السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعليم اللغة العربية··· بروباجندا هارفارد

تعليم اللغة العربية··· بروباجندا هارفارد
15 يوليو 2008 01:59
بطلة مادة اللغة العربية ''أ'' في جامعة هارفارد فتاة تدعى ''مها محمد أبو العال''، إنها بطلة الدراما الحزينة التي يرويها الكتاب المدرسي لمادة اللغة العربية الخاص بالمبتدئين بجامعة هارفارد وجامعات أخرى، واسمه ''الكتاب''، نتعلم نطق أولى جملنا العربية بالتعبير عن قلق ومخاوف ''مها'' التي لا علاج لها، فنعرف في الفصل الأول من الكتاب أن ''مها'' تعاني الوحدة، وفي الفصول الموالية، نعلم أنها تكره نيويورك، وليس لديها صديق، وتغتاظ من أمها، ثم سرعان ما نتعرف على أقاربها في مصر والذين يبعثون على الحزن أيضا -مثل ابن عمها خالد الذي توفيت والدته في حادث مرور وأرغِم على دراسة إدارة الأعمال بعد أن نصحه والده بالابتعاد عن الأدب لأنه ''لا مستقبل فيه''، وعلى غرار مها، فإن خالد لا يعرف أي فتاة، فتتدخل العائلة في الأخير وتقرر تزويج ابني العمومة، وهو ما يجعل كل واحد منهما أكثر تعاسة، ثم تنتهي القصة· منذ الحادي عشر من سبتمبر ،2001 تضاعف عدد الأميركيين الذين يتعلمون اللغة العربية حيث تم تسجل نحو 24 ألف طالب أميركي في دروس اللغة العربية في خريف ،2006 وذلك حسبما أعلنت ''جمعية اللغات المعاصرة'' في نوفمبر المنصرم، وإذا كان عدد المعاهد والكليات التي تُعلم اللغة العربية في 2002 بلـــغ ،264 فإن هـــذا العدد ارتفع في السنة الجامعية 2006-2007 إلى ·466 وبإقباله على تعلم اللغة العربية، يُبرز الشباب الأميركي الطموح استجابته الإيجابية للتحديات الجديدة التي تواجه بلدنا، إلا أنه لا يوجد عدد كاف من المعلمين لمواكبة هذا الطلب المتزايد، وعلاوة على ذلك، فإن الكتب الدراسية حافلة بالأحكام النمطية والآراء الجاهزة والقديمة لشرق أوسط ما قبل الحادي عشر من سبتمبر· ونتيجة لذلك، فإن دراسة اللغة العربية في أميركا اليوم تعني أن يُزج بك في عالم من الحنين والخذلان والندم، وذلك حتى قبل أن تلامس المواضيع السياسية، فقرص الـ''دي في دي'' الذي يأتي مع ''الكتاب'' يتضمن صورا من المسيرات الشعبية الحاشدة التي كانت تجوب شوارع القاهرة -بما في ذلك الشعارات من قبيل ''إخواننا في الأمة نحن معكم!''، ثم يصف الراوي هذه المشاهد بأنها ''أحلام شبابه''، أما الدرس المرافق، فيصف أبرز محطات حياة ناصر السياسية، مثل تأميم قناة السويس وتشكيل ''الجمهورية العربية المتحدة''، بينما لا يأتي على ذكر هزيمـــــة مصــــر في ''حـــرب الأيــــام الستة'' -يونيو 1967- أو حكم عبد الناصر القمعي والوحشي، بل لقد طُلب منا في الفصل أن نقرأ سويا فقرة حول عبد الناصر من باب ممارسة القراءة· الدرس الأخير في الكتاب تظهر فيه والدة ''مها'' وهي تتحدث بحسرة وحزن عن طفولتها في فلسطين وتقول أشياء من قبيل: ''لقد انتزعوا مني طفولتي!''، وعلى خلفية موسيقى حزينة في الـ''دي في دي''، تتحدث عن العودة إلى القدس كما لو أنها واحدة من اللاجئين، والحال أن الصور تشير إلى أنها غادرت طواعية بعد حرب الأيام الستة، عندما عرضت إسرائيل على سكان القدس الشرقية العرب جنسيتها، كما يغفل الكتاب حقيقة أن إسرائيل تقول أيضا إن القدس عاصمتها· وعلاوة على ذلك، شاهدت في الفصل الدراسي ثلاثة أفلام هذا العام، أحدها يحمل عنوان ''بيروت الغربية'' وقدم المسيحيين باعتبارهم الأشرار الرئيسيين في الحرب الأهلية اللبنانية -والحال أنه لا بد من باب الإنصاف القول إن الكراهية لم تستثنِ أي طرف-، الفيلم الآخر هو ''قصة ثلاث جواهر''، وهو فيلم حول الوطنية الفلسطينية ويقدم الجنود الإسرائيليين على أنهم قتلة للأطفال متعطشين للدم، أما الفيلم الثالث، وعنوانه ''المصير''، فيحكي قصة الفيلسوف المسلم العظيم ابن رشد، الذي عاش في القرون الوسطى، ومعاناته وكفاحه في مواجهة الأصولية الدينية، وقد كان فيلما أكثر إيحاء من الفيلمين الأولين، ولكنه أغفل حقيقة أنه فقط من خلال المنسوخات العبرية لكتابات ابن رشد من قبل علماء يهود في مصر أمكن حفظ أعماله للخلف· الأصدقاء والأقارب الذين استعملوا ''الكتاب'' في جامعات أميركية أخرى يتحدثون عن تجارب بئيسة مماثلة، وقد أنشأ الطلبة في كليات ومدارس ثانوية مختلفة ''بروفايلات'' في موقع ''فيس-بوك'' لـ''مها''، حيث يخبر البروفايل الذي أنشأه طلبة هارفـــارد، مثـــلا، زوار الموقـــع في فقرة ''معلومات عني''بـ: ''أنا وحيدة جدا، فلدي صديق واحد فقط، ووالداي مشغولان دائما''· قد نضحك، إلا أن ثمة مشكلة حقيقية بخصوص هذا الغرس والترسيخ للحزن والبؤس، فمعظم فصول تدريس اللغة الخاصة بالمبتدئين تتجنب المواضيع السياسية المثيرة للجدل، وتعمل في كثير من الأحيان على إبراز الجوانب الأكثر إشراقا من ثقافات مختلفة، وبالتالي، يجوز التساؤل: ألا يمكننا أن نعد كتابا أفضل، ولاسيما في ظل الأهمية المتزايدة للغة العربية؟ لقد طلب مسؤولو مقاطعة فيرفاكس (ولاية فرجينيا) من وزارة الخارجية التحقيق في المواد التعليمية المعتمَدة في مدرسة تمولها السعودية· ولئن كان ''الكتاب'' واحدا من منشورات جامعة جورج تاون، وأُعد بمساعدة من ''المؤسسة الوطنية للعلوم الإنسانية''، فربما ينبغي علينا أيضا أن نبحث محتوى المواد المموَّلة من قبل الحكومة الفدرالية أيضا، والمعتمَدة في البرامج العربية بجامعاتنا· فتعلم اللغـــة العربية لا ينبغي أن يتضمن دروسا في البروباجندا السياسية· جويل بي· بولاك طالب في كلية القانون بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©