سبتمبر 2009 01:43
العلامة الحافظ العراقي هو الحجة وعمدة الأنام وحافظ الإسلام وحيد عصره في الحفظ والإتقان وشهد له بالتفرد في علم الحديث والفقه والقضاء. ولد أبوالفضل عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي، العراقي الأصل، المصري المولد، الشافعي المذهب، في 21 من شهر جمادى الأولى سنة 725 هـ، ويلقب بـ»زين الدين» وأقامت عائلته في قرية رازيان ثم انتقل والده وهو صغير مع بعض أقربائه إلى مصر، إذ استقر فيها وتزوج منها. وكانت أسرته ممن عرفوا بالزهد والصلاح والتقوى، وقد كانت لعائلته مناقب ومفاخر، واشتهرت والدته بالاجتهاد في العبادات والقربات مع الصبر والقناعة. أما والده فقد عرف بخدمة الصالحين ومن أشهرهم الشيخ القناوي الذي بشر بمولد الحافظ العراقي، وسماه أيضاً، وتوفي والده وهو صغير لم يكمل الثالثة من عمره، ويقال إن الشيخ القناوي هو الذي كفله. ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: حفظ الحافظ العراقي القرآن الكريم، وهو في الثامنة من عمره، واشتغل في بدء طلبه العلم بدرس وتحصيل علم القراءات، ونصحه شيخه العز بن جماعة بالاكتفاء بما حصله والتركيز على علم الحديث لقوة ذاكرته. شيوخه كما تلقى دروس الفقه على ابن عدلان ولازم العماد محمد بن إسحاق البلبيسي، وأخذ عن الشمس بن اللبان، وجمال الدين الأسنوي الأصول، وكان الشيخ القناوي في سنة سبع وثلاثين قد قدمه للأمير سنجر الجاولي، والقاضي تقي الدين بن الأخنائي المالكي وغيرهما. وعرف بسعة الاطلاع وجودة القريحة وصفاء الذهن وقوة الحفظ وسرعة الاستحضار وابتدأ الطلب بنفسه، وكان قد سمع على عبدالرحيم بن شاهد الجيش وابن عبدالهادي الحافظ علاء الدين بن التركماني وأبي الفتح الميدومي، وقرأ بنفسه على الشيخ شهاب الدين بن البابا، وصرف همته إلى التخريج على يد العلماء الثقات ورحل إلى دمشق فدخلها سنة 754 هـ وأخذ عن ابن الخباز وزار معظم مدن بلاد الشام طلبا للعلم فأخذ عن ابن قيم الضيائية والشهاب المرداوي، وسليمان بن إبراهيم بن المطوع والجمال إبراهيم والشهاب محمود، وسمع بمكة أحمد بن قاسم الحرازي والفقيه خليل إمام المالكية بها، والعفيف المطري، والعلائي وخليل بن عيسى القيمري. رحلاته لطلب العلم زار الحافظ العراقي الإسكندرية وبعلبك وحماة وحمص وصفد وطرابلس وغزة ونابلس طلباً للحديث حتى برع فيه رواية ودراية، وصار المعول عليه في إيضاح مشكلاته وحل معضلاته، وأصبح ضليعاً بأسماء الرجال والتخريج، وعارفاً بوفيات الرواة، وبارعاً في لغة الحديث، واستقامت له الرئاسة فيه والتفرد بفنونه حتى إن كثيراً من أشياخه كانوا يرجعون إليه وينقلون عنه. أشاد به العلماء وأثنوا عليه وقال عنه ابن حجر: «صار المنظور إليه في هذا الفن من زمن الشيخ جمال الدين الأسنائي، ولم نر في هذا الفن أتقن منه وعليه تخرج غالب أهل عصره». وقال شيخه العز بن جماعة: «كل من يدعي الحديث في الديار المصرية سواه فهو مدع»• وقال التقي بن رافع السلامي: «ما في القاهرة محدث إلا هذا والقاضي عز الدين ابن جماعة». وعندما بلغته وفاة العز قال: «ما بقي الآن بالقاهرة محدث إلا الشيخ زين الدين العراقي»، وقال ابن الجزري: «حافظ الديار المصرية ومحدثها وشيخها»، قال ابن ناصر الدين: «الشيخ الإمام العلامة الأوحد شيخ العصر حافظ الوقت شيخ المحدثين علم الناقدين عمدة المخرجين»، وقال ابن قاضي شهبة: «الحافظ الكبير المفيد المتقن المحرر الناقد محَدث الديار المصرية ذو التصانيف المفيدة». وتولى الحافظ العراقي العديد من المناصب لمكانته العلمية، فتولى التدريس في العديد من مدارس مصر والقاهرة منها دار الحديث الكاملية والظاهرية القديمة والقراسنقرية وجامع ابن طولون والفاضلية، وجاور مدة بالحرمين وتولى قضاء المدينة المنورة والخطابة والإمامة فيها في 12 جمادى الأولى سنة 788 هـ، حتى 13 شوال سنة 791 هـ• وقال عنه تلميذه الحافظ ابن حجر: «كان الشيخ منور الشيبة جميل الصورة، كثير الوقار، نزر الكلام، طارحاً للتكلف، ضيق العيش، شديد التوقي في الطهارة، لطيف المزاج، سليم الصدر، كثير الحياء، قلما يواجه أحداً بما يكرهه ولو آذاه، متواضعاً منجمعا. وتتلمذ على الحافظ العراقي الكثيرون، منهم الإمام برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن أيوب الأبناسي، والإمام الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي القاهري، والإمام العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبدالرحيم بن الحسين العراقي. مؤلفاته خلف الحافظ العراقي الكثير من المصنفات في الحديث وعلومه والفقه وأصوله وعلوم القرآن غير أن أكثر مصنفاته فقدت ومن أهم مؤلفاته «أجوبة ابن العربي»، «إحياء القلب الميت بدخول البيت»، و»الاستعاذة بالواحد من إقامة جمعتين في مكان واحد، و»أسماء الله الحسنى، و» ألفية في غريب القرآن، و»تتمات المهمات، و»تاريخ تحريم الربا، و»التحرير في أصول الفقه»، و»ترجمة الإسنوي»، و»تفضيل زمزم على كل ماء قليل زمزم»، و»العدد المعتبر في الأوجه التي بين السور»، و»فضل غار حراء»، و»القرب في محبة العرب»، و»قرة العين بوفاء الدين»، وتوفي -رحمه الله- في يوم الأربعاء الثامن من شعبان سنة 806هـ.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©