السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياحة التراثية تستقطب أنظار العالم إلى أبوظبي

السياحة التراثية تستقطب أنظار العالم إلى أبوظبي
22 مايو 2010 20:45
تعتبر زيارة المرافق التراثية والمواقع التاريخية للسياح في الإمارات أول أهداف هؤلاء الزوار والسياح فهي كنز من كنوز الإمارات وشاهد على تاريخها وحاضرها، وتدل دلالة قاطعة على صمود إنسانها وتضحياته ودوره في الحفاظ على تراثه. لذا كرّس “نادي تراث الإمارات” والمؤسسات الرسمية كهيئة أبوظبي للسياحة، وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، الجهود والاهتمام لإحياء التراث ونشره في أبهى حلة تعزيزاً لدوره الحضاري. يشكّل التراث جوهر ما تقدمه الإمارات للزوار والسياح، لذا فإن حماية هذا التراث هو أولوية للعاصمة أبوظبي التي تدرج في برامج السياحة الثقافية معظم المرافق التراثية والأوابد التاريخية والأثرية ليطلع عليها زوّار الإمارة. مفهوم جديد السياحة التراثية بحسب المؤرخ د. فالح حنظل: “أحد أنواع السياحة الثقافية، ويقصد بها الأنشطة والمفاصل المرتبطة بالتراث الثقافي غير المادي (اللغة والعادات والتقاليد والأدب الشعبي بأنواعه) أو المادي مثل (القصور والمواقع التاريخية والحصون) الذي خلفه لنا الأجداد، لتشكل بذلك مفهوماً جديداً في السياحة”. يضيف حنظل: “تعتبر الإمارات واحدة من البلدان الغنية بالتراث الثقافي الذي يعود إلى أزمنة تاريخية، ويتنوع ما بين مواقع أثرية ومبان تاريخية وتقليدية وقلاع ومساجد ومقابر وقطع أثرية وصناعات تقليدية وأسلحة قديمة، ومثال على ذلك (مدافن أم النار، القطارة، قرية حتا، الحيرة، موقع الدور، موقع الزورة، مسجد البدية، قصر الزباء). فضلاً عن عشرات قرى التراث المنتشرة في مدن وإمارات الدولة، وفي مقدمتها القرية التراثية على كاسر أمواج أبوظبي، وجميعها مفاصل تراثية تستقطب زوّار الدولة والمقيمين على أرضها فتصبح من ذكرياتهم وتسكن وجدانهم”. باتجاه الماضي تعرّف السياحة التراثية على أنها “تجربة سفر باتجاه الماضي حيث الجذور وعمق التاريخ، من خلال أماكن أو أنشطة أو مهن أو تقاليد تمثل أصالة الناس وحكايات الماضي التي تعني فيما تعنيه التاريخ والثقافة والمجتمع والموارد الطبيعية”. منذ سنوات بدأت السياحة التراثية في أبوظبي تنمو بشكل متصاعد، وتساعد على حماية كنوز الدولة الثقافية المتصلة بماضيها قبل ظهور النفط، حيث عانى الأجداد من قسوة الصحراء وشظف العيش. فانبرى “نادي تراث الإمارات” عبر مرافقه العديدة خاصة “القرية التراثية” إلى التعريف بتراث المنطقة والأجداد عبر توفير ذات البيئات البرية والبحرية والزراعية التي كانت سائدة قبل مئات الأعوام في المنطقة؛ داخل أرجائها. يقول إبراهيم الحمادي- مدير القرية التراثية: “تم تشييد القرية بأسلوب هندسي يناسب عراقة الماضي،‏ بهدف المحافظة على تراث الدولة وتعليم وتثقيف الأجيال بماضي الآباء والأجداد، وتنظيم وتطوير الأنشطة التراثية عبر إقامة المهرجانات والمعارض المتعلقة بالجانب التراثي للدولة، ونشر الوعي الفكري والثقافي لتعميق الحس الوطني لدى أبنائها، وتعريف الزوار والسياح بتاريخ المنطقة وتراث أجدادها والاطلاع على ثقافة الإمارات في كافة المجالات وإثراء معلومات الوفود السياحية بكل معطيات الثقافة والمعرفة والعلوم المتعلقة بذلك” ويضيف الحمادي: “يقصد السياح القرية من معظم دول العالم، حيث تتصف بجماليات فنية عديدة وتتجلى لمسات الإبداع في بنائها والزخارف التي حفرت على أبواب مرافقها وسوقها الشعبي ومعرض المنتجات المصنوع من سعف النخيل والخوص، ليتجلى سحر الماضي بأبهى صوره مداعباً أخيلة الزوار والوفود السياحية والرحلات المدرسية الزائرة”.‏ تطوير وترويج منذ تأسيسها سعت هيئة أبوظبي للسياحة إلى أن تكون بمثابة الجهة المعنية بتطوير وترويج قطاع السياحة التراثية، فنجحت في تنظيم الأنشطة السياحية ذات الطابع التراثي في الإمارة؛ من خلال الربط بين السياحة والتراث والثقافة.. تقول هدية عيسى المرزوقي -منسقة أدلة سياحيين: “الفكرة الأساسية في مجال السياحة التراثية هي حفظ التراث والثقافة وتقاسمها مع الزوار وجني الفوائد الاقتصادية والمعنوية من السياحة التراثية لأنها تعرّف الأمم بنا أجداداً وأحفاداً. لذا يعتمد تطوير السياحة في أحد جوانبها على حماية التاريخ والتراث والثقافة، وتقديمهم للآخر عبر طرق جديدة تجذبهم، خاصة أن السياحة والحفاظ على التراث هي أكثر عرضة للتداخل الإيجابي والتطابق بينهما”. تضيف المرزوقي: “الحمد لله نحن من المجتمعات التي لم تفقد تراثها، ولدينا موارد تاريخية وثقافية واجتماعية وطبيعية لجذب السياح الزائرين، فكل وقائع الحياة اليومية لأجدادنا يجدها الزائر في قرى التراث والمتاحف وكبرى الفنادق وحتى في دوارات الشوارع الرئيسة حيث تطالعهم مجسمات دلال القهوة والمباخر والمندوس والنخلة والصقر والسيف والخيمة وغيرها من تفاصيل تراثية عريقة كلها تروّج لتراثنا”. مساجد ومتاحف يحرص أبناء الدولة والمقيمون على أرضها وكذلك السياح على زيارة المساجد، القديمة منها كمسجد البدية أو الحديثة كمسجد الشيخ زايد، ذات الطراز المستوحى من التراث المعماري العربي والمحلي، وكذلك زيارة القلاع والحصون والمتاحف المنتشرة في كافة إمارات الدولة، كون تلك المتاحف تختصر كافة مفاصل التراث المحلي ووقائع حياة الأجداد وتاريخ المنطقة بكافة بيئاتها، وتروي سيرة القائد زايد باني الإمارات، كما في متحف مدينة العين. إذ أكد محمد النيادي- مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث: “يضطلع متحف العين الوطني منذ إنشائه عام 1969 بأدوار مختلفة تجاه المجتمع المحلي والوفود السياحية التي تزور مدينة العين بصفة خاصة والدولة بصفة عامة، وكذلك الوفود الرسمية وطلاب وطالبات المدارس والجامعات المختلفة حيث يتعرفون على الحياة الاجتماعية لإنسان الإمارات والتي كانت سائدة في العصور الزمنية السابقة. كما تشهد مباني المتحف على ماضي قائد عظيم حوّل الحلم إلى حقيقة وتمكن من تأسيس دولة عصرية في زمن قياسي”. في ذلك تقول كلارا يوانسي- سائحة فرنسية: “زرت عشرات من القلاع والحصون والمساجد والمعالم التاريخية والدينية في الإمارات، وأعجبني في متحف العين تلك المرافق والمقتنيات التي تروي حكاية شعب وقائد وماض وحاضر”. فيما يقول موريسيو دي فيليب- مهندس ايطالي: “أذهلني مسجد الشيخ زايد بروعة معماره فقد تجلى فيه العنصر المعماري التاريخي بخصائص تحاكي العمارة المحلية التراثية”. قرى تراثية تتألق في أبوظبي القرية التراثية التي يقصدها مئات الزوار يومياً، حيث تضم في جنباتها سوقاً للمهن الشعبية يقوم الحرفيون بإنجاز حرفهم أمام السياح من أعمال في مجال “الفخاريات والجلديات والزجاج وصناعة الدلال والسيوف والخشبيات والموزاييك” وتدخل تلك الصناعات في باب نشر التراث وخلق تجمع إنساني في أجواء من المعرفة والاطلاع والمتعة والفائدة. فضلاً عن إطلاق مهرجان أسبوعي كل يوم جمعة لتعريف السياح بالتراث الثقافي والاجتماعي للمنطقة. يقول فهد العازمي- سائح كويتي: “ليس غريبا على أبناء الإمارات هذا التفوق السياحي، فأبوظبي باتت قبلة الأنظار، وشخصياً استمتعت بفرقة الفنون الشعبية التي قدمت عروض شيقة في القرية التراثية، وتفاعلت مع الموسيقى والغناء والأداء الحركي للفرقة”. بينما تقول زوجته فاطمة الراشد: “يتضح التطور السياحي في أبوظبي المدعم بحسن الضيافة والكرم، فقد تذوقنا أشهى المأكولات المحلية وحصلنا على هدايا تذكارية عبارة عن مجسمات صغيرة لصقور وإبل”. بينما قالت بابالولينا- مترجمة هولندية: “ثمة مفاجأة رائعة في برنامجنا السياحي تجلت في ركوبنا الخيل والإبل، وهو نشاط مارسناه في القرية لأول مرة في حياتنا”. هيئات تراثية ثقافية تسعى هيئة أبوظبي للثقافة والتراث إلى تفعيل السياحة التراثية الثقافية من منطلق حرصها على تقديم الوجه الحضاري المشرق للإمارات. فالتراث الثقافي يقدم للسياح بطاقة تعريف واضحة وصورة صادقة عن البلد، لذا تقدم خططها وبرامجها الدورية كل ما من شأنه التعريف بثقافة وتاريخ وتراث الدولة وأبنائها، سواء عبر الفنون الإبداعية التي تحاكي التراث والتاريخ أوعبر المنتجات المحلية التراثية. يقول بيدرو بال - سائح إنجليزي: “أعجبتني أنا وأعضاء الوفد فكرة الجلوس في بيوت الشعر “الخيمة” وتناول القهوة العربية، والاطلاع على عدة مهن قديمة كانت النسوة العاملات في المشغل اليدوي تنجزها أمامنا”. وافقته الرأي زميلته إيزلا- فنانة تشكيلية، وقالت: “أشكر القائمين على الهيئة لأنهم يشجعون الزوار على متابعة وتنمية معارفهم ومعلوماتهم في المجال التراثي الفني، فيحققون لنا بذلك التواصل الثقافي بين الشعوب”. فيما انصرفت بعض السائحات صغيرات السن ممن يرافقن أسرهن إلى اقتناء بعض منتجات قسم تطوير التراث في الهيئة كالسلال والجفائر ومصنوعات السدو وعلب الدخون ومجسمات صغيرة للكاجوجة التي يصنع منها التلي الخاص بأثواب النسوة. إن استثمار السياحة التراثية للتواصل مع جمهور السياح ونشر التراث المحلي بصورة حضارية، يسهم كثيراً في التعريف ونشر موروثنا الشعبي وقيم وتقاليد تراثنا الوطني في نفوس الزوار وضمائرهم، والتأكيد بأننا أمة عريقة صبرت وصمدت فحققت التميز والتألق.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©